تشكل كهربة كل شيء أكبر هزة يشهدها نظام الطاقة العالمي منذ عقود. إلا أن الطريق نحو المستقبل يواجه عراقيل بسبب الحروب الثقافية المرتبطة بتحول الطاقة ومكافحة تغير المناخ. وهذا الوضع يفرض ضغوطاً متزايدة على مؤيدي السيارات الكهربائية والمضخات الحرارية وتوربينات الرياح للتعامل مع المخاطر الكامنة في رؤيتهم.
باتت مواجهة هذه التحديات أمراً أكثر إلحاحاً مع ازدياد استهلاك الكهرباء. فمنذ عام 2010، نما الطلب العالمي على الكهرباء بمعدل يقارب ضعف سرعة نمو استهلاك الطاقة الكلي. ومن المتوقع استمرار هذا الاتجاه، مدفوعاً جزئياً بالتقنيات الجديدة الشرهة للكهرباء مثل مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي، وجزئياً بفضل زيادة الثراء العالمي.
في الوقت ذاته، يشهد نمط تلبية الطلب العالمي على الكهرباء تحولات جذرية، إذ أصبحت مصادر التوليد المعتمدة على الطقس، مثل الألواح الشمسية وتوربينات الرياح، المصدر الرئيسي للإمدادات الجديدة، على عكس المصادر التقليدية الموثوقة التي اعتمد عليها العالم طوال القرن الماضي، مثل المفاعلات النووية ومحطات الكهرباء العاملة بالفحم ومشروعات الطاقة الكهرومائية الكبرى.
مع ذلك، لا يزال التفكير العالمي في قضايا أمن الطاقة منصباً بشدة على الجغرافيا السياسية للوقود الأحفوري والشرق الأوسط، بدلاً من التكيف مع عالم الكهرباء الجديد. ولم يُحدد مسؤولو الطاقة حتى الآن المخاطر الناجمة عن كهربة كل شيء بدقة. لكن لحسن الحظ، بدأت الحكومات تدرك حجم هذه التحديات.
تحذير من وكالة الطاقة الدولية
تقترح وكالة الطاقة الدولية، التي تأسست عقب صدمة النفط عام 1973، رفع "أمن الكهرباء إلى مرتبة أولوية سياسية استراتيجية". ففي ورقة معلومات سرية قُدمت قبل انعقاد اجتماع حول أمن الطاقة بالتعاون مع حكومة المملكة المتحدة في لندن يومي 24 و25 أبريل، أبلغت الوكالة المشاركين بأن "أمن الكهرباء بات أكثر أهمية من أي وقت مضى".
ولا يكاد أحد في بريطانيا يختلف مع هذا الرأي، خاصة بعد الحادثة التي شهدها مطار هيثرو قبل بضعة أسابيع، حيث أُغلق عقب اشتعال النيران في محول كهربائي تابع لمحطة فرعية قديمة.
للأسف، يواصل النشطاء البيئيون، الذين لا يرون أي إشكالية في كهربة كل شيء، اعتبار المخاوف المطروحة مجرد محاولات لتأخير الانتقال الضروري بعيداً عن الوقود الأحفوري. وعلى الجانب الآخر، يرى منكرو تغير المناخ أن مصادر الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية والتقنيات الصديقة للبيئة الأخرى لا تجلب سوى المشكلات، متجاهلين جميع المخاطر المرتبطة بالنفط والغاز والفحم. وبين هذين الموقفين، يتموضع الواقع.
تحديات تلبية الطلب على الكهرباء
الخطر الأول في كهربة كل شيء يتمثل في تلبية الطلب الإضافي الهائل على الكهرباء. فمن المتوقع أن يرتفع الاستهلاك العالمي للكهرباء سنوياً خلال الفترة بين عامي 2025 و2027 بما يعادل حجم استهلاك اليابان الحالي. وإذا لم تتمكن مصادر الطاقة المتجددة من مواكبة هذا النمو، فستكون هناك حاجة ملحة إلى بدائل أخرى.
ومن المؤسف أن الصين لا تزال تعتمد على المحطات العاملة بالفحم لتلبية الزيادة في الطلب على الكهرباء، مما يشكل تهديداً بيئياً كبيراً.
وفي ظل تصدر نمو الطاقة المتجددة لعناوين الصحف، غالباً ما يُغفل أن الفحم لا يزال المصدر الأول عالمياً لتوليد الكهرباء، حيث يوفر أكثر من ثلث إجمالي الكهرباء المنتجة. وعند إضافة الغاز الطبيعي إلى المعادلة، فإن هاذين المصدرين يشكلان سوياً نحو 50% من إمدادات الكهرباء في العالم.
أما الخطر الثاني، فيكمن في مواءمة الطلب المستمر على.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من اقتصاد الشرق مع Bloomberg
