مخاوف من إدارة الشرع تمنع رفع العقوبات عن سوريا في المدى القريب

يتطلع السوريون في هذه الآونة إلى كتابة فصل جديد من تاريخ وطنهم، عقب سقوط نظام الأسد الذي حكم البلاد لأكثر من نصف قرن من الزمن، لكن وعلى ما يبدو أن هذه التطلعات تصطدم بحواجز منيعة تقف حائلة دون تحقيقها، ولعل في مقدمتها العقوبات الدولية المفروضة على سوريا، بسبب استخدام نظام بشار القمع ضد الاحتجاجات التي نادت برحيله منذ عام 2011 وحتى سقوطه في ديسمبر الماضي.

تلك العقوبات لا تزال انعكاساتها السلبية حاضرة وبقوة على المشهد السوري برمته، وما يزال السوريون يواجهون تحديات اقتصادية بالغة الصعوبة، خصوصا في مجالات الطاقة والخدمات الأساسية المتمثلة في الكهرباء المنقطعة والمياه غير المتوفرة ناهيك عن التجارة المتعثرة، وهو ما تسبّب في خلق حياة معيشية قاسية على الشعب السوري.

من أبرز العقوبات المفروضة على سوريا:

تصنيفها دولة راعية للإرهاب من قبل الولايات المتحدة عام 1979، ما أدى إلى فرض عقوبات تشمل حظر الأسلحة والقيود المالية.

قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين الذي فرضته الولايات المتحدة وبدأ العمل به في عام 2020، والذي يستهدف كل مَن يقدم دعماً اقتصادياً أو عسكرياً للنظام السوري.

قانون مكافحة الكبتاغون "1-2" ويستهدف تجارة المخدرات في سوريا والتي كانت تنتجها الميليشيات الإيرانية في سوريا بالتعاون مع جيش النظام السابق.

حظر استيراد النفط السوري من قبل الاتحاد الأوروبي، والذي أثّر بشكل كبير على الإيرادات المالية.

تجميد أصول العديد من الشخصيات والكيانات الداعمة لنظام الأسد.

فرض قيود على تصدير الأسلحة والمعدات العسكرية من قبل أستراليا، ومنع المؤسسات المالية السورية من فتح فروع في أستراليا أو إقامة علاقات مصرفية معها.

العقوبات أنهكت السوريين وفي الوقت الذي يتنفس فيه السوريون الصعداء ويبحثون فيه عن الاستقرار الذي ضلّهم لسنوات طوال، تظل العقوبات التي كانت مفروضة على بلدهم تلاحق كل خطوة نحو إعادة بناء سوريا الجديدة، هذه العقوبات وصفها الكاتب والمختص بالشأن السوري غسان يوسف بالأشد قسوة على السوريين في العصر الحديث وكان لها تأثير سلبي للغاية عليهم باستثناء النظام ومن كان يعمل معه، قائلاً إن:

بلاده تأثرت كثيراً ولا تزال تعاني العقوبات الغربية وخصوصاً قانون قيصر، الذي أدى إلى ارتفاع العملات الأجنبية بشكل كبير للغاية وخصوصا الدولار في مقابل العملة السورية التي انخفضت قيمتها، وبالتالي انعكس ذلك على الرواتب والأجور والحياة المعيشية للسوريين وتحطمت القدرة الشرائية لهم.

بات الفقر مسيطرا على الدولة السورية ولم يكن هناك أي من المواد الخام التي تحرك عجلة الاقتصاد السوري الذي توقفت كل مكوناته، وهذا الأمر يتطلب ضرورة إعادة النظر في تلك العقوبات، خصوصا مع رحيل نظام بشار الأسد

وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن خسائر الاقتصاد السوري نتيجة الحرب والعقوبات تجاوزت 400 مليار دولار منذ عام 2011، وفي هذا الصدد حذر يوسف من أن عدم رفع العقوبات المفروضة على سوريا فستكون هناك تداعيات سلبية صعبة على البلاد، ولن تتمكن من دفع رواتب الموظفين ومن ثم سيواجهون ظروفاً معيشية قاسية، كما أن الدولة لن تستطيع إعادة الإعمار التي هي في أشد الاحتياج إليه، بالإضافة إلى استمرار توقف عجلة التنمية، ولن تكون هناك استثمارات حقيقية تقود الدولة إلى الأمام، وبالتالي فإن خطوة رفع العقوبات من الأهمية بمكانة في هذه المرحلة.

هل يتم رفع العقوبات؟ وبحسب مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس، فإنه من المنتظر أن يجتمع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في العاصمة البلجيكية بروكسل بنهاية الشهر الجاري للتباحث حول موضوع رفع العقوبات عن سوريا، ووفقاً للباحث السياسي السوري عبد الحميد توفيق فإن هذا الاجتماع لن يكون له أثر إيجابي، مستبعداً رفع العقوبات في هذه الفترة كما يعتقد البعض.

وأشار إلى أن الأوروبيين يسعون في هذه الفترة إلى تحقيق أهداف ومصالح سياسية خاصة بهم من خلال علاقاتهم بالسلطة السورية الجديدة، وسيعملون على وضع آلية للتعامل مع الإدارة السورية الجديدة تقوم على قاعدة التبادل الثنائي بين الجانبين، موضحاً أن الأوروبيين لديهم سيف مسلّط على رقاب الدولة السورية والمتمثل في العقوبات وهذا الأمر ليس جديداً.

وعقب تولي الإدارة السورية الجديدة مقاليد الأمور عقب سقوط بشار توالت زيارة المسؤولين الأوروبيين إلى دمشق، لإجراء محادثات مع القيادة الجديدة لمعرفة توجهاتها، لذلك يؤكد توفيق أن الأوروبيين يريدون من السلطة السورية الجديدة، تحقيق المزيد من الخطوات والمطالب المتعلقة بواقع سوريا الجديدة على المستويات السياسية تحديداً منها على سبيل المثال:

بناء مؤسسة سياسية وهيكلية جديدة في سوريا.

مشاركة كافة أطياف الشعب السوري في السلطة الجديدة.

طمأنة جميع المكونات والأعراف السورية.

مواضيع ذات صلة شروط رفع العقوبات ويري توفيق أنه في حال تحققت مطالب الأوروبيين من الإدارة السورية الجديدة فمن الممكن أن يتم رفع العقوبات لكن بطريقة متدرجة، وفي جميع الأحوال فإن رفع تلك العقوبات لن يكون جاهزاً على طبق من ذهب، فالأوروبيون لن يذهبوا إلى رفع العقوبات مرة واحدة بل ستكون خطوة بخطوة في هذا الاتجاه، لأن حزمة العقوبات المفروض على سوريا في عهد النظام السابق كبيرة جداً وتطال كل مرافق الحياة السورية، وهذا يعني أن الأوروبيين إذا لم يتمكنوا من الحصول على ضمانات وعلى خطوات عملية على أرض الواقع، تتسم بالبعد للسياسي والاجتماعي والعسكري فلن تكون العقوبات على جدول أعمال الأوروبيين لكي ترفع.

وكشف توفيق أن الأوروبيين يخشون أن تتجه سوريا نحو حكم فردي أو هيئة أو تيار معين وتحديداً فيما يتعلق بالثوب الإسلامي الذي ترتديه السلطة الجديدة، مشيراً أن المواقف التي صدرت حتى الآن من هذه السلطة تقول بأنها على استعداد أن تكون في إطار هيكلية سياسية جديدة، تكون سوريا فيها عنوان أساسي لكافة أطياف المجتمع السوري وأعراقه ومذاهبه، لكن الخشية الأوروبية تقوم أيضاً على مسائل تتعدى هذه العناصر التي تتعلق بالداخل السوري، فالأوروبيون يريدون أن يضمنوا أن لا تكون سوريا الجديدة مصدراً للإرهاب والقلق وعدم الاستقرار في المحيط العربي، بالإضافة إلى تخوفهم الشديد من عودة تنظيم داعش والذي ما يزال موجوداً في البادية السورية.

لكن توفيق لفت إلى أن الخطوات الأوروبية المقبلة في اتجاه رفع العقوبات لن تكون بعيدة التنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية، لأنها صاحبة السطوة الأعلى سواء على الأوروبيين فيما يتعلق بسياساتهم تجاه سوريا الجديدة، أو على الإدارة الحاكمة في سوريا الآن، والتي ترغب الأخيرة في تمهيد الطريق نحو تشاركية مع الأميركيين والمجتمع الدولي بشكل عام من أجل الذهاب بالتعاطي مع العقوبات المفروضة على الدولة السورية.

(المشهد)


هذا المحتوى مقدم من قناة المشهد

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من قناة المشهد

منذ 4 ساعات
منذ ساعتين
منذ ساعتين
منذ 3 ساعات
منذ ساعتين
منذ ساعتين
قناة روسيا اليوم منذ 8 ساعات
قناة العربية منذ 4 ساعات
قناة الغد منذ 17 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 17 ساعة
قناة يورونيوز منذ 20 ساعة
سي ان ان بالعربية منذ 4 ساعات
قناة يورونيوز منذ 8 ساعات
سي ان ان بالعربية منذ ساعة