الدكتور فيصل الشمري- كاتب ومحلل سياسي مختص بالشأن الأمريكي
في الأشهر الأخيرة، دفعت الرسوم الجمركية المرتفعة وردود الفعل الانتقامية العالم نحو حرب تجارية جديدة، تذكرنا بفترات سابقة من التوتر الاقتصادي.
ومع إطلاق الرئيس دونالد ترامب استراتيجيته الجديدة التي تحمل عنوان يوم التحرير عبر فرض رسوم جمركية ضخمة على الواردات وخصوصاً من الصين تصاعد الجدل بشأن مستقبل العولمة.
هذا المقال يستعرض بشكل موضوعي مبررات ترامب، والسيناريوهات المحتملة إذا نجحت استراتيجيته، ومؤشرات التحول في النظام العالمي، وما إذا كانت الصين قادرة على المنافسة في هذا الواقع المتغير.
منطق ترامب: مخاطرة محسوبة أم موقف أيديولوجي؟
تعتمد سياسة الرسوم الجمركية التي ينتهجها الرئيس ترامب على منطق مزدوج. أولاً، هي محاولة لإعادة التوازن إلى الاختلالات التجارية المزمنة التي، كما يقول منتقدوه، أضرت بقطاعات الأعمال الأمريكية.
ومن خلال فرض رسوم وصلت إلى 54% على الواردات الصينية، يأمل ترامب في الضغط على بكين من أجل إحداث إصلاحات هيكلية اقتصادية وتقديم تنازلات.
ثانياً، تعكس هذه السياسة خطابًا قوميًا واسعًا، يلقى قبولًا لدى أولئك الذين يرون في العولمة تهديدًا لفرص العمل المحلية ولقطاعات الأعمال الأمريكية.
غير أن النقاد يحذرون من أن هذه الخطوات قد تكون سيفًا ذا حدين. فبينما تهدف إلى حماية التصنيع الأمريكي وإعادة التوازن للتجارة، إلا أن فرض الرسوم بشكل مفاجئ قد يؤدي إلى تمزق سلاسل الإمداد، وارتفاع تكاليف المستهلكين، وزيادة حالة عدم الاستقرار في الأسواق العالمية.
يرى ترامب أن هذه المعاناة على المدى القصير تستحق الثمن مقابل المكاسب طويلة الأمد، لكن معظم الاقتصاديين يحذرون من أن هذه الخطة قد تؤدي إلى خنق النمو الاقتصادي ليس فقط في آسيا، بل في جميع أنحاء العالم.
ترامب وخطة التحرير
لم تكن الرسوم الجمركية التي أعلنها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مجرد أداة اقتصادية ظرفية، بل جاءت كمحاولة جادة لإعادة صياغة العلاقة بين الداخل الأمريكي والمنظومة الاقتصادية العالمية.
ما سمّاه ترامب يوم التحريرلم يكن تعبيرًا دعائيًا، بل إعلانًا عن مشروع متكامل لإعادة الضبط الشامل (Hard Reset) لنموذج العولمة الذي يرى أنه لم يعد يخدم المصالح الأمريكية.
الرسالة واضحة: لم يعد مسموحًا باستمرار التبعية الاقتصادية تحت لافتة السوق المفتوح ، ولا بترك سلاسل الإمداد تحت سيطرة دول تعتبرها واشنطن منافسة إستراتيجية، وفي مقدمتها الصين.
وعليه، فإن فرض الرسوم المرتفعة على الواردات، حتى من دول حليفة كالمملكة المتحدة، هو جزء من مقاربة ترى أن الاقتصاد لم يعد شأنًا ماليًا فقط، بل امتدادًا مباشرًا للسيادة الوطنية.
لكن التاريخ لا يغيب عن المشهد. فعندما اتخذ الرئيس ويليام ماكينلي في تسعينيات القرن التاسع عشر خطوات مشابهة، انتهى الأمر بركود اقتصادي، وارتفاع في نسب البطالة، وتراجع في النشاط الصناعي.
اليوم، وفي ظل بنية اقتصادية أكثر ترابطًا وتعقيدًا، تبدو المخاطر مضاعفة، خاصة إذا ما أُسيء تقدير ردود الفعل العالمية.
ما يثير القلق في خطة ترامب ليس فقط جرأتها، بل شمولها. فهي لا تميّز بين الخصم والشريك، بل تتعامل مع الجميع من زاوية حماية الداخل الأمريكي، حتى ولو أدى ذلك إلى تفكيك شراكات تاريخية أو إضعاف التكتلات الغربية نفسها.
إن ما نشهده ليس مجرد خطوة حمائية، بل رؤية تعيد تعريف دور الدولة في الاقتصاد، وتضع أسسًا جديدة للعلاقات التجارية الدولية.
وبهذا المعنى، فإن خطة ترامب هي اختبار حقيقي لقدرة النظام الاقتصادي العالمي على التكيف مع صعود النزعة السيادية، وتحول الاقتصاد إلى أداة صراع تتجاوز الحدود والأرقام، لتدخل في صلب الجغرافيا السياسية للقرن الحادي والعشرين.
هل تنجح خطة ترامب؟ إعادة تشكيل الاقتصاد وإستراتيجيات جديدة.
إذا نجحت الاستراتيجية الجمركية للرئيس ترامب، فإن السيناريوهات.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الوئام