سعر صرف الليرة، والتوازن المالي، وانتشار الفساد، أبرز الاستحقاقات التي تواجه تشكيل الحكومة اللبنانية برئاسة نواف سلام، وبحسب تقرير ل"اقتصاد الشرق مع بلومبرغ" هناك تحديات إضافية تتمثل في تعيين حاكم جديد للمركزي وإعادة التفاوض مع صندوق النقد الدولي لتأمين تمويل عملية التعافي الاقتصادي.

بعد سنوات من الجمود السياسي، عاد محرك المؤسسات الحكومية في لبنان إلى العمل مجدداً بعد انتخاب جوزاف عون رئيساً، وتكليف نواف سلام لتشكيل حكومة. ورغم أهمية هذه الخطوات لكسر حالة الفراغ، إلا أن التحديات السياسية والاقتصادية الضخمة تجعل من الصعب التنبؤ بمستقبل البلاد.

وبحسب "اقتصاد الشرق مع بلومبرغ" حصل سلام على 84 صوتاً في الاستشارات النيابية الملزمة، متفوقاً بفارق كبير على رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي حصد 9 أصوات فقط، في حين امتنع 34 نائباً عن تسمية مرشح.

رغم أن سلام حصد أصوات الأكثرية، ولكن حيثية النواب الذين رفضوا تسمية أحد، أو حتى أولئك الذين سموا ميقاتي، تشكل أول تحدٍ أمام رئيس الحكومة المقبل.

يفترض أن يبدأ رئيس الحكومة المكلف عملية التشكيل، على أن يعرضها على مجلس النواب المؤلف من 128 نائباً للتصويت. وفي حال حصول الحكومة على الثقة فتستطيع عندها بدء عملها وتنفيذ بيانها الوزاري. وعادة ما تستغرق هذه العملية أسابيع وحتى أشهر، نتيجة الانقسامات السياسية بين الكتل.

ولكن الانقسام ظهر مبكراً مع امتناع نواب "حزب الله" بكتلتهم البالغة 15 نائباً و"التنمية وكتلة التحرير" التي لديها العدد نفسه من النواب أيضاً، عن تسمية أي أحد لرئاسة الحكومة، مما يشير إلى أن أن مسيرة سلام نحو تشكيل الحكومة قد تكون مليئة بألغام سياسية.

انزعاج "حزب الله"

كتلة "حزب الله" كانت أكثر المنزعجين من تكليف سلام الذي لم يحظ بأي صوت شيعي، في بلد منقسم طائفياً.

أعربت الكتلة عن موقفها بوضوح، إذ قال رئيسها محمد رعد بعد لقاء مع جوزاف عون، إن الاجتماع مع الرئيس كان "من أجل الإعراب عن الأسف لمن يريد أن يخدش إطلالة العهد التوافقية"، مضيفاً: "مرة جديدة يكمن البعض من أجل التفكيك والشرذمة والإلغاء والإقصاء تعنتاً وكيدية وتربصاً... نقول بكل بساطة إنه من حقهم أن يعيشوا تجربتهم، ومن حقنا أن نطالب بحكومة ميثاقية، لأن أي سلطة تناقض العيش المشترك لا شرعية لها على الإطلاق".

كلام رعد ليس الأول من نوعه داخل أوساط الحزب والمقربين منه، حتى أن رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع علّق على موضوع الميثاقية، مشيراً في تصريحات تلفزيونية، إلى أن الحديث عن محاولة الإقصاء "يكون في حال قرر رئيس الحكومة المكلف، تشكيل حكومة بدون تمثيل للشيعة"، مضيفاً أن "القوات" ستقف ضد سلام في حال قام بذلك.

ولكنه أوضح أن "الميثاق الوطني في الدستور اللبناني مبني على الشراكة بين المسيحيين والمسلمين، أي وفق التوازن بين الطوائف وليس بين المذاهب".

استحقاقات اقتصادية

رغم احتمال حل الخلافات عبر الحوار وتقاسم الأدوار الوزارية أو اللجوء إلى حكومة تكنوقراط مستقلة عن الأحزاب، فإن بدء "عهد جديد" وسط توترات مع "حزب الله" و"حركة أمل" يُظهر تحديات كبيرة؛ خاصة مع وجود استحقاقات اقتصادية وسياسية كبرى تتطلب توافقاً بين غالبية الكتل السياسية لتجنب تعميق الأزمات.

أبرز الاستحقاقات الاقتصادية تتمثل في الحفاظ على بعض المنجزات التي حدثت خلال الفترة الماضية، مثل سعر صرف الليرة اللبنانية المستقر، والتوازن المالي، ما يعني أن الحكومة الجديدة بحاجة لإيجاد توافق حكومي لتعيين حاكم جديد للمركزي بعدما انتهت ولاية رياض سلامة، وتسلم نائبه وسيم المنصوري المهام مؤقتاً.

بالإضافة لما سبق، فإن إعادة إعمار ما دمرته الحرب الأخيرة مع إسرائيل من التحديات الرئيسية، وهو أمر أشار إليه رعد في تصريحه أيضاً، معتبراً أن الحزب سيراقب ما ستقوم به الحكومة الجديدة في هذا المجال.

يقدر "البنك الدولي" أن كلفة إعادة إعمار لبنان تقدر بنحو 5.1 مليار دولار، يضاف إليها خسائر وأضرار أخرى تقدر بنحو 3.4 مليار دولار.

وفي حين يذهب بعض الخبراء إلى تقدير الخسائر المباشرة وغير المباشرة بنحو 10 مليارات دولار، فإن تقديرات البنك تشير إلى أنها تمثل نحو 50% من الناتج المحلي في لبنان بعد أزمة 2019 التي أفقدت الليرة اللبنانية نحو 90% من قيمتها، ودفعت نحو نصف السكان إلى حافة الفقر.

تحسين العلاقة مع المجتمع الدولي

هذه الكلفة لا يستطيع لبنان وحده تحملها، ما يعني أنه سيلجأ إلى المجتمع الدولي والدول المانحة، وبالتالي فإن سلام بحاجة إلى تحسين العلاقات مع المجتمع الدولي والعربي.

ظهرت بعض المؤشرات الإيجابية على اقتراب فك عزلة لبنان، إذ أعرب أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط بعد لقاء مع جوزاف عون، عن ثقته في أن "الكثير من الأمور ستتحرك إيجابياً للأمام خلال الفترة القادمة".

كما أفادت وكالة الأنباء الإماراتية، بأن وفداً رفيع المستوى وصل إلى لبنان لإجراء ترتيبات إعادة فتح السفارة بعد 3 سنوات على إغلاقها. هذه الترتيبات تأتي بعد يوم من اتصال بين الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد والرئيس اللبناني المنتخب، حيث اتفقا على اتخاذ الخطوات اللازمة لإعادة فتح السفارة.

وأكد وزير الخارجية الكويتي عبدالله اليحيا في تصريح لـ"كونا"، وجود ترتيبات لزيارة لبنان، لافتاً إلى أن "دعم لبنان وسوريا قيد الدراسة".

الرئيس اللبناني المنتخب يحظى بدوره بتأييد دولي، إذ بادر العديد من رؤساء العالم إلى تهنئته فور فوزه بالمنصب، على غرار العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، حتى أن الرئيس الأميركي جو بايدن قال في بيان بعد انتخاب عون إنه "يحظى بثقتي. وأعتقد اعتقاداً راسخاً أنه الزعيم المناسب لهذه المرة"، متعهداً بدعم الشعب اللبناني لأنه "اختار طريقاً يتماشى مع السلام والأمن والسيادة وإعادة الإعمار، بالشراكة مع المجتمع الدولي".

إعادة التفاوض مع صندوق النقد

إن فك العزلة العربية والدولية قد يشكل خطوة أولى لإعادة التفاوض مع صندوق النقد الدولي بشأن حزمة دعم جديدة، ما يسمح للبنان بالعودة إلى الأسواق الدولية وتأمين التمويل اللازم لبدء عملية التعافي الاقتصادي. هذا المسار بات أكثر إلحاحاً بعد فشل البلاد في تنفيذ الإصلاحات التي طالب بها الصندوق ضمن الاتفاق الأولي الموقع في عام 2022.

هذا يعني أن أبرز تحديات الحكومة المقبلة في هذا المجال، تتمثل في إقرار القوانين، مثل قانون الكابيتال كونترول، التي تم الاتفاق عليها مع الصندوق، وإيجاد حل عادل لأزمة المودعين، ويضمن في الوقت ذاته، استمرارية القطاع المصرفي ويعيد الثقة إليه، وهو أمر ليس يسيراً، إذ عجزت عنه الحكومات المتعاقبة منذ 2019.

يتطلب هذا الوضع من رئيس الوزراء.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من صحيفة الاقتصادية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من صحيفة الاقتصادية

منذ 8 ساعات
منذ 11 ساعة
منذ 11 ساعة
منذ 40 دقيقة
منذ 7 ساعات
منذ دقيقة
قناة CNBC عربية منذ 9 ساعات
قناة CNBC عربية منذ 14 ساعة
مجلة رواد الأعمال منذ 10 ساعات
قناة العربية - الأسواق منذ 7 ساعات
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 16 ساعة
صحيفة الاقتصادية منذ 18 ساعة
صحيفة الاقتصادية منذ 22 ساعة
قناة CNBC عربية منذ 3 ساعات