بعيدا عن البروتوكول والخطاب الرائج عالميًّا عن حوار الأديان، برز أداء البابا الراحل فرنسيس تجاه المسلمين، بإيجابيّة عمليّة كرّسها بالأفكار والأفعال والزيارات التي فتحت الباب واسعًا أمام اللقاءات المباشرة مع ما لها من أهميّة في تعزيز العلاقات.
ولذلك، لم يكن مستغربًا أن يزور البابا فرنسيس 10 دول إسلاميّة منذ انتخابه في 19 آذار/ مارس 2013 وحتى وفاته.
12 عامًا قضاها البابا في الحوار مع المسلمين باعتماد خطاب إيجابيٍّ رافضٍ للتنميط، وليس أدلّ على ذلك من قوله في إحدى كلماته الشهيرة: "لا يجوز ربط الإسلام بالعنف، وإذا تحدثت عن عنف إسلامي، فيجب أن أتحدث عن عنف كاثوليكي، ليس كل المسلمين دعاة عنف".
من هذه الأرضيّة الفكريّة المتينة، انطلق البابا فرنسيس في حواره مع المسلمين، وقد اعتبرهم والمسيحيين "إخوة".
السلام على المسلمين ومعهم
"لا سلام في العالم إلا بالسلام مع الإسلام"، كانت من أبرز العبارات المفتاحية في خطاب البابا فرنسيس وتصوراته تجاه هذا الدين وأتباعه. وقد ظهر ذلك منذ خطابه الأول حيث أعرب فيه عن رغبته في تكثيف الحوار مع المسلمين وغير المؤمنين وبناء جسور معهم، وتعهّد "بدعم العلاقات بين الكنيسة الكاثوليكية وباقي الأديان الأخرى ولا سيما الإسلام".
وسرعان ما أتبع قوله بالفعل وشرع في تطبيق دعوته، فزار عددا من البلدان ذات الأغلبية المسلمة. وبدأ هذا المسار بزيارة للأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل. وقد كان لافتا ما فعله أمام جدار الفصل الإسرائيلي في منطقة بيت لحم مهد السيد المسيح، حيث وضع رأسه في مواجهته وصلّى. فيما فسّر كثيرون ذلك على أنّها "صلاة ضد الاحتلال" حسب تعبير البعض. ثم توالت زياراته إلى مصر والمغرب، لأسباب رعويّة وحواريّة.
عام 2019، شكلّت زيارة البابا فرنسيس إلى الإمارات العربية المتحدة علامةً فارقة، حيث كان أول بابا كاثوليكي يزور بلدًا في الخليج العربيّ. وهناك كرّس صداقته وحواره مع شيخ الأزهر أحمد الطيّب بتوقيع "وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك".
الزيارة الثانية البارزة كانت إلى العراق عام 2021، وقد شهدت لقاء تاريخيا في مدينة النجف، بين البابا فرنسيس والمرجع الشيعي آية الله علي السيستاني، رغم كل المصاعب حينذاك ولا سيما انتشار جائحة كورونا.
الحوار قولا وفعلا
في حديث إلى يورونيوز، يرى أحمد محسن أستاذ الفكر الدينيّ في جامعة القديس يوسف (اليسوعيّة) في لبنان، أن رؤية البابا تجاه المسلمين يمكن تلخيصها في حدثين رئيسيين: الأول هو وثيقة الأخوة والإنسانية التي وقعها مع شيخ الأزهر، والثانية في زيارته المرجع الشيعي الأكبر في النجف آية علي السيستاني.
ويشرح محسن أبعاد الزيارتين، قائلا: "لم تسهم الزيارتان في إعادة إنتاج العلاقة بين مؤسسات دينية فحسب، بل قامت أيضا على لقاءات وحوارات مباشرة، ما يعني وجود اعتراف متبادل يؤسس لعلاقة جديدة لا تقوم على ثنائية التبشير – الدعوة".
ويلخّص محسن "الاتجاهات" التي أنتجها توقيع الوثيقة وزيارة.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من قناة يورونيوز
