لا طاقة لنا أو قوة لمواجهتهم، فنضطر للاستسلام".. خمسة أشخاص من مجتمع الميم-عين في ليبيا يحكون لبي بي سي معاناتهم مع القمع والعنف ومحاولات النجاة

** لقد غيّرنا جميع الأسماء، باستثناء كايلي ديڤون، حفاظاً على هوية المتحدثين.

"لدي شعور دائم بأن مصيبة ما ستحل بي في أي لحظة. أنا قلق طوال الوقت، وشعري يتساقط باستمرار من شدة التوتر، لا أثق بأحد. هذا حالنا هنا في طرابلس. نحن في جحيم لا يطاق". هكذا يصف جيكوب (اسم مستعار) الفنان الثلاثيني، مثلي الجنس، حاله وحال غيره من أفراد مجتمع الميم عين في ليبيا.

تحدثت بي بي سي إلى خمسة ليبيين مثليين وعابرين جنسياً، يقيم اثنان منهم في ليبيا وثلاثة غادروها.

تحدث الخمسة عن معاناتهم اليومية مع العنف والخوف والتنمر - معاناة مستمرة منذ سنوات طويلة، كما أخبرونا، منذ أن قرروا عيش هويتهم الجنسية بما يتماشى مع مشاعرهم وما يرغبون به.

"إخوتي الكبار كانوا يضربونني لأتصرف 'كالرجال'" في ليبيا، كما في دول أخرى، للجنس خانة في جوازات السفر.

ويفرض الجنس المحدد عند الولادة في مجتمعاتنا على الفرد مجموعة من القواعد المسبقة التي تحدد سلوكه وميوله، ويُوصم كل من يخرج عنها بـ"الشذوذ".

ينظر أغلب المجتمع الليبي للمثلية الجنسية والعبور على أنها ظواهر "خارجة عن الفطرة" و"مخالفة للدين والأعراف الثقافية والاجتماعية". ويقول أفراد مجتمع الميم-عين إنهم يعانون غالباً من وصم وتنمر وعنف في أوساطهم الاجتماعية المختلفة وعلى مواقع التواصل. وتبدأ المعاناة أحياناً داخل البيت العائلي.

"في التجمعات العائلية والمناسبات، كان إخوتي الكبار يضربونني لأتصرف 'كالرجال'. الآن يصرون على أن أتزوج من امرأة، لكنني لا أستطيع"، يقول جيكوب لبي بي سي.

أما داليا (اسم مستعار) ذات العشرين عامًا، العابرة جنسيا من ذكر لأنثى، فتقول إن عائلتها قد أجبرتها، في ليبيا قبل مغادرتها إلى تونس، على تناول جرعات من هرمون التستوستيرون (الهرمون الذكري).

"أبي وأمي، وهما طبيبان، أصرا على إخضاعي لما يسمى بالعلاج التصحيحي لكي أصبح 'مثل الرجال' "، تقول داليا.

لكن جسم داليا لم يتقبل الهرمون. تقول إنها كانت تصاب بآلام في البطن وصداع في الرأس وشعور بالدوران يفقدها القدرة على المشي كلما تناولت الجرعات، حينها فقط توقفت عن تناولها.

تعرّف كايلي ديڤون، العابرة جنسيا من ذكر لأنثى، نفسها كأول ليبية عابرة جنسيا تخرج للعلن. تعيش في ألمانيا منذ ثماني سنوات وهي مغنية وصانعة محتوى على مواقع التواصل الاجتماعي.

تقول كايلي إنها عانت عنفاً وكراهية في الشارع والجامعة وفي كل مكان كانت تذهب إليه، قبل مغادرتها ليبيا.

"يرشقوننا بزجاجات أو بالحجارة في الشارع. في أول يوم دخلت فيه جامعة في طرابلس، تنمر الجميع على طريقة مشيي وكلامي، كانوا ينعتوني 'بالمخنث' "، تقول كايلي.

انتشار الجماعات المتشددة فاقم الخطر لم تكن لمجتمع الميم-عين في ليبيا حرية العيش بهوياتهم الجنسانية وميولاتهم الجنسية الحقيقية في أي وقت من قبل، وتبقى الحرية الجنسية ممنوعاً دينياً واجتماعياً في ليبيا.

لكن من تحدّثنا إليهم يقولون إن مستوى الخطر والخوف الذي يعيشونه اليوم لم يكن بهذه الحدة قبل ظهور الجماعات المتطرفة في البلاد عام 2014.

كانوا قبل ذلك يجتمعون في بعض مقاهي الشيشة التي يقولون إنها "كانت متنفسا لهم"، يتجمعون فيها لساعات يعيشون فيها بعض الحرية وشيئاً من الأمان.

"لم يتعرض لنا أحد هناك بسوء. كنا نرقص على الأغاني ونقضي أوقاتاً ممتعة رغم الحذر"، تؤكد كايلي.

لكن يقول المتحدثون إن الخناق ضيق عليهم وعلى مجتمع الميم-عين في ليبيا بالكامل بعد فرض هذه الجماعات المسلحة المتشددة السيطرة الفعلية على مناطق واسعة في البلاد.

"بدأوا في التحريض علينا بنشر صورنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي واتهامنا بالخروج عن الدين الإسلامي وممارسة الرذيلة حسب وصفهم"، تقول كايلي بحسرة.

وكانت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا لعام 2023 قد عبّرت عن قلقها إزاء دمج الجماعات المسلحة وقادتها في مؤسسات الدولة، وانتشار الإيديولوجيات الدينية المحافظة ذات التوجه السلفي، والتي، بحسب البعثة، ساهمت في تضييق الفضاء المدني.

تكييف القانون للتعامل مع تهم متعلقة بالهوية الجنسية تحصلت بي بي سي على نسخة من مذكرة قانونية مقدمة من وكيل النيابة العامة في طرابلس حول قضية رقم 230-2024 التي ألقي فيها القبض عام 2024 على ما تقول المذكرة إنهم "19 متهما ممن تبنوا فكر الإلحاد وآمنوا بالمثلية والحرية الجنسية".

ولايوجد ذكر صريح للمثلية الجنسية في قانون العقوبات الليبي، لكن السلطات الليبية تستند في اعتقال بعض أفراد مجتمع الميم-عين على الباب المخصص للـ"مواقعة" في قانون العقوبات وفقا للمادتين 407 و408 اللتان تنصان تباعا على أن "كل من واقع إنساناً برضاه يعاقب هو وشريكه بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات". و "كل من هتك عرض إنسان برضاه يعاقب هو وشريكه بالحبس".

وفي عام 2016، تبنى المؤتمر الوطني العام في ليبيا القانون رقم 11 لسنة 2016 المتعلق بـ"حماية الآداب العامة"، والذي يجرّم "جميع الأفعال المنافية للآداب العامة وأحكام الشريعة الإسلامية" في الأماكن العامة.

وترى الرابطة الدولية للمثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية وحاملي صفات الجنسين (ILGA) إن هذا التشريع يمثل تقييداً محتملاً لحرية التعبير في المسائل المتعلقة بالمجتمع الكويري في ليبيا.

وقالت منظمة "كن"، وهي منظمة أسسها نشطاء ليبيون في المهجر للعمل على تمكين المجتمع الكويري في ليبيا، لبي بي سي إن "بعض الأفراد يعتقلون لمجرد الاشتباه بانتمائهم لمجتمع الميم-عين أو لمظهرهم تحت غطاء 'حماية قيم المجتمع'. وقد تصل فترة الاحتجاز أشهراً يتعرضون خلالها للتعذيب والانتهاكات وقد يسجنون لمدة قد تزيد عن خمس سنوات".

وقالت رتاج ابراهيم، إحدى مؤسسي منظمة "كن" لبي بي سي إن "جهازًا أمنيًا خاصًا" مقره جهاز دعم الاستقرار بطرابلس، يتعامل مع ملف مجتمع الميم-عين.

وقد طلبت بي بي سي من جهاز دعم الاستقرار في طرابلس ردا على هذه الاتهامات، لكنها لم تتلق أي رد حتى تاريخ نشر هذا المقال.

"الاستغلال الجنسي عند الاعتقال" تقول ميرا (اسم مستعار)، العشرينية العابرة جنسيا من ذكر لأنثى، إنها لا تزال تذكر تفاصيل اعتقالها مع شريكتها قبل عشر سنوات ممن تقول إنهم أفراد أمن في عين زارة، وقد عرفتهم من زيهم وسيارتهم.

"لا أزال أشعر بنفس الألم والخوف.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من بي بي سي عربي

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من بي بي سي عربي

ثبات امرأة يمنية لحماية ابنها في محل أثناء قصف أمريكي
منذ ساعة
رفح ضمن "المنطقة العازلة" الإسرائيلية الجديدة، ونتنياهو يدعم فصل جنود إسرائيليين بعد رسالة احتجاج
منذ ساعة
ترامب يعلق الرسوم الجمركية قما هو موقف الدول العربية؟
منذ 38 دقيقة
"إديوكتلي".. منصة مصرية تساعد الطلاب في اختيار تخصصاتهم الجامعية. تضم المنصة أكثر من 17 ألف جامعة من 150 دولة، وتقدم خدماتها للطلاب في جميع أنحاء العالم. #تعليم
منذ 6 ساعات
ترامب يعلق الرسوم الجمركية على الدول العربية ودول أخرى وزيادتها على الصين
منذ ساعة
الجلوس والوقوف: اختبار بسيط يكشف عن تقدمك في السن
منذ 10 ساعات
السعودية تكتشف 14 حقلًا جديدًا للزيت والغاز
سكاي نيوز عربية منذ 11 ساعة
العالم يترنح بين عجيزة ترامب وقلبه
قناة روسيا اليوم منذ 4 ساعات
احذر.. ساعة على الهاتف قبل النوم تزيد الأرق بنسبة 59%
قناة العربية منذ 9 ساعات
بينها تخطي الفطور.. 8 أخطاء شائعة قد تضعف الذاكرة
قناة العربية منذ ساعتين
تضامنًا مع فلسطين.. إبتهال أبو السعد «المبرمجة المغربية المُقالَة من مايكروسوفت» تدعو إلى مقاطعة منتجات الشركة وتوجه رسالة إلى زملائها
قناة الغد منذ 23 ساعة
"الخيار واحد من اثنين للأمريكيين: إما الاستيقاظ أو الخضوع لملكنا الجديد ترامب".. إليكم أبرز ما جاء بحوار ساندرز على CNN بعد رفع الرسوم الجمركية على الصين إلى 125%
سي ان ان بالعربية منذ 8 ساعات
"أحب الاستحمام جيدًا للعناية بشعري الجميل".. ترامب يوقع أمراً تنفيذياً لتغيير معايير "رأس الدوش"
قناة DW العربية منذ 8 ساعات
منتجات مفيدة للمفاصل
قناة روسيا اليوم منذ 9 ساعات