عاشت سوريا حربًا أهلية دامت 14 عامًا، تغذّت بتدخلات خارجية تحت شعارات الطائفية ومكافحة الإرهاب، بينما سعى بعضها لتحقيق مصالح براغماتية كإنشاء قواعد عسكرية وإعادة رسم المشهد السياسي والأمني.
في ظل هذه الظروف، لجأ سوريون إلى تهريب الأدوية والوقود من لبنان حيث الأسعار أقل، فيما أصبحت الحدود بين البلدين ممرًا لتهريب البضائع والمخدرات والسلاح والبشر، مستفيدة من غضّ الطرف أو حتى ما يصفه البعض تواطؤ النظام السابق، بينما بقيت القرى الحدودية مهملة بلا تنمية تُذكر.
تربط سوريا بلبنان ستة معابر حدودية رسمية تُستخدم للحركة التجارية والمدنية، وقد شهدت هذه المعابر خلال سنوات الثورة السورية سيولة كبيرة، أتاحت تدفقاً للاجئين السوريين للعودة من لبنان، حيث أُغلق بعضها لسنوات طويلة وكانت تخضع لسيطرة النظام السوري قبل سقوطه.
وهذه المعابر هي معبر جديدة يابوس (معبر المصنع)، معبر الدبوسية، معبر العريضة، معبر جوسية، معبر تلكلخ ومعبر مطربا.
وبحسب محللين تحدثت معهم بي بي سي، تنتشر على الحدود اللبنانية السورية أكثر من 15 نقطة عبور غير رسمية تُستخدم في تهريب المخدرات والأسلحة وغيرها من الأنشطة غير القانونية.
حكاية "حوش السيد علي" قرية حوش السيد علي مقسمة بين لبنان وسوريا، حيث يقع نصفها داخل الأراضي اللبنانية والنصف الآخر في سوريا. بينما يؤكد لبنان ملكيته الكاملة لها، تعترض سوريا، مشيرة إلى أن جزءًا منها يتبع محافظة حمص ويعد أرضًا سورية.
يبلغ عدد سكان القرية حوالي ألف نسمة، ويتميز المجتمع فيها بوجود تداخل اجتماعي بين العائلات السورية واللبنانية بسبب الزيجات المختلطة بين الجانبين.
ويقول علي أحمد سهلب وهو أحد مواطني القرية التي يعيش فيها حوالي ألف نسمة لبي بي سي إنه ولد وتربى في قرية حوش السيد علي، وتم تسجيله في قضاء الهرمل اللبناني، لأنه لا توجد مكاتب للسجلات الرسمية في القرية، وعاش سهلب طوال عمره بوثائق لبنانية ولو كان يعيش داخل الأراضي السورية.
سهلب متزوج وعنده خمسة أبناء، تتراوح أعمارهم بين ست سنوات وثمانية عشر عاماً. ويقول إن كل عائلته وأقاربه يسكنون في حوش السيد علي.
ويضيف: "كنت أمتلك محل 'سوبر ماركت' للمواد الغذائية، لكنه احترق بسبب الاشتباكات الأخيرة التي شهدتها القرية".
بسبب الأحداث نزح سهلب إلى قضاء الهرمل بينما ذهبت زوجته وأولاده إلى بعلبك. وما زال يبحث عن منزل يجمعه بأسرته، إذ يستبعد العودة قريباً إلى القرية.
ويقول سهلب إن حوش السيد علي كانت قرية آمنة، لكن خلال عامي 2011 و2012، تعرضت لهجمات من بعض الفصائل المسلحة: "حين تم طردهم من القرية تمتعنا باستقرار أمني جيد جداً، حتى أنه لم تحدث أي عمليات سرقة".
ويضيف: "نعلم بوجود معابر غير شرعية على الحدود، تُستخدم لعمليات تهريب غير قانونية".
أزمة الحدود اللبنانية - السورية في منتصف شهر مارس/آذار، قالت وزارة الدفاع السورية إن ثلاثة مواطنين سوريين اختطفوا من قبل ما أطلقت عليهم "مليشيات حزب الله" وقتلوا داخل الأراضي اللبنانية.
توجهت بعدها قوات من وزارة الدفاع السورية إلى المنطقة حيث تم تبادل إطلاق النار على جانبي الحدود.
ويقول سهلب إنه عند بداية المناوشات في القرية، "كنت في منزلي مع أسرتي، ثم سمعنا سقوط صاروخ على القرية أصاب بيت أحد جيراني على بُعد نحو 25 مترًا من منزلي وسمعنا إطلاق نار كثيف."
يتابع سهلب "شعر أولادي وزوجتي بخوف شديد وهرعنا للهرب نحو لبنان، وعند خروجي من المنزل، وجدت جاري مصابًا في قدمه ويحاول الهرب بسيارته، فتوقف الرجل وأخذني أنا وعائلتي معه، وهربنا تحت وابل من النار."
بعد ثلاثة أيام تقريباً، تمكن الجيش من فتح الطريق، ووجد العديد من سكان القرية أن منازلهم قد سُرقت أو احترقت، بحسب سهلب.
ويتابع "ليس لي أي علاقة بأي حزب، أو أي تنظيم سياسي. يُشاع أن هذه القرية تابعة لحزب الله، لكن هذا الكلام غير صحيح مطلقًا. لا يوجد أي شخص في القرية ينتمي للحزب، ونحن مواطنون مسالمون تمامًا."
الاشتباكات بين عناصر الأمن السوري ومن قالت وزارة الدفاع السورية إنهم "فصائل حزب الله" استمرت لأيام قبل أن يتوصل الجانبان إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بعد اتصال بين القيادتين السورية واللبنانية.
وقالت وزارة الدفاع السورية إنها ضبطت مخازن للمخدرات في حوش السيد علي، بينما نفى حزب الله انخراطه في الاشتباكات على الحدود أو علاقته بأي من المضبوطات.
لجان مشتركة للسيطرة على الحدود يقترح العميد الركن متقاعد الدكتور هشام جابر، الخبير الاستراتيجي اللبناني ورئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات في حديثه لـ"بي بي سي" تشكيل لجنة مشتركة من الطرفين لترسيم الحدود ومراقبتها، وتحديد الآليات والتقنيات.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من بي بي سي عربي