في السنوات الخمس الماضية أُغلق نحو 400 نادٍ ليلي في بريطانيا، أي أكثر من ثُلث العدد الإجمالي، وفي لندن شكّل مكتب رئيس البلدية فريقَ عملٍ خاصاً بالمساعدة على تعزيز الحياة الليلية وإنقاذ الأماكن المُعرّضة لخطر الإغلاق.
بلغ إنفاق المستهلكين في «الاقتصاد الثقافي الليلي» في المملكة المتحدة 136.5 مليار جنيه إسترليني في عام 2022، بزيادة ملحوظة على 121.3 مليار جنيه إسترليني عام 2019، آخر أعوام الترفيه قبل جائحة كوفيد- 19، ولكن إذا تم حساب معدل التضخم سيكون النمو الحقيقي قريباً من الصفر، وفق أحدث تقرير لجمعية الأنشطة الليلية (NTIA) بعنوان «الاقتصاد الليلي 2024»، الذي أشار إلى أنه بسبب جائحة كوفيد- 19 ومعدلات التضخم المرتفعة التي ضربت بريطانيا والعالم، خسر قطاع الثقافة الليلية في بريطانيا خلال هذه السنوات ما يقرب من 95 مليار جنيه إسترليني.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
ولكن التراجع الرئيسي الذي يذكره التقرير كان في قيمة أصول الاقتصاد الليلي نفسه، التي بلغت 33.3 مليار جنيه إسترليني عام 2022، منخفضة عن 37.2 مليار جنيه إسترليني عام 2019، ما يشير إلى انخفاض في القيمة الاسمية بنسبة 10.5 في المئة، ولكن إذا تم حساب أثر التضخم سيكون الانخفاض الحقيقي بنسبة 36 في المئة، وهذا بسبب إغلاق النوادي الليلية، وقاعات الموسيقى الشعبية، وحتى مراكز الفنون.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); }); ومنذ عام 2022 تظهر المشاهدات أن القطاع مستمر في الانهيار.
قال توني ريج، أستاذ صناعة الموسيقى في جامعة سنترال لانكشاير، لهيئة الإذاعة البريطانية «تتآمر مجموعة مُعقّدة من العوامل ضد القطاع، ما يُشكّل بيئة طاردة للنوادي الليلية».
من بين هذه العوامل ارتفاع التكاليف وانخفاض دخل الأفراد وتغيّر نمط الحياة للعديد من المواطنين، خاصةً جيل زد (مواليد الفترة من 1995 إلى 2010)، بالإضافة إلى تباطؤ التعافي من آثار كوفيد- 19.
هل غيّرت الجائحة جيلاً؟ لعدة سنوات خلال الجائحة لم يتمكن الشباب من تجربة الحياة الليلية مثل الأجيال السابقة، لذا ربما ليس من المستغرب حدوث تحولات في طريقة تواصلهم الاجتماعي منذ ذلك الحين.
ووجدت دراسة حديثة أجرتها جمعية الأنشطة الليلية (NTIA) على أكثر من ألفي شخص تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عاماً أن ما يقرب من ثلثيهم أصبحوا يخرجون بوتيرة أقل من العام السابق.
وقالت عالمة النفس الدكتورة إليزابيث فيجين، إن جيل زد أكثر وعياً بالصحة الجسدية والعقلية، لذا «نشهد تراجعاً في ثقافة شرب الكحول».
أظهر استطلاع أجرته «يو جوف»، المتخصصة في أبحاث السوق، أن 39 في المئة من جيل زد لا يشربون الكحول على الإطلاق.
تشير الدكتورة ميج جاي، مؤلفة كتاب «العقد الحاسم»، إلى أن جيل زد أكثر وعياً بمخاطر المخدرات نتيجة دعوة وسائل التواصل الاجتماعي إلى أنماط حياة صحية، «الشباب يبحثون عن طرق جديدة لقضاء وقت ممتع وسيطرة أكثر على حياتهم، ووقت أقل في الشعور بالسكر وصداع الكحول والإفلاس»..
اختلاط أقل تُقلل وسائل التواصل الاجتماعي الافتراضية والرسائل النصية مع الأصدقاء من أهمية اللقاء الحقيقي.
وقالت الدكتورة إليزابيث فيجين «الجائحة فاقمت الوضع، لكنني أعتقد أن التواصل كان يتراجع بالفعل بسبب وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا، بالإضافة إلى الآباء المفرطين في رعاية أطفالهم، نحن نشهد ارتفاعاً في معدلات المعاناة من القلق الاجتماعي والوحدة».
عاصفة مالية يعتقد مايكل كيل، الرئيس التنفيذي لجمعية الأنشطة الليلية، أن الوضع المالي يلعب دوراً كبيراً «الحقيقة هي أن الناس لا يستطيعون تحمل تكلفة هذه الأنشطة».
تختلف رسوم الدخول باختلاف النادي الليلي، قد تبلغ تكلفة التذكرة في بعض مراكز المدن نحو 10 جنيهات إسترلينية فقط، لكنها أغلى كثيراً في أماكن وتوقيتات أخرى، بالإضافة إلى تكلفة المشروبات والانتقالات.
في دراسة أجرتها جمعية الأنشطة الليلية (NTIA)، أفاد 68 في المئة من الناس بأن الوضع الاقتصادي الحالي قد قلل عدد مرات خروجهم للترفيه.
يشير توني ريج إلى أن هناك «عاصفة» ستطيح بالنوادي الليلية، نتيجة للتحديات الاقتصادية الجديدة مثل زيادة تكلفة التأمين على المستوى الوطني.
ويرى ريج أنه إذا رفعت الأندية الأسعار، ستنخفض جاذبيتها، خاصة في وقت يعاني فيه المستهلكون ارتفاع تكاليف المعيشة.
في عام 2024، أعلنت نيوس، الشركة المالكة لسلسلتي بريزم وأتيك الشهيرتين للحياة الليلية إفلاسهما، وأغلقت 17 فرعاً وباعت 11 فرعاً آخر (بما في ذلك النوادي والحانات)، مشيرة إلى تغير عادات المستهلكين صغار السن كسبب للإغلاق.
يعتقد راسل كويلش، الرئيس التنفيذي لشركة نيوس، أن الشباب أصبحوا يملكون أموالاً أقل مما كانوا عليه سابقاً، «لقد ولّت أيام خروج الشباب أربع أو خمس ليالٍ في الأسبوع».
هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية