مع تسارع الجهود العالمية لمكافحة تغيُّر المناخ والانتقال إلى مصادر طاقة أكثر استدامة، تسعى مصر لتكون في طليعة الدول الرائدة في مجال الطاقة المتجددة، تجسد هذه الطموحات في الهدف الذي وضعته الحكومة المصرية الذي يقضي بأن يتم توليد 42% من الكهرباء في البلاد من مصادر متجددة بحلول عام 2030، ولكن لتحقيق هذا الهدف، تواجه مصر العديد من التحديات الكبيرة التي تشمل نقص الدعم الدولي والبنية التحتية اللازمة.

الواقع الحالي للطاقة المتجددة في مصر

الأرقام الحالية تُظهِر أن الطاقة الشمسية والرياح والطاقة المائية تمثل 11.5% فقط من إنتاج الكهرباء في مصر، وفقاً لتقرير حكومي صدر في يوليو الماضي، ورغم أن هذه النسبة تمثل تقدماً مقارنة بالسنوات السابقة، فإنها لا تزال بعيدة عن النسبة المستهدفة، هذا الواقع يعكس الحاجة الملحة للاستثمارات الكبيرة، إلى جانب شراكات قوية مع القطاع الخاص والمنظمات الدولية لتسريع التحول نحو الطاقة المتجددة.

إنجازات بارزة.. محطة بنبان ومزارع الرياح

قال محمد السيسي، المكلف من الحكومة المصرية بإدارة الشراكة مع الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا) والقطاع الخاص، في مقابلة مع CNN الاقتصادية، إن مصر قد أحرزت تقدماً كبيراً في تطوير قطاع الطاقة المتجددة، وأشار إلى محطة بنبان للطاقة الشمسية التي تعد من أكبر المزارع الشمسية في العالم، والتي تنتج نحو 1.5 غيغاواط من الكهرباء. كما تطرَّق إلى الشراكات التي عقدتها مصر مع شركات عالمية، مثل «مصدر» الإماراتية والشركات النرويجية، لتنفيذ مشاريع طاقة الرياح، بفضل هذه الجهود، وصل إنتاج الطاقة المتجددة في البلاد إلى 10 غيغاواط، مع خطة للوصول إلى 22 غيغاواط بحلول عام 2030.

أهمية التعاون بين القطاعين العام والخاص

من خلال تصريحات السيسي، يتضح أن التعاون بين القطاعين العام والخاص يشكّل حجر الزاوية لتحقيق أهداف مصر الطموحة في مجال الطاقة المتجددة، وأشار إلى مشروع يعتمد على تقنيات حديثة تم تطويرها محلياً لتقليل الفاقد في مزارع الرياح من 30% إلى 2% فقط، ما يعكس قدرة مصر على الابتكار، وأسهم في رفع كفاءة الإنتاج بشكل ملحوظ.

التحديات التي تواجه قطاع الطاقة في مصر

على الرغم من التقدم الملحوظ، لا تزال مصر تواجه تحديات كُبرى تتعلق بالاستقرار الشبكي في قطاع الكهرباء، خاصة في ظل تزايد الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، إذ تعتمد مصر بشكل كبير على الغاز الطبيعي كمصدر رئيسي للطاقة، وهو ما وصفته الحكومة في مؤتمر «كوب 27» لعام 2022 بـ«الوقود الانتقالي»، إلا أن تراجع الإنتاج المحلي من الغاز في العام الماضي أدى إلى انقطاعات طويلة في الكهرباء، وهو ما دفع الحكومة إلى تكثيف جهودها لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية في مشاريع الطاقة المتجددة.

لمواجهة هذه التحديات، وضعت الحكومة المصرية خطة لإنشاء وحدات ضخ لتخزين نحو 5 غيغاواط من الطاقة، يهدف هذا الحل إلى ضمان استقرار الشبكة الكهربائية، خاصة مع دخول كميات كبيرة من الطاقة المتجددة، كما تسعى الحكومة إلى توسيع الشراكات الدولية، واستثمار المزيد في التكنولوجيا المتطورة لتحسين كفاءة الشبكة.

مصر كمركز إقليمي للطاقة المتجددة

من خلال مشروعاتها الطموحة مثل محطة بنبان، أصبحت مصر تُعد مركزاً رائداً للطاقة المتجددة في منطقة إفريقيا، يعكس هذا التحول رغبة مصر في استغلال موقعها الجغرافي ومواردها الطبيعية الغنية لتعزيز مكانتها كوجهة رئيسية للاستثمار في الطاقة النظيفة، بما يعود بالفائدة على الاقتصاد المحلي.

الطريق نحو 42% طاقة متجددة

على الرغم من التحديات الكبيرة التي قد تواجهها مصر لتحقيق هدفها الطموح بزيادة نسبة الطاقة المتجددة إلى 42% بحلول 2030، فإن الإجراءات التي تم اتخاذها حتى الآن تدل على التزام قوي نحو التحول إلى اقتصاد أكثر استدامة، يتطلب هذا الهدف استثمارات ضخمة وشراكات دولية واسعة، إضافةً إلى تبني تقنيات متطورة لضمان استقرار وكفاءة الشبكة الكهربائية.

في النهاية، يُتوقع أن يكون نجاح مصر في تحقيق هذا الهدف نموذجاً يحتذى في الدول النامية التي تسعى للتحول إلى الطاقة النظيفة، وبينما تواصل الحكومة العمل على استراتيجيتها الطموحة، يبقى التحدي الأكبر هو ضمان الحصول على الدعم الدولي اللازم لتحقيق هذه الرؤية الطموحة.

هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية