"ديب سيك" الصيني.. صفعة لهيمنة أميركا وشكوك حول الخصوصية

زلزال كبير هزّ عالم تطبيقات الذكاء الاصطناعي، بعد أن أعلنت شركة صينية ناشئة تطوير نموذج جديد للذكاء الاصطناعي، بتكلفة منخفضة مقارنة بالتكلفة التي تقوم بها الشركات الأميركية العاملة في المجال نفسه، وقادرًا على منافسة هذه التطبيقات.

"ديب سيك" الذي أصبح خلال الساعات الماضية، حديث العالم كله، بعد أن تسبب في خسائر بالمليارات للشركات العاملة في مجال الرقائق الإلكترونية، ليس بمنأى عن الصراع الجاري بين الولايات المتحدة والصين والخاص بسباق التكنولوجيا.

"ديب سيك" الصيني

وفرضت الولايات المتحدة قيودا صارمة تهدف إلى منع الشركات الصينية من شراء أو بناء شرائح الكمبيوتر المتطورة الخاصة بها المطلوبة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي.وتشكل هذه الرقائق قلب سباق التسلح في مجال الذكاء الاصطناعي، والهدف من القيود المفروضة على الصادرات هو منع الصين من مواكبة هذا السباق، وفق شبكة "سي إن إن".

وزعم البعض أن نجاح شركة "ديب سيك" التي تدعي أنها دربت نموذج الذكاء الاصطناعي الجديد R1 بتكلفة ضئيلة وعلى عدد أقل بكثير من الرقائق المتطورة مقارنة بنماذج الذكاء الاصطناعي الرائدة - يُظهر أن قيود التصدير التي فرضتها إدارة بايدن وترامب الأولى قد أتت بنتائج عكسية، وربما دفعت هذه القيود الصارمة بكين إلى الزاوية، مما أجبر الشركات الصينية على ابتكار طرق للابتكار حول قيود التصدير أو بناء رقائقها الخاصة.

وقال أستاذ الهندسة والقانون في جامعة كاليفورنيا،جون فيلاسينور، لشبكة CNN: "بدلاً من إعاقة الصين، قد تعمل ضوابط تصدير الذكاء الاصطناعي هذه على تسريع قدرة الذكاء الاصطناعي في الصين من خلال دفعها إلى الابتكار... يمكن القول إن ضوابط التصدير غير منتجة".

الصراع الأميركي الصيني

وبعيدًا عن الصراع الأميركي الصيني الخاص بالاستحواذ على التكنولوجيا الحديثة، يطرح الظهور الجديد والمفاجئ للتطبيق الصيني الكثير من الأسئلة حول انعكاس هذا الصراع على المستخدمين العاديين لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، وهل هناك مخاطر تتعلق بانتهاك خصوصية المستخدمين لمثل هذه التطبيقات.

في التفاصيل، قال خبير تكنولوجيا المعلومات، محمد حنفي، إنّ الضجة المصاحبة لإطلاق تطبيق "ديب سيك" ترجع إلى أسباب عدة:

هو أكثر نموذج للذكاء الاصطناعي ينافس بشكل حقيقية تطبيق "تشات جي بي تي" من خلال دقة في البحث.تدريب نموذج "ديب سيك" وفق ما أعلن عنه المسؤولين تكلف 6 ملايين دولار وهو رقم ضئيل مقارنة بالبرامج الأخرى.يتفوق التطبيق الصيني على "تشات جي بي تي" في الكثير من المهام ما يجعله منافس شرس له ويهدد عرشه.وأضاف حنفي في حديث لمنصة "المشهد" أن "ديب سيك" كغيره من تطبيقات الذكاء الاصطناعي تهدد الآلاف من الوظائف حول العالم، مشيرا إلى أن الوظائف التي لا تتطلب الكثير من الإبداع من المتوقع أن يتم الاستغناء عن أصحابها وهو ما دفع مسؤولين في الغرب إلى الحديث عن فرض رسوم ضريبية كبيرة على الشركات الكبرى من أجل حماية العاملين المتأثرين بهذا الأمر.

خطر ثانٍ تحدّث عنه خبير تكنولوجيا المعلومات، يتعلق بمستقبل البشر وانخفاض مهاراتهم في البحث، لافتا إلى أن الأجيال الجديدة ستعتمد بشكل أساسي على برامج الذكاء الاصطناعي في البحث عن أي موضوع وهو ما سيؤدي إلى نقص المهارات البشرية.تطبيقات الذكاء الاصطناعي

لكن حنفي يرى أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي لا تشكل خطرًا كمثل الذي تشكله تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي، باختلاف توجهاتها وطبيعتها، قائلا "أن الأشخاص أصبحوا مُستباحين على وسائل التواصل الاجتماعي".

وأشار إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي تستطيع الوصول إلى أدق تفاصيل الحياة اليومية للأشخاص وتقوم بتحليلها واستخدامها في أغراض إعلانية وأهداف أخرى ما يشكل خطرًا أمنيا كبيرا على الدول، لافتا إلى أن بعض الحكومات بدأت تنتبه لمثل هذه المشاكل في تطبيقات التوصيل الإلكترونية على سبيل المثال حيث يمكنها تحديد خط سير أي شخص بدقة من خلال استخدام التطبيق.

وأعطى خبير تكنولوجيا المعلومات مثالا على ذلك بمحاولة بنك في الولايات المتحدة استخدام برنامج ذكاء اصطناعي لمعرفة الخطط المستقبلية لعدد من عملائه فيما يخص حياتهم الشخصية والمفاجأة كانت أن التطبيق وصل لنتائج دقيقة ومذهلة.

لم يبدأ من الصفر

من جانبه، رأى خبير تكنولوجيا المعلومات مصطفى أبو جمرة، أن تطبيق "ديب سيك" لم يبدأ من الصفر ولكن قام ببناء التكنولوجيا الخاصة به على التطبيقات الأخرى مثل باقي التطبيقات، فتطور تطبيقات الذكاء الاصطناعي عملية تراكمية.

وقال في حديث لـ"المشهد" إن اللافت في التطبيق هو تكلفته القليلة بالمقارنة بالتطبيقات الأخرى فضلا عن دقة نتائجه ما يفتح الباب أمام توسيع إتاحة هذه البرامج للكثير من المستخدمين.

وأضاف أبو جمرة "بالنسبة للخسائر التي تعرضت لها الشركات الأميركية نتيجة ظهور التطبيق الصيني ليست ما يجب التوقف عنده ولكن ما يجب العمل عليه هو كيفية الاستفادة من هذا التنافس في تطوير قدراتنا على استخدام هذه البرامج في إنجاز المهام المطلوبة".

وأشار إلى أنه في النهاية المستخدمين هم من سيستفيدوا من تطوّر نماذج الذكاء الاصطناعي، لافتا إلى أن التطبيق الصيني قام باستخدام تكنيكات جديدة لإدارة الذاكرة الخاصة به لا تعتمد بشكل أساسي على عدد كبير من الرقائق الإلكترونية والتي تفرض الولايات المتحدة قيودًا على تصديرها للصين.

ورأى أبو جمرة أن المستخدمين العاديين لن يتعرضوا إلى أيّ مخاطر تتعلق بخصوصية معلوماتهم جراء استخدام هذه التطبيقات. ولكنه في الوقت نفسه حذّر من استخدام البيانات المتعلقة بالحسابات البنكية والبيانات الشخصية في هذه البرامج.(المشهد)۔


هذا المحتوى مقدم من قناة المشهد

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من قناة المشهد

منذ 10 ساعات
منذ 10 ساعات
منذ 3 ساعات
منذ 8 ساعات
منذ 8 ساعات
منذ 5 ساعات
بي بي سي عربي منذ 6 ساعات
صحيفة الشرق الأوسط منذ 18 ساعة
قناة العربية منذ 9 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 9 ساعات
قناة العربية منذ 10 ساعات
التلفزيون العربي منذ 17 ساعة
قناة العربية منذ 6 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 19 ساعة