بدأ عام 2025 بمخاوف تتعلق بمستقبل الاستدامة والاستثمارات في المشاريع الخضراء، خاصة مع استعداد دونالد ترامب للعودة إلى البيت الأبيض وتهديده بإلغاء قانون خفض التضخم الذي حفّز استثمارات ضخمة في الطاقة النظيفة. وبناءً على ذلك، بدأ بعض مديري البنوك والاستثمارات في الولايات المتحدة بالتخلي عن التحالفات المناهضة لانبعاثات الكربون.

وفي الوقت الذي لا تزال فيه الأجواء السياسية في المملكة المتحدة وأوروبا داعمة للاستثمار المستدام، تكشف البيانات أن الثقة العامة تظل منخفضة، بينما تزداد المخاوف بشأن «الغسل الأخضر». ومع ذلك، فإن الأموال تواصل التدفق إلى الصناديق المستدامة رغم تسجيل مستويات سلبية في الولايات المتحدة، إذ شهد الربع الثالث من عام 2024 تدفقاً صافياً عالمياً قدره 10.4 مليار دولار، وفقاً لبيانات من «مورنينغ ستار».

إدارة ترامب الثانية تقول إيمّا وول، رئيسة الاستثمارات في شركة «هارغريفز لانسداون»، إن «الالتزام العالمي بالوصول إلى صافي الانبعاثات الصفرية لديه زخم كبير بما يكفي للحفاظ على تدفقات رأس المال خلال السنوات الأربع المقبلة من رئاسة ترامب». وأضافت وول أن «الشركات الأميركية لن تتحمل مخاطر غير ضرورية أو تفوت الفرص المتزايدة المتعلقة بالعوامل البيئية والاجتماعية والحوكمة».

ورغم التحديات السياسية في الولايات المتحدة، يواصل العديد من المستثمرين في أوروبا الاستثمار في حلول الطاقة المستدامة باعتبارها جزءاً من استراتيجية أمن الطاقة.

في المقابل، يرى البعض أن تأثير ترامب في السوق الأوروبية قد لا يكون كبيراً، إذ أظهرت الدراسات أن غالبية المستثمرين الأوروبيين يواصلون النظر إلى «الاستثمار المستدام» باعتباره جزءاً من رؤية أوسع لمستقبل مستدام.

تباين المواقف بين أميركا وأوروبا يعمّق ترامب من الفجوة بين المواقف في أوروبا والولايات المتحدة تجاه الاستثمارات المستدامة، ففي وقت سابق من هذا الشهر، قررت شركة «بلاك روك» الأميركية، أكبر مدير للأموال في العالم، مغادرة «تحالف مديري الأصول الصفرية»، وهو مجموعة ملتزمة بالتحرك ضد التغير المناخي. كما انسحبت أكبر ستة بنوك أمريكية من تحالف «البنوك صفرية الانبعاثات»، بما في ذلك «مورغان ستانلي»، و«سيتي غروب»، «بنك أوف أميركا»، «ويلز فارغو»، و«غولدمان ساكس».

أما في أوروبا، لا تزال الأجواء داعمة للاستثمار المستدام، إذ تواصل الشركات الاستثمارية الكبرى مثل «أموندي» و«يو بي إس» و«بي إن بي باريبا» دعم هذه المبادرات. ويمثل الاستثمار المستدام في أوروبا ما يعادل 84 في المئة من الصناديق المستدامة العالمية، مقارنة بنسبة 11 في المئة فقط في الولايات المتحدة، بحسب بيانات «مورنينغ ستار». ورغم أن تدفقات الأموال إلى الصناديق المستدامة في الولايات المتحدة كانت سلبية في نهاية عام 2022، فإن أوروبا لا تزال تحافظ على النمو في هذا المجال.

مخاوف وتحولات من جهة أخرى، أشار دومينيك رولس، المحلل لدى «هارغريفز لانسداون»، إلى أن بعض مديري الأصول الذين انسحبوا من مجموعات المناخ قد أعربوا عن قلقهم من إمكانية مواجهة إجراءات قانونية في الولايات المتحدة بسبب «أجنداتهم البيئية». وفي ما يتعلق بمخاوف «الغسل الأخضر»، أدّت هذه القضايا إلى إدخال قواعد جديدة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأوروبا لتنظيم ما يمكن أن يُطلق عليه «استثماراً مستداماً»، وقد أدّى هذا إلى تقليص عدد الصناديق المستدامة بشكل كبير، مع تطور التشريعات التي تضمن أن تكون هذه الصناديق شفافة حول أهدافها. وتأتي هذه التحولات بينما يشهد قطاع الاستثمار المستدام تحولاً نحو التركيز على التنوع البيولوجي ورأس المال الطبيعي، ما يوفّر فرصة للمستثمرين للمساهمة في حل المشكلات البيئية مثل التغير المناخي. كما تشير البيانات إلى زيادة في الاستثمارات في الصناديق المتخصصة في التنوع البيولوجي في السنوات الأخيرة.

إلى جانب ذلك، بدأ المستثمرون بالتركيز على أهمية «الانتقال الطاقي» ودعم الشركات الملوثة لتغيير ممارساتها بدلاً من التخلي عنها، وهي خطوة تشير إلى تغيير في التفكير وتزايد الوعي في هذا المجال. (فاينانشال تايمز).

هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية