"من سيكون البابا الجديد؟"، سؤال تم طُرحه مرارًا وتكرارًا في حوارات كثيرة مع خبراء الفاتيكان بعد وفاة البابا فرنسيس. لكن حتى أثناء حياته، كان السؤال حول المرشحين أو المفضلين لخلافة البابا فرنسيس جزءًا من الأحاديث على موائد الإيطاليين. ومع ذلك لا يوجد مرشحون بالمعنى الحقيقي للكلمة لتولي منصب البابا المستقبلي في الكنيسة الكاثوليكية.
في فيلم "كونكلاف" (معناه: المجمع المغلق)، ذلك الفيلم الناجح والقريب من الواقع في كثير من تفاصيله، عرف المشاهدون أنَّه قبل جولة التصويت الأولى لا توجد قائمة أسماء ولا يجري الحديث بصوت مرتفع عن أسماء بعينها. يجتمع الكرادلة في المجمع المغلق وكل واحد منهم يكتب اسمًا على ورقة الاقتراع ويضعها في صندوق الاقتراع. وهكذا يتضح تدريجيًا مَنْ الذي تكرر ذكر اسمه أكثر ويكون بذلك المرشح المفضل.
لقد أشاد بهذا الفيلم الكاردينال راينهارد ماركس من ميونيخ في شهر كانون الأول/ديسمبر، ووصفه بأنَّه "يستحق جائزة الأوسكار" وأنَّ إخراجه جيد. وقال الكاردينال الألماني البالغ من العمر 71 عامًا إنه في حال استمرار المجمع المغلق لفترة أطول وظهور صعوبات (في اختيار البابا) فإنَّه يمكن أن يتصور جيدًا حدوث نقاشات مكثَّفة كما حدث في الفيلم.
والواضح هو أنَّ البابا المستقبلي سيأتي على الأرجح من دائرة المشاركين في المجمع المغلق. وهكذا هو الحال منذ عدة قرون. ومعلوم أيضًا أنَّ آخر ولايتين بابويتين استمرت ثماني سنوات في حالة البابا بنديكت، واثنتي عشرة سنة بالنسبة للبابا فرنسيس.
ويبدو أنَّ فترة ولاية بابوية مدتها عشر سنوات كانت مناسبة للتأثير في الكنيسة، ولكنها سمحت في الوقت نفسه بتنوع التيارات. وربما يشير هذا إلى مرشح عمره الآن نحو 70 عامًا. وهناك أمر آخر وهو أنَّ كل ناخب بابوي يعرف مدى أهمية القدرة على الحديث بلغات عديدة، وخاصة باللغة الإيطالية.
ثلاثة مرشحين إيطاليين أوفر حظًا لخلافة البابا لم يتولّ منذ عام 1978 أي إيطالي رئاسة الكنيسة الكاثوليكية. ولقد أُشير إلى هذا بطريقة حزينة وانتقادية في وسائل الإعلام الإيطالية بعد المجمعين المغلقين لانتخاب البابا في عام 2005 وعام 2013.
وهكذا فإنَّ الرجل الثاني حتى الآن في الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين، البالغ من العمر 70 عامًا، أصبح الآن المرشح الأكثر ذكرًا وكذلك المفضل. وهو دبلوماسي فاتيكاني بارز ذو صوت هادئ وروح دعابة هادئة في بعض الأحيان. وبييترو بارولين أصله من شمال إيطاليا - مثل معظم الباباوات الإيطاليين خلال الـ250 سنة الماضية.
وحتى بطريرك القدس للاتين غبطة الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا (60 عامًا) أصله من شمال إيطاليا أيضًا. ولكن هذا الكاردينال الفرنسيسكاني يعيش في القدس منذ 25 عامًا وقد اكتسب سمعة ممتازة ليس فقط منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، بعد هجوم حماس الإرهابي على إسرائيل. فقد عرض نفسه كرهينة مقابل إطلاق سراح إسرائيليين مختطفين.
والإيطالي الثالث في قائمة المرشحين المفضلين هو رئيس أساقفة بولونيا، الكاردينال ماتيو ماريا زوبي، الذي يبلغ عمره الآن 69 عامًا ويتولى حاليًا رئاسة مؤتمر الأساقفة الإيطاليين أيضًا. وماتيو زوبي ينشط كثيرًا على المستوى الاجتماعي السياسي وله حضور إعلامي في إيطاليا. وجميع المرشحين الثلاثة، بارولين وبيتسابالا وزوبي، يؤيدون مسار البابا فرنسيس.
ولكن لا يمكن توقع إن كان الكرادلة البالغ عددهم الأقصى 133 كاردينالًا (بعد انسحاب اثنين من أصل 135 ناخبًا بابويًا محتملًا) يعتبرون دور إيطاليا حاسمًا بالنسبة للكنيسة العالمية. ومن بين 133 كاردينالًا منحدرين من 71 دولة، يوجد فقط 17 كاردينالًا إيطاليًا؛ وإذا أضيف إليهم بيتسابالا يكون عددهم هو 18.
لقد سعى الباباوات يوحنا بولس الثاني (1978-2005)، وبنديكت السادس عشر (2005-2013)، وبشكل خاص البابا فرنسيس (2013-2025) إلى التقارب من الإيطاليين بطريقتهم الخاصة، رغم أنهم كانوا من الكنيسة العالمية.
دونالد ترامب والمرشح الأمريكي يراهن منذ فترة طويلة كثير من الكاثوليك في الولايات المتحدة الأمريكية على كاردينال من بلدهم. وعلى الأرجح أنَّ أغلبية المؤمنين والأساقفة والكرادلة الأمريكيين محافظون ويمينيون سياسيًا أكثر بكثير من غيرهم في أي بلد آخر في العالم.
وينطبق ذلك على الكاردينال الأمريكي رايموند ليو بيرك، الذي يوصف الآن بأنَّه "مرشح محتمل لخلافة البابا"، وهو من أشد منتقدي البابا فرنسيس ومحب للبذخ في الشعائر الدينية. بيد أنَّ فرص انتخاب البابا من "العالم الجديد" انخفضت من جديد إلى الصفر، وذلك على أبعد تقدير مع نظام ترامب.
وعلى الأرجح أن يبقى كرادلة بارزون من دول أخرى. وسيكون رئيس أساقفة مدينة مكسيكو، كارلوس أغيار ريتيس (74 عامًا) خيارًا استثنائيًا بالنظر إلى الولايات المتحدة الأمريكية والخلافات.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من قناة DW العربية
