جهاد مقدسي السياسي والدبلوماسي السوري الذي كان يومًا المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية السورية، تصدر عناوين الأخبار بعد لقاء تلفزيوني تحدث فيه أسباب انشقاقه عن نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد عام 2012، كاشفا أسرارا عن خفايا أداء النظام خلال السنة الأولى من الثورة السورية عام 2011.
وانهار نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024 بعد هجوم واسع النطاق قادته المعارضة المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام وبدعم من الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا وفصائل أخرى، ليضع حدًا لنظام حكم عائلة الأسد الذي استمر لأكثر من 5 عقود منذ استيلاء حافظ الأسد على السلطة في عام 1971.
من هو جهاد مقدسي؟وُلد جهاد مقدسي عام 1974 في العاصمة السورية دمشق لعائلة مسيحية، وبدأ رحلته التعليمية في ثانوية النور، قبل أن ينتقل إلى المدرسة العليا للإدارة في باريس.
لاحقًا، حصل على الماجستير في الدبلوماسية والعلاقات الدولية من جامعة وستمنستر البريطانية عام 2009، وأكمل الدكتوراه في الدراسات الإعلامية من الجامعة الأميركية في لندن.
عمل جهاد مقدسي في السلك الدبلوماسي منذ عام 2000، بداية في السفارة السورية بواشنطن، ثم انتقل إلى السفارة السورية في لندن حيث شغل منصب المتحدث الرسمي.
لكن الحرب السورية في مارس 2011 غيّرت مسار حياته المهنية تمامًا.العودة إلى دمشق
استدعاه بشار الأسد من لندن إلى دمشق في أكتوبر 2011، وأسند إليه مهمة تقديم الرواية الرسمية للنظام عن الثورة السورية أمام المجتمع الدولي.
ومع ذلك، اصطدم جهاد مقدسي بمعضلة أخلاقية، حيث اكتشف أن مهمته تتناقض مع مبادئه.
وفي 3 ديسمبر 2012، أعلن انشقاقه عن النظام، موضحًا أن تصاعد العنف والاستقطاب جعلا من المستحيل تحقيق أي تقدم سياسي أو دبلوماسي.
بعد انشقاقه، انضم جهاد مقدسي إلى "منصة القاهرة" المعارضة عام 2014، لكنه سرعان ما انسحب بعد عامين، واصفا الوضع بـ"السيرك السياسي".
وأشار إلى أن النظام السوري والدول الداعمة له كانوا يستخدمون المؤتمرات الدولية، مثل محادثات جنيف، كوسيلة لكسب الوقت بدلًا من السعي لحلول حقيقية.الابتعاد عن السياسة
في 2016، أعلن جهاد مقدسي اعتزاله العمل السياسي والشأن العام، مفضلا التركيز على حياته الشخصية والمهنية.
وانتقل للعيش في الإمارات لفترة قصيرة، ثم استقر في الولايات المتحدة، حيث عمل مديرًا لإدارة المخاطر في مؤسسة تعليمية غير ربحية.
كما شغل منصبًا في مكتب محاماة كبير متخصص في العقوبات الأميركية.
صرّح جهاد مقدسي في مقابلات عديدة أن الاحتجاجات الشعبية عام 2011 كانت تحمل مطالب مشروعة، لكن النظام لجأ للقمع بدلًا من الإصلاح.
وأشار جهاد مقدسي إلى أن المعارضة السورية فقدت تماسكها وأهدافها بسبب الانقسامات الداخلية، مشيرا إلى أن النظام لم يكن جادًا في تقديم تنازلات خلال محادثات السلام، وكان هدفه الأساسي إعادة السيطرة بأي ثمن.دبلوماسي بالقبعتين
بعد ترك العمل السياسي، وصف جهاد مقدسي نفسه بأنه "مرتدي القبعتين"، إذ يعمل في إدارة المخاطر إلى جانب دوره في مكتب المحاماة.
وبالنسبة له، كان قرار الانشقاق وترك النظام، وكذلك التخلي عن العمل مع المعارضة، تجسيدًا للشجاعة الشخصية أمام نظام سياسي وصفه بالفاقد لأي أفق للإصلاح.
اليوم، يعيش جهاد مقدسي بعيدًا عن الأضواء، لكنه يبقى شاهدًا على مرحلة حاسمة في تاريخ سوريا.
(المشهد)۔
هذا المحتوى مقدم من قناة المشهد