بغداد / عراق أوبزيرفر
أعاد الكشف المفاجئ عن وجود مصفاة نفط عراقية في الصومال، الحديث مجددًا عن مصير الأصول العراقية في الخارج، وسط تساؤلات بشأن حجم الثروات والممتلكات المهملة أو غير المُستغلة منذ عقود، والظروف التي أدت إلى غياب الدولة عن إدارتها.
وأثار هذا الملف الحساس جدلًا واسعًا، بعد أن كشف الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، خلال لقائه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني على هامش القمة العربية التي عُقدت مؤخرًا في بغداد، عن وجود مصفاة عراقية قديمة على الأراضي الصومالية، ودعا إلى إعادة تأهيلها وتشغيلها في إطار التعاون الثنائي بين البلدين.
وبحسب مصادر حكومية، فإن المصفاة تعود إلى العام 1974، حين كانت العراق تعتمد سياسة خارجية توسعية تهدف إلى تعزيز نفوذها الاقتصادي من خلال مشاريع استراتيجية في دول عربية وأفريقية، تشمل قطاعي النفط والزراعة.
ولم تكن حادثة المصفاة في الصومال الأولى من نوعها، فقد سبقتها واقعة مشابهة عندما كشفت السلطات الفيتنامية عن امتلاك العراق لمزارع شاي على أراضيها، أُنشئت ضمن خطط الاكتفاء الذاتي في عهد النظام السابق، لكنها بقيت مهملة طيلة العقود الماضية دون علم حكومات ما بعد 2003.
من جانبه، قلل الخبير النفطي فرات الموسوي من أهمية الحدث من الناحية الفنية، معتبرًا أن ما أثير بشأن مصفى عراقي في الصومال جرى تضخيمه إعلاميًا ، موضحًا أن المصفى صغير الحجم، وقد أُنشئ في فترة السبعينيات، وانتهى عمره الافتراضي قبل عقود.
وقال الموسوي في تصريح لـ عراق أوبزيرفر ، إن المصفى ليس جديدًا ولا سرًا كما صوّره البعض، بل هو مشروع قديم كان جزءًا من خطط شركة تسويق النفط (سومو) لإنشاء مصافٍ خارج البلاد قبل عام 2003 .
وأضاف أن الرئيس الصومالي استغل القمة لطرح فكرة إعادة تأهيل المصفى ضمن مشروع استثماري يعود بالنفع على بلاده في ظل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها الصومال، لكن من الناحية الاقتصادية لا جدوى حقيقية من إعادة تأهيله .
وأوضح أن وزارة النفط العراقية كانت على دراية بوجود هذا المشروع، وما جرى لم يكن اكتشافًا بقدر ما هو طرح سياسي من الجانب الصومالي لطلب دعم فني أو استثماري، ولم تُسجل حتى الآن أي مخاطبات رسمية بين الحكومتين في هذا الصدد .
أصول قد تكون أكبر من المتوقع
وعن إمكانية وجود مشاريع نفطية عراقية مشابهة في دول أخرى، نفى الموسوي ذلك، مؤكدًا أن عقود النفط تُعد عقودًا سيادية، ولا يمكن إبرامها دون علم وموافقة الحكومة الاتحادية ، مشيرًا إلى أن أي مشروع استثماري في الخارج يجب أن يكون خاضعًا للرقابة الرسمية .
مع ذلك، تشير تقارير بحثية إلى أن العراق يمتلك، منذ ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، عددًا كبيرًا من الأصول والاستثمارات الخارجية، تشمل قطاعات حيوية مثل الطاقة، الزراعة، النقل، والتجارة، في دول مثل موزمبيق، فيتنام، السودان، اليمن، وبلدان شرق أوروبا.
لكن الانهيار المؤسسي الذي أعقب الغزو الأميركي عام 2003، وما تلاه من تفكيك للوزارات وحل عدد من المؤسسات السيادية، أدى إلى فقدان كمّ هائل من الوثائق والأرشيفات الرسمية التي تثبت ملكية العراق لتلك المشاريع، ما تسبب بضياعها أو الاستيلاء عليها من قبل جهات أجنبية أو شركات خاصة.
وفي ضوء ما كُشف عنه، يدعو مراقبون إلى فتح تحقيق شامل ومستقل لحصر كافة ممتلكات العراق واستثماراته في الخارج، سواء كانت تعود لفترة النظام السابق أو لفترات لاحقة، وذلك من خلال تشكيل لجنة حكومية متخصصة، بالتعاون مع الأجهزة الرقابية والقانونية الدولية.
كما يقترح البعض إنشاء هيئة مستقلة لإدارة محفظة أصول الدولة في الخارج ، تكون مسؤولة عن إدارتها واسترداد ما يمكن استرداده منها، وتحقيق أقصى استفادة ممكنة بما ينسجم مع سياسة الدولة في التنمية والإصلاح المالي.
هذا المحتوى مقدم من عراق أوبزيرڤر
