غمرنى الفرحُ حين اختارنى «مجلسُ الشباب المصرى»، و«منتدى القيادات النسائية» أمًّا مثالية لعام 2025، ضمن جميلاتٍ استحققن هذا اللقب الرفيع. «الأمومةُ» فى ذاتها لقبٌ عظيم، وحين تُكرَمُ الأمُّ وتُكرَّمُ بأن تُهديها السماءُ طفلاً من أبناء «طيف التوّحد»، يزدادُ اللقبُ ثِقلاً وقيمةً وإشراقًا. الأمومةُ تجربةٌ مدهشة، لكن أمومةَ المتوحِّد رحلةٌ ثريةٌ حاشدةٌ بالاكتشافات المدهشة التى تفاجئُك فى كل دقيقة من كل ساعة من كل يوم. أن تكون أمًّا لطفلٍ على «طيف التوحد»، يعنى أن تعيش حياةً غير عادية، تعيدُ فيها اكتشافَ الأشياء البسيطة وكأنك تراها لأول مرة. أن تحتفل بكلمة، وتبتهج لابتسامة تجعلُ الشمسَ تشرقُ فى قلبك. يعنى أن تصبح مترجمًا لعالمٍ مختلف، تفهم لغتَه التى لا يفهمها الآخرون، وتحفظ خريطة مشاعره التى لا يراها سواك.
لم أخترِ ابنى، لكن لو قِيدَ لى الاختيارُ ما اخترتُ إلا هذا المدهش «عمر». لو خُيّرتُ بين أمومتك وبين كنوز الأرض، لاخترتُك أنت يا «عمر». لم أختركَ، بل أنتَ مَن اختارنى من عالم الغيب، كما قال أحدُ العارفين: إن أطفال «طيف التوحد» ينتقون أمهاتِهم ليكنَّ رفيقاتِ الرحلة الشاقّة الشيقة، ليضعوا أياديهم الصغيرة فى أيادى أمهات جسورات قادرات على نسج الابتسامة من خيوط الدمع، واختراع الأمل من مادة القنوط، وانتزاع الفرح من جسد الوجع. فكيف وقعَ اختيارُك عليَّ يا «عمر»؟ أىّ سرٍّ دفعك لاختيارى، وأى نورٍ أبصرتْه روحُك فى روحى لتضع يدك فى يدى، وتُسلّمنى مفاتيحَ عالمك المُدهش؟ ذاك العالمُ البعيدُ عن صخبِ البشر، القريبُ من موسيقى السّماء.
لو قِيدَ لى أن أعودَ إلى اللحظةِ الأولى، إلى حيثُ كنتُ روحًا تتجوّلُ فى المدى، وسُئلتُ: أىّ الأقدارِ تهوين؟ لقلتُ: أختارُ أن يكون قدرى مشبوكًا بقَدر هذا الصغير الجميل الذى علّمنى ما فاتنى أن أتعلّمه على مقاعد الدرس. علّمنى أن الصمتَ لغةٌ، والعُزلةَ زحامٌ، وأن لمسةً من يد ذاك الصامتِ المنعزلِ على يدى حين أبكى، تُحوّل الحزَنَ إلى ابتسام، وتُذيبُ قساوةَ الحياة على باب الرجاء فى وجه الرحمن.
يا بُنى، عليك أن تعلم أنك هديةُ الله لى، اصطفانى بها لئلا يتوقف لسانى عن شكره. وإن كان التكريمُ شهادةً تُمنَح، فقد منحتَنى أعظمَها. وإن كان الفخرُ تاجًا يُرصّع الجبين، فقد توّجتَنى منذ أن نطقتَ اسمى بعينيكَ قبل شفتيك. وإن كانت.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة المصري اليوم