إذا كان ثمة أمل فى مواجهة التهديدات التى تحيط بالمنطقة العربية، فإن ذلك الأمل معقود على عامل التكاتف بين دول المنطقة. ولذلك أستغرب من بعض الآراء التى تظن أن أى دولة تستطيع النجاة بمفردها، ومن التحليلات التى تتبارى فى بث روح التفرقة، التى تتعامل مع المخططات الإسرائيلية ــ الأمريكية على أنها قضاء من الله لا راد له. ولا أدرى لماذا تغيب عنا كلمات بعض حكماء الأمة مثل كلمة شيخ الأزهر فى مؤتمر الحوار الإسلامى ــ الإسلامى فى البحرين فى شهر فبراير الماضى والتى قال فيها «نتعاون فيما اتَّفقنا فيه، ويَعْذُرُ بعضُنا بعضًا فيما نختلفُ فيه»، والتى دعا فيها لإنشاء «دستور أهل الأمة» ليحفز الدول على نبذ الفرقة وإعلاء المصالح المشتركة للتصدى لخطة تهجير الفلسطينيين من غزة وما بعدها.
أعرف أن الكثير من الناس، لم يعد يؤمن لا بقومية ولا بعروبة، أو أى فكرة أخرى جامعة، ولكن فلنتذكر أن أى اصطفاف لقوى المنطقة لابد له من راية تجمع البلاد والعباد وتستحفز الهمم. والراية علامة على المشروع السياسى الذى هو أكبر من مشروع تحسين ظروف الحياة، وهى برهان على قيم المنطقة وموروثاتها الحضارية التى تعبر عن وجدان شعوب المنطقة وفى القلب منها حب الأوطان، وهى أيضا مؤشر على اتجاه المستقبل وما يحمله من آمال، مع الوعى بالتحديات على طول الطريق وأولها مشروع «إسرائيل الكبرى» الذى يريد المرجفون فى المدينة صرف الأنظار عنه.
أعرف أيضا أن الكثير من الناس ينتقدون قادة المنطقة، ويتهمونهم فى أحسن تقدير بالعجز عن مواجهة التحديات. ولكن لنأخذ فى الاعتبار أن تاريخ المنطقة، منذ غزو العراق للكويت، مرورا بالربيع العربى، ووصولا إلى ما بعد طوفان الأقصى، ممتلئ بقادة أخطأوا فى حساباتهم حتى انهدمت أنظمتهم بضغط من الخارج، وتجاوب من الداخل. ولذلك، من المنطقى أو البديهى أن ينتهج القادة سياسات تحافظ على شرعيتهم لاستمرار الأنظمة، لأن الخطأ فى الحسابات لا ينزع الحكم فقط، ولكن يقوض استقرار الدول ويدفعها للانزلاق إلى الفوضى. والآن بعد تجدد القتال فى غزة، وتوسع إسرائيل فى استهداف سوريا، مع محاولاتها فرض شرق أوسط جديد فى مشرق العالم العربى، على غرار ما سبق وفعلته صنيعتها داعش فى نفس المكان، كل هذه التطورات تضع القادة أمام مسئولية تاريخية أكبر.
المطلوب هو التكاتف لمواجهة هذا الخطر الداهم، بدءا من تشجيع الدول الموقعة على الاتفاق الإبراهيمى على الانسحاب منه، وتعليق أى عملية تطبيع. ثم طرح البديل الذى يعلى من مصالح المنطقة، فعلى سبيل المثال يمكن الضغط لاستبدال مسار طريق الهند أوروبا ليتحول عن إسرائيل، ويسلك طريق الأردن ــ لبنان أو الأردن ــ سوريا.
لاحظ أن طوفان الأحداث، وسرعة جريانها، وفيض المعلومات، على افتراض صحتها، كلها عوامل تؤثر على وعى الناس الذين يشاهدون ما يجرى لحظيا. نضيف إلى ذلك القنوات الإعلامية التى تتناول يوميا الشأن الجارى. ومنها ما هو فاسد يريد أن يسوّد عيشة الناس، ويطفح بما يحمل من كره وبغض، ويريد إما معاقبة الناس على أنهم رفضوا يوما ما مشروع الإخوان، أو تصفية حسابات سياسية ضيقة للغاية لأن الناس لا تختار ما تختاره تلك القنوات. ومنها ما هو نافع، يعمل على توعية الناس بما يجرى، ويستند إلى مصادر موثقة، وتحليلات رصينة، وأخص بالذكر هنا، قنوات على اليوتيوب، مثل قناة سمرى لمحمد ممدوح، وقناة لطفى زكريا، وقناة المواطن.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من جريدة الشروق
