يقف العالم أمام تحدٍ قاسٍ بفعل التراجع غير المسبوق في حجم الغطاء الجليدي في القطب الشمالي، ما يهدد بعواقب جيوسياسية وخيمة.
وأعلن مرصد أميركي، الخميس، أنّ الحدّ الأقصى لحجم الغطاء الجليدي في القطب الشمالي كان هذا العام في أدنى مستوى له منذ بدء عمليات المراقبة عبر الأقمار الاصطناعية، في مؤشر جديد إلى ظاهرة الاحترار المناخي الناجمة عن الأنشطة البشرية.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1738926244764-0'); });
في كل شتاء، تستعيد الطبقة الجليدية، وهي الجليد الذي يتكون من تجمّد مياه البحر، مكانتها حول القطب الشمالي وتتوسع، لتصل إلى أقصى حجم لها في آذار مارس.
googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1739447063276-0'); }); لكن بسبب الاحترار المناخي، ثمة صعوبة متزايدة في إعادة تشكل الطبقة الجليدية.
هذا العام، يشير العلماء في المركز الوطني لبيانات الثلوج والجليد (NSIDC) إلى أنّ الطبقة الجليدية البحرية في القطب الشمالي وصلت إلى أقصى حجم لها في 22 آذار مارس، مع مساحة تُقدّر بـ14,33 مليون كيلومتر مربع، وهي أصغر مساحة تُسجَّل خلال أكثر من أربعة عقود من المراقبة عبر الأقمار الاصطناعية.
ويعود الرقم الأدنى السابق إلى عام 2017 مع 14,41 مليون كيلومتر مربع.
وقال والت ماير، وهو عالم في المركز الوطني لبيانات الثلوج والجليد، في بيان، إنّ «هذا الانخفاض القياسي الجديد هو مؤشر آخر إلى الطريقة التي تتغير فيها الطبقة الجليدية البحرية في القطب الشمالي»، موضحاً أنّ «الخسارة مستمرة» لهذا الجليد البحري.
وقالت لينيت بوافير، المتخصصة في مراقبة الجليد في القطب الشمالي لدى وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) «سندخل موسم الصيف المقبل مع جليد أقل»، مضيفة «هذا لا يبشر بالخير للمستقبل».
أرقام قياسية
بعد عام 2024 وما شهده من أرقام قياسية وكوارث مناخية، تميز شتاء 2025 بدرجات حرارة مرتفعة بشكل استثنائي.
ويؤثر هذا الارتفاع في درجات الحرارة العالمية بشكل غير متناسب على القطبين، إذ ترتفع درجة حرارتهما أكثر من بقية أنحاء العالم.
في شباط فبراير، تجاوز متوسط درجات الحرارة المسجلة قرب القطب الشمالي المعدلات الاعتيادية المسجلة بين 1991 و2020 بمقدار 11 درجة مئوية.
في القطب الجنوبي، لوحظ أيضاً انخفاض متزايد في حجم الطبقة الجليدية، ووصل الجليد البحري في القطب الجنوبي -الذي يذوب في الشتاء ويتشكل في الصيف- إلى حد أدنى بلغ 1,98 مليون كيلومتر مربع في الأول من آذار مارس، وهو ثاني أدنى مستوى يُسجَّل، ليتعادل مع مستويات عامي 2022 و2024.
وبحسب مرصد كوبرنيكوس الأوروبي، وصلت المساحة السطحية التراكمية للجليد البحري حول القطبين إلى مستوى متدنٍّ تاريخي جديد في شباط فبراير الفائت.
وبحسب وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، يزيد الانخفاض العالمي في الغطاء الجليدي مقارنة بمستويات ما قبل عام 2010 عن مليون كيلومتر مربع، وهي مساحة أكبر من مساحة الجزائر.
عواقب جيوسياسية
مع أنّ ذوبان الجليد البحري لا يؤدي بشكل مباشر إلى رفع مستوى المحيطات على عكس ذوبان الجليد على اليابسة (القمم والأنهر الجليدية)، فإنه يؤدي إلى آثار مناخية كثيرة تهدّد عدداً كبيراً من النظم البيئية.
تعتمد أنواع كثيرة مثل الدب القطبي أو طيور البطريق الإمبراطور على الجليد البحري للتكاثر والتغذية.
ويتسبّب هذا الذوبان أيضاً في تفاقم ظاهرة الاحترار المناخي، إذ من خلال انخفاض حجم الغطاء الجليدي يظهر المحيط الذي يعكس طاقة شمسية أقل ويمتص مزيداً من الطاقة، بما أن لونه أغمق من لون الجليد.
ولهذا التدهور أيضاً عواقب جيوسياسية، لأن انخفاض الطبقة الجليدية يفتح مسارات بحرية جديدة ويتيح الوصول إلى موارد معدنية، ويثير ذلك أيضاً أطماعاً، أبرزها رغبات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن غرينلاند، وهي منطقة دنماركية تتمتع بحكم ذاتي.. وقال مجدداً الأربعاء «نحن بحاجة إليها».
هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية