انطلقت اجتماعات الربيع لعام 2025 لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد، أمس الإثنين، في العاصمة الأميركية واشنطن، بمشاركة عدد من قادة العالم، والمسؤولين الحكوميين، وممثلي المجتمع المدني، ورواد الصناعة، بهدف صياغة مستقبل التعاون الدولي.
وشهد اليوم الأول من الاجتماعات انعقاد المؤتمر الثاني المشترك بين صندوق النقد الدولي والمنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية "أيوسكو" حول التمويل القائم على السوق.
وحملت أولى جلسات اجتماعات الربيع عنوان "اتجاهات الذكاء الاصطناعي وتداعياتها على الاستقرار المالي"، واستضافت نائب الوزير للشؤون الدولية لوكالة الخدمات المالية (FSA) في اليابان شيغيرو أريزومي، والمدير العام لتحليلات السوق وهيكل التنظيم في شركة "سيتاديل سيكيوريتيز" غريغ بيرمان، ومساعد المدير العام، السلطة النقدية في سنغافورة (MAS)، توانغ لي ليم والرئيس التنفيذي لهيئة السلوك المالي (FCA) في بريطانيا والرئيس المشارك لفريق العمل المعني بالاستقرار المالي في IOSCO نيخيل راتهي، ومساعد مدير إدارة الأسواق النقدية والرأسمالية في صندوق النقد الدولي، جيسون وو وأدار الجلسة الأمين العام للمنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية (IOSCO)، رودريغو بوينافينتورا.
أخطار الهلوسة في الذكاء الاصطناعي التوليدي
وقال مساعد المدير العام للسلطة النقدية في سنغافورة، توانغ لي ليم، "إننا جميعاً نعلم أن تشات جي بي تي، الذي جرى إطلاقه في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، إضافة إلى النماذج اللغوية الكبيرة الأخرى، غيرت بصورة كبيرة المشهد التكنولوجي. تشات جي بي تي أو النماذج اللغوية الكبيرة غيرت كثيراً في طريقة تفاعل البشر مع الذكاء الاصطناعي".
وأشار إلى أن "هذه التقنية تمنحنا إحساساً زائفاً بالأمان، لأنها سهلة الاستخدام جداً، لكن في الوقت نفسه ننسى أن وراءها كثيراً من النمذجة المعدة والبيانات. ومع النماذج اللغوية الكبيرة، من المؤكد أن الجميع سمع عن خطر الهلوسة، وهو أحد الأخطار الرئيسة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي أو الذكاء الاصطناعي التوليدي".
وأوضح ليم أنه يجب أن يكون هناك إشراف على الذكاء الاصطناعي وإدارته، وأن تجري مراقبة واختبار أنظمة الذكاء الاصطناعي بصورة صحيحة، مع ضرورة بناء الكفاءات والخبرات الداخلية.
وأشار إلى أهمية النظر في مزودي الخدمة الخارجيين وكيفية الإشراف عليهم وإدارتهم، بما في ذلك الإفصاحات المناسبة سواء للمشرفين أو للعملاء، وأخيراً، شدد على أهمية البيانات.
وأضاف، "كما يظهر في التقرير الذي نشرناه الشهر الماضي، زاد استخدام الذكاء الاصطناعي وتعليم الآلة في المؤسسات المالية، سواء للأتمتة أو لاكتشاف قضايا غسل الأموال، إضافة إلى التحليل البسيط".
"التكنولوجيا والمال يتكاملان"
من جانبه قال نائب الوزير للشؤون الدولية في وكالة الخدمات المالية (FSA) في اليابان شيغيرو أريزومي، "نحن في حاجة إلى النظر بعناية فائقة في هيكل إدارة الأخطار أو الحوكمة للمؤسسات المالية. نحن كمنظمين ومشرفين يجب أن نكون حذرين جداً في تبني الذكاء الاصطناعي التوليدي، لأن ذلك يؤثر ليس فقط من منظور إدارة الأخطار، بل أيضاً على القدرة التنافسية للمؤسسات المالية. لذلك، ليس الأمر مقتصراً على الجانب الجزئي فحسب، بل يجب أن نأخذ في اعتبارنا أيضاً الجانب الكلي، وليس فقط من منظور الاستقرار المالي، لكن أيضاً من حيث تأثيره في القدرة التنافسية للقطاع المالي ككل".
وأوضح أريزومي أنه "في هذا السياق، تعد المؤسسات المالية في مرحلة حاسمة، السلطة المالية اليابانية (FSA) تتبنى وجهة نظر مفادها أن هناك خطراً في عدم تحدي أو عدم تطبيق الذكاء الاصطناعي، لأننا نعتقد أنه وسيلة لتعزيز القدرة التنافسية وتحسين خدمة العملاء وما إلى ذلك. لذلك، نحن بصورة رئيسة نحاول تشجيع المؤسسات المالية على النظر في استخدام الذكاء الاصطناعي".
وأشار إلى أنه من الضروري أن تكون المؤسسات المالية حذرة، إذ إن هناك أخطاراً وتحديات مرتبطة بالذكاء الاصطناعي التوليدي، بما في ذلك قضايا الشفافية، وقابلية التفسير، والعدالة، إضافة إلى إساءة استخدامه في الجرائم المالية، والتداعيات على الاستقرار المالي.
وأضاف أريزومي، "في هذا السياق، سيكون من المهم وجود شراكة بين القطاعين العام والخاص في ما يتعلق باستخدام الذكاء الاصطناعي، لأن التكنولوجيا والمال يتكاملان بصورة جيدة. لكن هذا لا يعني أن الأشخاص في التكنولوجيا والمال هم أنفسهم، لذا يجب أن نكون على دراية بهذا العامل. ومن هنا، أعتقد أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص أو المشاركة ستكون أمراً مهماً".
وأكد أن "السلطة المالية اليابانية قررت إطلاق طاولة مستديرة بين المنظمين والأطراف المعنية، مثل مطوري الذكاء الاصطناعي ومستخدميه، والأوساط الأكاديمية، لأننا في حاجة إلى رؤية شاملة على جميع الجبهات. يجب على الجميع أن يفهموا ما يفكر فيه الآخرون في هذا المجال الذي يتطور بسرعة، وسنواصل تعزيز المشاركة والحوار، بحيث يكون هناك استخدام أمثل للذكاء الاصطناعي من أجل مستقبل أفضل".
وقال أريزومي، إن "70 في المئة من المؤسسات المالية تستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي بصورة ما، بخاصة في التطبيقات المباشرة. على سبيل المثال، في الاستخدامات الداخلية، مما يجعلها أكثر كفاءة من الناحية التشغيلية، وأكثر فاعلية في تقديم الخدمات".
وأشار إلى أنه "يجب أن نكون حذرين وأن نستفيد من الأخطار والمخاوف التي قد تكون مرتبطة بالذكاء الاصطناعي التوليدي، بما في ذلك قضايا الشفافية، وقابلية التفسير، والعدالة، فضلاً عن القضايا المحتملة والإساءة في الجرائم المالية".
"دمج الذكاء الاصطناعي"
وقال الرئيس التنفيذي لهيئة السلوك المالي (FCA) في بريطانيا والرئيس المشارك لفريق العمل المعني بالاستقرار المالي في IOSCO نيخيل راتهي، "علينا أن نتقبل أن هذه التكنولوجيا تتطور بوتيرة مذهلة. فعندما انتقلنا من GPT-3 إلىGPT-5، ظهرت لدينا فجأة نسخة من الذكاء الاصطناعي قادرة على كتابة الشيفرات البرمجية. من الصعب علينا، كجهات تنظيمية، أن نواكب هذا التطور دائماً".
وأضاف، "نستخدم الذكاء الاصطناعي لرصد الشبكات، لا سيما في مجال الجرائم المالية، إذ نلاحظ أن مجرمين منظمين يعملون عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة. وهناك عديد من المجالات التي نتطلع فيها إلى استخدام الذكاء الاصطناعي ضمن أعمالنا".
وتابع راتهي قائلاً "التحدي الآن هو كيفية دمج هذه التقنية في صميم عمل المؤسسة، بحيث يطور الجميع قدراتهم في مجالي البيانات والمهارات الرقمية. من المؤكد أن وظائفكم ستتغير خلال الأعوام القليلة المقبلة، ونحن بدورنا يمكننا توفير أدوات التدريب، لكن يجب على الجميع أن يسعى لتبني هذه الأدوات أيضاً".
وأضاف "هناك أخطار في ما تفعله، لكن هناك أيضاً أخطاراً في عدم السعي إلى تبني هذه الأدوات. والتحدي الذي نواجهه الآن، كأي مؤسسة كبيرة، هو كيف يمكننا دمج هذه التقنية في صميم العمل المؤسسي، بحيث يطور الجميع مهاراتهم في البيانات والقدرات الرقمية؟".
وأوضح "الأمر يجب ألا يقتصر على فريق معين أو أن يكون مجرد نشاط جانبي، بل على الجميع التفكير بكيفية استخدام البيانات بصورة أكثر فاعلية. ولهذا السبب، نطلق برامج تدريبية على مستوى المؤسسة، ونسعى إلى فتح حوار صريح مع زملائنا، لأن وظائفهم ستتغير خلال الأعوام المقبلة، كما نشهد في قطاع الخدمات المالية أيضاً. ونحن.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من اندبندنت عربية
