تستفز التحركات العسكرية المصرية داخل شبه جزيرة سيناء، الجانب الإسرائيلي وتثير مخاوفه، بالتزامن مع ذلك، تتوالى التحليلات والتصريحات الرسمية وغير الرسمية الإسرائيلية حول تجاوز مصر لبنود اتفاقية السلام.
ووفقاً لمصادر إعلامية إسرائيلية فإن تل أبيب طالبت مصر والولايات المتحدة "تفكيك البنى التحتية العسكرية التي أقامها الجيش المصري في سيناء" من بينها "تحشيد حجم القوات المصرية، ومستوى السلاح المسموح به، وتشييد المنشآت على اختلاف أنواعها".
وفي السياق ذاته، يتصاعد السجال الداخلي الإسرائيلي، حيث أوردت وسائل إعلام إسرائيلية، "رصد تعزيزات عسكرية مصرية في شبه جزيرة سيناء، تشمل إدخال قوات تفوق الحد المسموح به، وتوسيع الموانئ، وإطالة مدارج الطيران".
ومن جانبها، أكدت مصادر إسرائيلية رسمية بأنّ "هناك حواراً جارٍ بين تل أبيب والقاهرة وواشنطن من أجل معالجة القضية، حيث وعدت واشنطن كلا الجانبين الالتزام الكامل بالاتفاقية".
صرح مصدر أمني إسرائيلي مطلع لمنصة "المشهد" أنّ التوتر السائد بين تل أبيب والقاهرة لن يؤثر فعلياً على معاهدة السلام بين الجانبين.
وقال المصدر "رغم أنه سلام بارد لاتوجد علاقات طيبة بين الشعوب، لكن على المستوى الإستراتيجي والأمني العلاقات ممتازة، فمصلحة الطرفين تصب في مواصلة واستمرار العلاقات واتفاقية السلام".
كما أشار إلى أن "إسرائيل تريد الحفاظ على معاهدة السلام مع مصر، عبر كل الطرق الممكنة وتتعاون مع القاهرة يومياً من أجل ذلك، ولا توجد نية أو مخطط لقطع العلاقات وإلغاء الاتصالات، وهذا من منطلق إستراتيجي للجانبين، حيث هناك تنسيق يشمل، الجيش، والمخابرات، وأمور سرية فوق الأرض وتحتها بين البلدين".
على خلفية هذه التحولات العميقة، يعتقد المصدر الأمني أن التطورات الأخيرة على الحدود مع مصر "باتت تحتم على إسرائيل الاستعداد لأيّ سيناريو محتمل، فتحديث مصر تسليحها، والتوسع في الانتشار العسكري يشكل تهديداً للأمن والكيان الإسرائيلي، وعلى ما يبدو بأن مصر تظهر تحركات أحادية الجانب تتعارض مع المصالح الإسرائيلية".
حقائق وإشاعات وسط هذه الأحداث الدرامية غير المسبوقة في إسرائيل، كشف مراسل الشؤون العسكرية لهيئة البث الإسرائيلية إيال عليما، أن "هناك بعض الخروقات المصرية في الملف الأمني في شبه جزيرة سيناء، لكن قبل سنوات عندما كان الجيش المصري يحارب تنظيم داعش في سيناء، وافقت إسرائيل على إدخال قوات إضافية وبعض الآليات والوسائل القتالية".
وأوضح عليما في حديثه مع منصة "المشهد" أنه وفقاً للملف الأمني في اتفاق معاهدة السلام يحرم إدخال مثل هذه الأسلحة. وقال "وتم ذلك من باب المراعاة، مايحدث اليوم نوع من إثارة بعض الإشاعات بكل ما يتعلق بالدور المصري كوسيط بين إسرائيل و "حماس"، وكأن هناك خطر أمني على إسرائيل من قبل الجيش المصري، لا أعتقد بأن هذا الأمر كما يروج له، بل جاء للتغطية على فضيحة قطر جيت".
في ظل ذلك، شدد حول الدور الإستراتيجي الذي تلعبه القاهرة بالنسبة لتل أبيب، أمنياً، وسياسياً، وإستراتيجياً وعسكرياً، قائلاً "الذهاب بالقول إن التوتر العسكري متصاعد ومصر تشكل خطراً على إسرائيل، هذه إشاعات وأنباء ملفقة روجت في وسائل إعلام إسرائيلية من قبل أوساط مختلفة لتحقيق مكاسب معينة".
وتابع "من الناحية العسكرية الإسرائيلية هذه ليست الطريقة التي تنظر إليها وتعالجها المؤسسة العسكرية، وليست الدوائر الإسرائيلية في إسرائيل".
ووفقاً لمراسل الشؤون العسكرية في هيئة البث الإسرائيلية عليما فإن "معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل تعدّ ركناً إستراتيجياً أمنياً وعسكرياً من أركان النظرية الإستراتيجية في إسرائيل، وهناك أمور كثيرة تبقى في طي الكتمان بما يخص العلاقات والاتصالات بين المؤسسات العسكرية".
وقال عليما "لا أعتقد بأن إسرائيل متجهة لتغيير الوضع، لكن مع اندلاع الحرب على قطاع غزة، برزت مخاوف مصرية من تحركات إسرائيل ونيتها إجبار أهالي غزة للنزوح نحو سيناء، وهذا يعتبر تهديد إستراتيجي بالنسبة للقاهرة، والرسائل التي نقلت من إسرائيل للجانب المصري، أكدت بأنها ستراعي موقفها الرسمي ولن تمس بأمنها القومي".
مواضيع ذات صلة خروقات إسرائيلية من جانبه، أكد طارق فهمي رئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، "عدم مخالفة مصر لمعاهدة السلام مع إسرائيل، والتحركات المصرية رد فعل على الخروقات الإسرائيلية".
وقال فهمي في حديثه مع منصة "المشهد": "هناك لجنة اتصال مصرية إسرائيلية بدعم أميركي وتناقش كل المتطلبات بين الطرفين ويتم التوافق عليها، فإسرائيل التي تعتدي وتستفز باستمرار احتلال ممر صلاح الدين، والقيام بإجراءات من الجانب الآخر، في محاولة لإحراج مصر وإظهارها دولة مارقة أمام المجتمع الدولي، وإدخال الولايات المتحدة في الموضوع، لأن قواتها متعددة الجنسيات في سيناء تمولها وتتحرك بالمنطقة".
ونفى فهمي الاتهامات الإسرائيلية بإنشاء بنية عسكرية تشمل بناء عوائق مضادة للدبابات في سيناء، ومطارات جوية ومخازن للأسلحة والوقود، وأنفاق تحت قناة السويس. وقال "هذه منشآت مدنية يوجد فيها عدد من الضباط والعساكر من جنسيات مختلفة، مصر لم تبنِ مطارات، أو مقرات عسكرية ثابتة، لكنها قامت بنشر قواتها الكاملة في سيناء بما يحقق لها المكاسب السياسية والإستراتيجية، فيحق لها أن تفعل ما تشاء بأراضيها".
ولفت إلى أن إسرائيل تريد المكاسب التالية:
أولاً: تعديل معاهدة السلام بأكملها وليس فقط البروتوكول الأمني الحاكم بين البلدين في ممر صلاح الدين أو غيره.
ثانياً: محاولة إخراج مصر من دورها كوسيط بخصوص الحرب في قطاع غزة.
ثالثاً: التربص بمصر وحدودها وتضييق الخناق عليها، لكن في المقابل مصر ترتب خياراتها وأمنها القومي، عبر تعزيزات كبيرة في سيناء، وإسرائيل تدرك ذلك، وماقامت به خلال الساعات الأخيرة في ممر صلاح الدين 2 الجديد، سيخلق مشكلة، مصر سترد بصورة أو بأخرى على هذه الإجراءات الأمنية من جانب واحد.
(المشهد)
هذا المحتوى مقدم من قناة المشهد