يقف العالم مذهولاً بما في ذلك خصوم وحلفاء الولايات المتحدة على حد سواء، بعد الرسوم الجمركية المزلزلة التي أعلنها دونالد رتامب، حيث تُعد بمثابة تفجير النظام الاقتصادي العالمي القائم منذ عقود وتدشين لمرحلة جديدة تنهي عصر العولمة الذي دعمته طويلاً أمريكا، لكنها تهدد بتبعات اقتصادية وسياسية مؤلمة في مختلف أنحاء العالم وحتى داخل الولايات المتحدة نفسها.

ـ 600 مليار دولار سنوياً

شركة تحليل بيانات أمريكية، أحصت أن إعلانات ترامب ستؤدي إلى فرض رسوم جمركية أمريكية جديدة بقيمة 600 مليار دولار سنوياً وستكون معظمها من 10 دول تقريباً، حيث تُمثل الصادرات الصينية ربع الرسوم الإضافية بقيمة 149 مليار دولار.

وستُفرض رسوم جمركية على السلع الفيتنامية بقيمة 63 مليار دولار، والمنتجات التايوانية بقيمة 37 مليار دولار والصادرات اليابانية بقيمة 36 مليار دولار. وستُفرض رسوم جمركية إضافية على السلع الألمانية والأيرلندية مجتمعة بقيمة 41 مليار دولار.

وبينما يسعى ترامب إلى إعادة هيكلة النظام الاقتصادي العالمي بفرض الرسوم الجمركية على السلع المستوردة، مدعياً أنها ستنعش قطاع التصنيع الأمريكي وتدرّ إيرادات، لكن بحسابات المكسب والخسارة، فإن النتائج صادمة، بل إن المواطن الأمريكي سيكون أول المتأثرين بها.

ـ من يدفع التعريفات؟

التعريفة الجمركية هي ضريبة حكومية إضافية على المنتجات المستوردة من دول أخرى وفهمها يعني استيعاب آلية عمل سلاسل التصنيع والتجارة والتوريد، وكيفية تزايد التكاليف على طول الطريق، حيث تدفع الشركات التي تستورد البضائع إلى بلد ما التعريفات الجمركية وإن كانت دول مثل الصين والمكسيك وكندا لا تدفع أي أموال مباشرة للحكومة الأمريكية ويمكن توزيع تكلفة التعريفات الجمركية بين الشركات والدول حسب النظام المتبع.

يتفق خبراء السياسات التجارية على أن المستهلكين الأمريكيين سيتحملون على الأرجح تكلفة التعريفات الأمريكية الجديدة، كما حدث في ولاية ترامب الأولى، فغالباً ما يرفع تجار التجزئة الأسعار ويواجه المصنعون الذين يستخدمون مواد مستوردة تكاليف أعلى، كما أن فرض التعريفات الجمركية على الواردات يمكن أن يرفع قيمة الدولار الأمريكي، مما يزيد من تكلفة الصادرات الأمريكية. ـ الشركات الأمريكية الناشئة

تُعقّد سياسات ترامب أيضاً قرارات الشركات الأمريكية الصغيرة وقد صرّح بريندن ماكمورو، المؤسس المشارك لشركة تصنيع ألعاب بأن الشركة تُصنّع جميع منتجاتها في الصين منذ انطلاقها قبل حوالي تسع سنوات، لكنها بدأت تُفكّر في إنشاء مصانع في فيتنام أو الهند للحماية من الرسوم الجمركية الصينية على الواردات.

وفي ظل الرسوم الجمركية الباهظة، درست الشركة إمكانية التصنيع في الولايات المتحدة، لكنه قال: إن التكاليف كانت أعلى بنحو خمسة أضعاف من مثيلتها في الصين وعلى الرغم من ارتفاع تكلفة الرسوم الجمركية، فإنه لا يرى أن الإنتاج الأمريكي أصبح أكثر قابلية للاستمرار الآن.

ويقول: إنه لا يعتقد أن من المنطقي الاستثمار في دعم التصنيع في الولايات المتحدة، مضيفاً: إنه إذا جاء رئيس أمريكي جديد، وتراجع عن كل هذه الرسوم الجمركية، فسيكون وضعنا حرجاً للغاية، لذلك يرى أنه من المنطقي أكثر الالتزام بمكان التصنيع الحالي وتجنب اتخاذ خطوات كبيرة محفوفة بالمخاطر.

ـ ارتفاع الأسعار للمستهلك الأمريكي

تستهدف رسوم ترامب الجمركية الدولَ الموردة الرئيسية لمجموعة واسعة من السلع إلى الولايات المتحدة وبالنسبة للأسر الأمريكية، من المرجح أن تكون النتيجة ارتفاع الأسعار في متاجر البقالة ووكالات السيارات ومتاجر الإلكترونيات ومحطات الوقود.

وتُعد المنتجات الطازجة، التي يُستورد معظمها من المكسيك، من أوائل الفئات التي قد يلاحظ المتسوقون ارتفاعاً في أسعارها وقد يحدث هذا في غضون أسبوعين بالنسبة لسلع مثل الأفوكادو والطماطم والفراولة المكسيكية، من بين منتجات أخرى.

أما أسعار السلع المعمرة مثل السيارات، فقد ترتفع بعد وقت أطول نوعاً ما نظراً لوجود مخزونات، أو إذا توقعت الشركات أن تكون الرسوم مؤقتة.

ـ أسعار السيارات

ويقدر مركز دراسات جامعة ييل أن الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب على السيارات والمقرر أن تدخل حيز التنفيذ الخميس، سترفع أسعارها بنسبة 13.5% في المتوسط، أي ما يعادل 6400 دولار إضافية لسعر سيارة جديدة قياسية موديل 2024، علاوة على هذه الزيادة ستدفع الأسر الأمريكية ما بين 500 و600 دولار إضافية نتيجة هذه الرسوم.

ترامب يجادل بأن زيادات الأسعار ستكون ضئيلة مقارنةً بالفوائد الاقتصادية الأخرى وقال عن المستهلكين: «إذا ارتفعت أسعار السيارات الأجنبية، فسيشترون السيارات الأمريكية»، لكن الضغوط الاقتصادية بدأت تظهر، حتى قبل أن يتضح التأثير الكامل في البيانات الرسمية، في وقت يزداد قلق المستهلكين.

ـ تناقض صارخ

وصف ترامب التعريفات الجمركية بأنها أداة متعددة الأغراض وجادلت إدارته بأنها مفروضة على كندا والمكسيك والصين كأداة لإجبار أكبر شركاء أمريكا التجاريين على اتخاذ إجراءات صارمة ضد تدفق المخدرات والمهاجرين إلى الولايات المتحدة، أما الرسوم المتعلقة بالصلب والألمنيوم والنحاس فتعتبرها وسيلة لحماية الصناعات المحلية المهمة للدفاع، بينما ستدعم الرسوم الجمركية على السيارات قاعدة تصنيع داخلية حيوية.

ويقول ترامب: إن النظام الجديد للتعريفات الجمركية يمثل وسيلة لمنع أمريكا من «التعرض للنهب» من قبل بقية العالم وأشار إلى أنها ستُدرّ إيراداتٍ طائلة يمكن للحكومة استخدامها لتمويل التخفيضات الضريبية والإنفاق، بل وحتى لتحقيق التوازن في الميزانية الفيدرالية.

لكن خبراء الاقتصاد يُشيرون إلى أن الرسوم الجمركية قد تُقلّل في الواقع من عائدات الضرائب إذا انكمش الاقتصاد، لأن المستهلكين ينفقون أقل مع ارتفاع أسعار السلع المستوردة.

يُشير خبراء التجارة إلى أن الرسوم الجمركية لا يُمكن أن تُحقّق جميع الأهداف التي عبّر عنها ترامب في آنٍ واحد، لأنه في الواقع متناقضة وعلى سبيل المثال، إذا دفعت رسوم ترامب الشركات العالمية إلى التصنيع داخل الولايات المتحدة، فسيشتري المستهلكون الأمريكيون عدداً.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه

هذا المحتوى مقدم من صحيفة الخليج الإماراتية