فيما تكافح شركات ذكاء اصطناعي ناشئة لتعثر على زبائن مستعدين للدفع مقابل خدماتها، تبدو شركة "أنيسفير" (Anysphere) التي تطور مساعد برمجة مدعوم بالذكاء الاصطناعي تسميه "كرسر" (Cursor)، استثناءً شذّ عن تلك القاعدة.
فبرغم أنها لم تنفق أي أموال على التسويق، أصبحت واحدة من أسرع الشركات الناشئة نمواً في التاريخ، وجزءاً من مألوف مطوّري البرمجيات العاملين في شتّى القطاعات، من شركات التقنية المتقدّمة مثل "أوبن إيه أي" إلى العلامات التجارية الاستهلاكية مثل "إنستاكارت" (Instacart) و"سبوتيفاي" (Spotify) و"أوبر" (Uber)، وصولاً إلى مؤسسات لا تُعرف أصلاً بارتباطها بالبرمجيات، مثل دوري البيسبول الأميركي.
أكثر من مليون مستخدم يومياً
"كرسر" هو محرّر شيفرة برمجية مدعوم بالذكاء الاصطناعي، قادر على تحليل سلوك المبرمج واقتراح الأسطر التالية من الكود. كما أنه مزوَّد بروبوت دردشة يتيح للمستخدمين طرح أسئلتهم المتعلقة بالبرمجة.
برغم أنه ليس الأول من نوعه ولا الوحيد في هذا المجال، استطاع جذب مستخدمين بفضل واجهة استخدام سلسة تستند إلى محرّر "فيجوال ستوديو كود" (Visual Studio Code) من شركة "مايكروسوفت"، كما أنه يتوافق مع كثير من النماذج اللغوية الضخمة، سواء تلك المطوّرة داخلياً أو الصادرة عن "أوبن إيه أي" و"أنثروبيك".
قال أوسكار شولتس، رئيس شركة "أنيسفير": "بكلّ بساطة، هو يصقل المهام التي تقوم بها يومياً ويسرّعها".
بلغت الإيرادات السنوية المتكرّرة لشركة "أنيسفير" 100 مليون دولار في يناير. وما لبثت أن تضاعفت بحلول مارس، فيما تجاوز عدد مستخدمي "كرسر" المليون يومياً، وفقاً لمصدر مطّلع طلب عدم كشف هويته نظراً لمناقشته معلومات خاصة.
يتوفر "كرسر" للمستخدمين بموجب اشتراك شهري بقيمة 20 دولاراً للحساب "المحترف" المخصّص للأفراد، و40 دولاراً للحساب المخصص للشركات. وقد أوضح شولتس أن معظم الإيرادات ما تزال تأتي من المستخدمين الأفراد، رغم أن كثيراً يعملون لدى شركات، لكنها لا تغطي كلفة الاشتراك نيابةً عنهم.
لا يحلّ مكان المبرمج البشري
يشير إقبال المبرمجين على "كرسر" إلى انتقال التركيز في قطاع الذكاء الاصطناعي نحو الأدوات القادرة على الاستفادة من نماذج الذكاء، بعد أن كان منصباً على النماذج بحد ذاتها في السابق.
بدأ مؤسسو "أنيسفير" مايكل ترويل (الرئيس التنفيذي الحالي) وأمان سانغر وأرفيد لونمارك وسواله آصف العمل على تطوير "كرسر" في 2022. وقبل طرحه رسمياً في العام التالي، كانت (GitHub) "غيت هَب" قد أطلقت محرّرها (GitHub Copilot) ونشرته على نطاق واسع، ثمّ طرحت "أوبن إيه أي" نموذج "تشات جي بي تي"، محدثة زوبعة الذكاء الاصطناعي التي اجتاحت العالم، فأتى ظهور "كرسر" في لحظة مثالية، بالتزامن مع اندفاع الشركات والمبرمجين والمستخدمين نحو تجربة أدوات الذكاء الاصطناعي الجديدة.
من بين أوائل مستخدمي "كرسر"، كان مهندسو البرمجيات في شركة "نير إيه أي" (Near AI) الناشئة التي شارك في تأسيسها إيليا بولوسوخين، أحد المساهمين في الورقة البحثية العلمية التي يُنسب إليها الفضل في إطلاق موجة الذكاء الاصطناعي الحالية.
يوفّر "كرسر" على المبرمجين الوقت الذي كانوا يضيّعونه على "جوجل" ومنصات مرجعية مثل "ستاك أوفرفلو" (Stack Overflow) بحثاً عن أجوبة على أسئلة متعلقة بالبرمجة. لكن هذه الأداة لا تحلّ بديلاً عن المبرمج البشري. قال بولوسوخين إن "كرسر" ما يزال يواجه صعوبة في التعامل مع المهام البرمجية المعقّدة التي تتطلّب سلسلة خطوات.
مع ذلك، فإن التطبيق قادر تلقائياً على حلّ المشاكل بسرعة، كما بيّن مصمّم المنتجات البرمجية دانيال ديستيفانيس الذي يستخدم "كرسر" لتطوير تطبيق لنظام التشغيل (iOS) يعرض ساعة أنيقة في وضع الاستعداد أثناء شحن الجهاز.
أقرّ ديستيفانيس أن البرنامج قد يرتكب بعض الأخطاء، ومع ذلك ولّد الجزء الأكبر من الشيفرة البرمجية للتطبيق الذي يطوّره، والذي يتوقع إنجازه في الفترة بين أبريل ومايو.
قال ديستيفانيس إن استخدام أدوات البرمجة المدعومة بالذكاء الاصطناعي منحه "نوعاً من الزخم الابداعي". وأشار إلى أن "كرسر" يتميز بذاكرته طويلة الأمد التي تمكّنه من حفظ سياق المشروع البرمجي، وبقدرته على تصحيح الأخطاء التي كانت تعرقل.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من اقتصاد الشرق مع Bloomberg