هناك رؤيتان مترابطتان حول ما يهدف إليه التعديل الجذري الذي أجراه دونالد ترمب على نظام التجارة العالمية.
أولى هاتين الرؤيتين هي إنعاش قطاع التصنيع الأميركي، أي القدرة على البناء محلياً والتصدير إلى العالم. لقد خدم نظام التجارة الحرة العالمي، الذي تبلور في أواخر القرن العشرين، الإمبراطورية الأميركية والناتج المحلي الإجمالي الأميركي، ولكن على حساب دور أميركا السابق كقوة صناعية عظمى؛ ولأن وظائف التصنيع كانت مصدراً بالغ الأهمية لتوظيف العمال الذكور، وعلى حساب النسيج الاجتماعي للطبقة العاملة.
في هذا السياق، ومع مرور الوقت، لم تنتقل القاعدة الصناعية إلى الخارج فحسب، بل انتقلت إلى أراضي أكبر المنافسين وهي الصين. لذا، فإن إعادة بناء الصناعة في أميركا تحمل فائدتين محتملتين، حتى لو ضحّت ببعض الكفاءات التي توفرها التجارة العالمية. فوظائف المصانع تملأ فجوة اجتماعية واقتصادية محددة، حلّ محلها المخدرات والتدهور الاقتصادي واليأس. إن وجود قاعدة تصنيع حقيقية أمر ضروري، إذا كنا سنظل مقيدين بالمنافسة بين القوى العظمى لعقود مقبلة.
مع ذلك، ووفقاً لهذه الرؤية، يبدو أن فرض الرسوم الجمركية سيكون أكثر فاعلية ضد الصين، والدول التي تقع في فلكها الاقتصادي المباشر، والدول النامية التي تُعدّ مناطق طبيعية للاستعانة بمصادر خارجية. لكن إدارة ترمب فرضتها بشكل عام، على الاقتصادات النظيرة والحلفاء. تبدو هذه السياسة أكثر شمولاً من الهدف المنشود، فالضرر المحتمل على النمو كبير جداً.
وهنا تبرز الرؤية الثانية، وهي أن هذه السياسة تتعلق بالعجز المالي، إن النظام العالمي نفسه الذي جعل أميركا مستورداً مكّن أيضاً من اقتراض مبالغ طائلة، لكننا نصل إلى نقطة لا يمكن فيها الاستمرار في هذا الاقتراض، حيث ستسحق أسعار الفائدة على الدين القدرة على صنع السياسات، حتى لو لم يكن هناك هروب عام من الدولار.
هنا تخدم الرسوم الجمركية عدة أغراض. وبشكل أكثر وضوحاً، فهي تُولّد إيرادات دون إبرام صفقة كبرى على الرعاية الطبية والضرائب، وهو نوع من الاستقطاب الشديد بين الحزبين.
وإذا أدى ذلك إلى انخفاض النمو، فإنه يشجع أيضاً على اللجوء إلى سندات الخزانة الآمنة، مما يخفض سعر الفائدة على الدين الحكومي (وهو أمر يحدث بالفعل).
وأخيراً، تتيح الحرب التجارية فرصةً لمراجعة أوسع للنظام الاقتصادي.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الشرق الأوسط