إن نظرية التطور التي قدمها تشارلز داروين في القرن التاسع عشر تُعد إحدى أبرز النظريات العلمية في التاريخ، فقد أسست لفهم جديد لتنوع الحياة على الأرض وعلاقتها المشتركة من خلال العمليات الطبيعية. على الرغم من ذلك، لم تسلم النظرية من النقد والجدل منذ نشر داروين كتابه "أصل الأنواع" عام 1859.
والنظرية التي أصبحت حجر الأساس للعديد من العلوم البيولوجية الحديثة لا تزال تواجه تحديات علمية وفلسفية وأيديولوجية تجعلها موضع نقاش دائم، خاصة مع التقدم العلمي الذي يكشف عن تعقيدات جديدة، على المستوى العلمي أحد أبرز التحديات التي تواجه النظرية هو ندرة الحفريات الوسيطة.
ونظرية التطور تدعي أن الأنواع تتغير تدريجيًا بمرور الوقت عبر تراكم تغييرات طفيفة، ومع ذلك، فإن السجل الأحفوري يُظهر فجوات كبيرة بين الأنواع، وهذا يعني أن هناك قفزات تطورية بين الحقب الزمنية المختلفة دون وجود حفريات انتقالية توضح هذه التغيرات التدريجية، فعلى سبيل المثال، القفزة من الزواحف إلى الطيور، أو من الأسماك إلى البرمائيات، تفتقر إلى أدلة واضحة تدعم التدرج المزعوم.
وإلى جانب الحفريات، يطرح مفهوم "التعقيد غير القابل للاختزال" تحديًا جوهريًا لنظرية التطور، وهذا المفهوم، الذي اقترحه عالم الكيمياء الحيوية مايكل بيهي، يشير إلى أن بعض الأنظمة البيولوجية معقدة للغاية بحيث لا يمكن تفسير نشأتها من خلال خطوات تدريجية صغيرة، فعلى سبيل المثال، النظام المناعي البشري أو آلية عمل الأهداب في الخلايا تحتاج جميع مكوناتها لتعمل بشكل متكامل، وإزالة أي جزء من هذه المكونات يؤدي إلى تعطيل النظام بالكامل، وهذا التعقيد يثير التساؤل: كيف يمكن أن تظهر مثل هذه الأنظمة تدريجيًا إذا كانت الخطوات الوسيطة غير وظيفية؟
بالإضافة إلى ذلك، فإن النظرية لم تقدم إجابة شافية عن كيفية نشأة الحياة على الأرض، كما أن التطور يفسر التنوع البيولوجي، لكنه لا يقدم تفسيرًا واضحًا لكيفية ظهور أول خلية حية تحمل المعلومات الوراثية (DNA) أو (RNA) والسؤال حول كيف يمكن أن تنتج التفاعلات الكيميائية البسيطة في المحيطات البدائية نظامًا بيولوجيًا معقدًا يستمر في النمو والتكاثر يظل لغزًا كبيرًا.
إن الأبحاث في هذا المجال، مثل نظرية "الحساء البدائي" أو "النشوء التلقائي"، لم تنجح بعد في تقديم نموذج علمي مقبول على نطاق واسع.
ومن جانب آخر، أظهرت الدراسات الحديثة المتعلقة بالحمض النووي تقدمًا هائلًا، لكنه أضاف تعقيدات جديدة لنظرية التطور، وكانت هناك اعتقادات سابقة بأن أجزاء كبيرة من الجينوم البشري تُعتبر "مهملة" أو لا وظيفة لها، لكن الاكتشافات الأخيرة أكدت أن هذه الأجزاء تلعب أدوارًا مهمة في تنظيم النشاط الجيني والتعبير عنه.
وهذه الاكتشافات تضيف المزيد من التساؤلات حول كيفية تفسير نظرية التطور لمثل هذه الظواهر التي تبدو متناقضة مع مفهوم الطفرات العشوائية، فالانتقادات الفلسفية تضيف بُعدًا آخر للنقاش.
ويعتقد البعض أن نظرية التطور، التي تعتمد.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من الشارقة 24