مسؤولة في "مسد" لـ CNBC عربية: تحذير من "مقاربات تعكس استمرارية سياسات التهميش والاقصاء والتفرد بالسلطة كما النظام السابق"
المبعوث الهولندي السابق إلى سوريا لـ CNBC عربية: "شكل جديد من السلطوية تكشف عنه مسودة الإعلان الدستوري الجديد"
شهدت سوريا تطورات دراماتيكية مُتسارعة خلال الأشهر الأخيرة، بدءاً من سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، وصولاً إلى سلطات جديدة طامحة لإرساء الأمن والاستقرار في البلاد، تجابه جُملة من التحديات والجروح المفتوحة، والتي تتطلب مداواتها "مشرط جراح" يُراعي الأبعاد المُتداخلة لتلك الأزمات والجراح العميقة التي خلفتها عقود من حكم آل الأسد.
ومع مُضي السلطات السورية الجديدة -بقيادة الرئيس أحمد الشرع- قدماً في ترتيب الأوراق لكسب ثقة الداخل والخارج، في سباق مع الزمن من أجل التعاطي معالجة الاختلالات الراهنة وحلحلة الأزمات المختلفة، كانت الأيام القليلة الماضية ثريّة بالتطورات، لا سيما بعد أن شهدت المحطة العملية الأولى لترتيب المرحلة الانتقالية بشكل مُنظم، من خلال سد الفراغ التشريعي عبر إعلان دستوري أفرزته لجنة مختصة مُكلفة لهذا الغرض.
الإعلان الذي يُنظم المرحلة المقبلة، والذي وقع مسودته الرئيسية الرئيس الشرع يوم الخميس 13 مارس/ آذار، يتضمن 53 مادة، ويقدر عمر المرحلة الانتقالية بخمس سنوات تبدأ من تاريخ نفاذ هذا الإعلان الدستوري. وتنتهي بعد إقرار دستور دائم للبلاد وتنظيم انتخابات وفقاً له. وتشمل بنود الإعلان الدستوري أحكاماً عامة والحقوق والحريات، وطبيعة نظام الحكم خلال المرحلة الانتقالية.
أثار الإعلان عن مسودة الإعلان الدستوري ردود أفعال متباينة، لم تخل من الانتقادات، رأى أصحابها أنه بُني من خلال فصيل واحد، ولا يمثل بالضرورة كل السوريين. علاوة على انتقادات لاحقت بعض بنوده، بما في ذلك سلطات الرئيس.
سبق خطوة الإعلان الدستوري، وضمن مساعي السلطات السورية لحلحلة الأزمات الداخلية وتوفيق أوضاعها، اتفاقٌ وُصف بـ "التاريخي" مع قوات سوريا الديمقراطية -المسيطرة في مناطق شمال وشرق سوريا- من أجل اندماج "قسد" في مؤسسات الدولة، وهو الاتفاق الذي بعثت السطات السورية من خلاله برسائل عملية لانفتاحها على الجميع، والتأكيد على ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة، مع وقف إطلاق النار على كل الأراضي السورية، ودمج كل المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن الدولة. كما ينص أيضاً على أن "المجتمع الكردي أصيل في الدولة السورية، وتضمن الدولة حقوقه في المواطنة وكافة حقوقه الدستورية.
ورغم الرسائل الإيجابية الواسعة التي خلفها ذلك الاتفاق، إلا أن الاتفاق في مجمله كان بشان "المبادئ العامة"، بينما التفاصيل التنفيذية والملفات الخلافية القائمة أحيلت للجان مختصة لحسمها. في الوقت الذي تثار فيه تساؤلات حول مدى استدامة الاتفاق، وما إن كان عرضة للتفكك في ظل اتساع الخلافات؟
لم يمر الكثير من الوقت حتى برزت أولى الملفات الخلافية على المشهد، بعد طرح الإعلان الدستوري، والذي أثار انتقادات داخل مناطق شمال وشرق سوريا بشكل خاص، عبّر عنها مجلس سوريا الديمقراطية "مسد" الذي يمثل الذراع السياسية لقوات سوريا الديمقراطية، في بيان رسمي نشره عبر معرفاته الرسمية عبر الإنترنت.
اعتبر المجلس أن مسودة الدستور تمثل "إنتاج الاستبداد بصيغة جديدة، حيث تكرّس الحكم المركزي وتمنح السلطة التنفيذية صلاحيات مطلقة، بينما تقيّد العمل السياسي وتجمّد تشكيل الأحزاب، مما يعطل مسار التحول الديمقراطي، كما تتجاهل المسودة غياب آليات واضحة للعدالة الانتقالية، مما يزيد تعميق الأزمة الوطنية".
فهل تكشف ردود الأفعال المتباينة عن "مقاربات" هشة قد تنهار تحت وطأة الخلافات الداخلية، وسط تحذيرات من "تفجر الأوضاع في سوريا" في أي لحظة؟ وما مدى قدرة السلطات الجديدة على احتواء الانقسامات وفرض رؤيتها الدستورية؟ وهل يشير هذا الإعلان إلى إعادة رسم موازين القوى أم أنه مجرد حلقة في سياق الصراع المستمر؟
المزيد من التفاصيل: مسودة الإعلان الدستوري الجديد في سوريا.. ما هي أهم البنود؟
إعادة إنتاج النظام!
"هذه المقاربات لن تجلب الحلول والاستقرار، بل على العكس من ذلك، حيث الاصرار على فرض لون الواحد والأحادية في اتخاذ القرارات وصبغها باللون الواحد يخالف خصائص وطبيعة المجتمع السوري وتطلعات شعبه في الكرامة والحرية التي ثار من أجلها"، بحسب ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية، ليلى موسى، في تصريحات خاصة لـ CNBC عربية من القاهرة.
وتضيف: "موقفنا منذ البداية كان واضحاً بدءاً من عقد مؤتمر النصر وتشكيل اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني وحتى لجنة الإعلان الدستوري مروراً بالإعلان الدستور".
من شأن تلك المقاربة المساهمة في "التشرذم بين مكونات المجتمع السوري.. كما يمكن اعتبارها استمرارية لسياسات التهميش والاقصاء والتفرد بالسلطة، كما النظام السابق"، وفق موسى، التي تشدد على أن "الإصرار على هذا النهج سيؤدي نحو المزيد من الاستبدادية والديكتاتورية.. وذلك عبر تكريس نظام حكم مركزي ومنح صلاحيات مطلقة للسلطات التنفيذية". وتعتقد بأن ما شهده الساحل السوري من أحداث دامية في أحد جوانبه الرئيسية "هي من نتائج سياسات الفرض والانكار والاقصاء".
وتوضح المسؤولة في "مسد" أنه "من الواضح أن الاعلان الدستوري كان معداً قبل الاتفاق بين قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم كوباني، والرئيس أحمد الشرع.. وبناء على ذلك كان من المفترض بعد الاتفاق أن يتم تعديل الإعلان بما يتماشى مع بنود الاتفاق".
وتُردف قائلة: "هذه العقلية والمقاربات تلقي بظلالها على اللحمة الوطنية والسلم الأهلي وعملية السلام والاستقرار.. وبناء على ذلك نرى أن أي إعلان دستوري يجب أن يكون نتاج توافق وطني حقيقي، وليس مشروعاً مفروضاً من طرف واحد".
ولمعالجة القصور في تقديرها، تدعو المسؤولة في "مسد" إلى التراجع عن هذه السياسيات عبر إعادة صياغة الإعلان بما يضمن توزيع السلطة بشكل عادل، ويضمن حرية العمل السياسي، والاعتراف بحقوق جميع المكونات السورية، واعتماد نظام حكم لا مركزي ديمقراطي، مع وضع آليات واضحة لتحقيق العدالة الانتقالية.
تضمنت مسودة الإعلان الدستوري لسوريا عدة بنود أساسية، أبرزها اعتماد الفقه الإسلامي كمصدر أساسي للتشريع، مع التأكيد على التزام البلاد بالاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي وقّعت عليها. كما نص الإعلان على الفصل التام بين السلطات، مشددًا على ضمان حرية الرأي والتعبير والإعلام والنشر.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من قناة CNBC عربية