لا شك أن الهجوم الذى قامت به حماس على إسرائيل فى ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ كان مفاجأة عسكرية من الطراز الأول رجت المجتمع الإسرائيلى ولكنها بدلا من أن تدفعه فى اتجاه التفاوض حول قيام الدولة الفلسطينية فإنها دفعته إلى واحدة من أكبر حروب الإبادة والسعى نحو التطهير العرقى منذ الحرب العالمية الثانية. ولكن العملية كانت الهدية الأولى التى أعطتها حماس لإسرائيل ليس فقط لكى يتمترس اليمين الدينى الإسرائيلى فى الحكم مفوضا - على الأقل فى البداية - من الغالبية لكى يسعى بالحديد والنار لتحقيق كل أحلامه فى التوسع والتخلص من الفلسطينيين. دخل الفلسطينيون الحرب وهم فى أسوأ ظروفهم نتيجة قيام حماس بتقديم هدية أخرى تمهيدية سابقة على عملية غلاف غزة وهى أولا تحقيق الانقسام الفلسطينى بفصل الضفة عن القطاع من خلال انقلاب فى عام ٢٠٠٧؛ وثانيها الاقتراب الشديد فى العلاقات مع إسرائيل لتحقيق حلم نتنياهو فى المنع الأبدى لقيام الدولة الفلسطينية، فضلا عن المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. وجرى ذلك من خلال قيام إسرائيل بتقديم تسهيلات مالية مع الغاز والكهرباء وصيد السمك فى البحر المتوسط بهدف تشكيل نوع من شبه الدولة Mini State تنهى فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة. هذا الاقتراب دفعت حماس والشعب الفلسطينى ثمنا فادحا له لأنها قدمت حركة التحرر الوطنى الفلسطينية فى ثياب من يمكن التلاعب بهم، ودفعهم دفعا بعيدا عن الدولة. أصبحت حماس «خائنة» لأهلها وأعدائها معا.
الهدية الثالثة بعد السابع من أكتوبر أن حماس لم تكن تعرف شيئا عما سوف تفعله فى الثامن من أكتوبر. كان التصور هو أن ضربة الهدية سوف تكفى لانهيار المجتمع الإسرائيلى، وإذا عز الانهيار فورا، فإن «الرهائن» سوف تفضى إلى انقسام إسرائيل حول هدف الحرب وهل هو تحرير الرهائن أو هزيمة حماس. ما حدث فعليا هو أن نتنياهو ربط بين الهدفين بالاستخدام الأقصى للقوة للقتل والتدمير والضغط من أجل تحرير الرهائن فى وقت واحد، وجرى ذلك بوحشية نادرة. لم يكن لدى حماس القدرة على الحسابات الاستراتيجية لتوازن القوى بينها وإسرائيل؛ ولا كان لديها القدرة على الاستفادة من حروب غزة الأربعة السابقة والتى سارت بنفس المتوالية من فعل لحماس - إطلاق صواريخ أو خطف جندى إسرائيلى - وبعد ذلك يبدأ القصف الجوى الإسرائيلى ومعه تدمير البنية الأساسية الفلسطينية وأعداد كبيرة من الضحايا.
المدهش أن قناة الجزيرة القطرية لعبت دورا مخالفا الدور النبيل الذى لعبته الحكومة القطرية بالمشاركة مع مصر من أجل وقف إطلاق النار رغم كل الصعوبات التى وقفت فى طريق التفاوض خاصة بعد تداخل الإدارة الأمريكية الجديدة للرئيس ترامب مع الحرب فى اليمن من ناحية، والمفاوضات فى القاهرة والدوحة. ما فعلته القناة لم يكن فقط التعاطف مع الشعب الفلسطينى كما فعلت جميع القنوات العربية؛ وإنما أكثر من ذلك أنها سلمت موضوعيتها لعدد من الممثلين لتنظيم حماس الذى قدموا كل أشكال التراجع والدمار على أنها تمثل انتصارا فلسطينيا ولبنانيا تتراجع مع القوى الإسرائيلية هاربة ومندحرة.
الهدية الرابعة أن حماس راهنت كثيرا على «وحدة الساحات» فى شن حرب من جبهات متعددة تكفى لارتباك إسرائيل والضغط عليها لكى تحقق ما تطلبه حماس من جلاء فورى عن غزة، وبدء عملية التفاوض حول مستقبل القضية الفلسطينية. ولكن وحدة الساحات من ناحية جعلت إسرائيل أمام الرأى العام العالمى تحارب على سبع جبهات: غزة، والضفة، وسوريا، ولبنان، والعراق، واليمن، وإيران......
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة المصري اليوم