فورمولا 1 - لاندو نوريس.. رحلة بطل العالم من موهبة لامعة في الطفولة إلى اعتلاء القمة

في موسم وُصف بأنه تتويج لمسار استثنائي بدأ منذ نعومة أظافره، أصبح لاندو نوريس، ابن الـ28، البريطاني الـ11 الذي يحمل لقب بطولة العالم لسباقات فورمولا 1، محققاً نبوءة رافقته منذ كان طفلاً يجلس خلف مقود "الكارتينغ" في عمر الـ8، حين خطف الأنظار باكراً ووقف على منصة الانطلاق في أول بطولة وطنية له.تروي شبكة "بي بي سي" البريطانية، مسار نوريس منذ بداياته، مروراً بتكوين شخصية السائق الأكثر شعبية في جيله، وصولاً إلى المرحلة التي أصبح فيها رمزاً لالتزام نادر تجاه فريق واحد، مكلارين، الذي شاركه الرحلة كاملة منذ أول سباق وحتى لحظة التتويج.جذور موهبة مبكرة.. ونشأة ميسورة دعمت الحلمولد نوريس في بريستول لأبٍ ثري، آدم نوريس، الذي راكم ثروة ضخمة من تجارة المعاشات. ومع امتلاكه الجنسية البلجيكية من جانب والدته "سيسكا"، نشأ الطفل الموهوب في جلاستنبري وتلقى تعليمه في مدرسة ميلفيلد الراقية.مع تزايد انشغالاته الرياضية، بات من الصعب عليه مواصلة التعليم التقليدي، فلجأت عائلته إلى تعليم منزلي مكثف، بينما وفّر له الاستقرار المالي كل ما يحتاجه لصقل موهبته.وفي الفئات السنية، بدا واضحاً أن بريطانيا تمتلك مشروع بطل عالمي جديد.مكلارين.. الفريق الذي رافق الحلم من البدايةأمضى نوريس كامل مسيرته في عالم فورمولا 1 داخل فريق "مكلارين"، حيث ظهرت موهبته فور دخوله البطولة، بينما لعب زاك براون؛ المدير التنفيذي للفريق، دوراً محورياً في رحلة الصعود، بعدما تعرف على نوريس مبكراً من خلال عمله في وكالة "JMI" للتسويق الرياضي.ورغم أن براون تردد في البداية قائلاً: "هذا ليس عملي"، فإن إصرار فريق نوريس دفعه لمتابعة موهبته، ليكتشف سريعاً أن ما يقال عنه "أكبر من مجرد ضجة إعلامية".وتؤكد ستيفاني كارلين، التي عملت مع نوريس منذ سن الـ15 وحتى وصوله لـ"فورمولا 1"، قائلة: "كان سريعاً بشكل خارق، يمتلك موهبة خامة ظهرت منذ اللحظة الأولى التي قاد فيها سيارة سباق".لحظة الحسم.. مواجهة ألونسو وإثبات الذاتشكل عام 2018 نقطة تحول في مسيرة نوريس، حين وضعه براون إلى جانب الأسطورة فرناندو ألونسو في سباق "دايتونا - 24 ساعة".وضع نوريس هدفاً جريئاً يتمثل في تسجيل لفة أسرع من ألونسو.. ونجح.يقول براون: "ألونسو أحد أفضل السائقين في العالم.. ولاندو كان نداً له. في تلك الليلة الباردة والممطرة، بدا واضحاً أنه شيء استثنائي".وبينما كان نوريس يتقدم بخطوات ثابتة نحو مقعده في فورمولا 1، جاء المشهد الطريف في مونزا حين قال الفريق لألونسو عبر الراديو: "ابتعد، لاندو على لفة سريعة".فرد الإسباني: "لم أره"، قبل أن يصرخ نوريس: "لقد أعاقني!".يروي براون تلك الواقعة ضاحكاً: "هذه هي فورمولا 1".وفي موسمه الأول عام 2019، أثبت نوريس أنه ليس مجرد موهبة صاعدة، بل منافس شرس، فكان نداً لزميله كارلوس ساينز، ثم تفوق بشكل ساحق على دانييل ريكاردو في 2021.ألونسو نفسه كتب له على الخوذة التي أهداها إليه: "أنت نجم.. نجم روك".الشخصية خلف المقود.. من الخجل إلى قيادة فريق كاملبجانب موهبته، أسهمت شخصية نوريس الجذابة وروحه المرحة في تحويله إلى أحد أبرز الوجوه المحبوبة في عالم الرياضة.وخلال جائحة كورونا، أصبحت بثوثه المباشرة للألعاب الإلكترونية جزءاً من ثقافته الجماهيرية، قبل أن يطلق خطه الخاص في عالم الألعاب ونمط الحياة.ويقول براون: "كان خجولاً للغاية عندما عرفته وهو بعمر 14 عاماً.. الآن أصبح قائداً، يعرف ماذا يريد، ويُعطي الفريق توجيهات واضحة".كما اتخذ القرار التقليدي لسائقي فورمولا 1 وانتقل للعيش في موناكو، لكن بعد أن أمضى السنوات الأولى من مسيرته قريباً من مصنع مكلارين في ووكينغ، ليتعمق أكثر في العمل مع الفريق.سنوات الصبر.. من الإخفاق إلى أبواب المجدرغم موهبته، لم يكن طريق نوريس مفروشاً بالورود.في 2021، كان قريباً جداً من فوزه الأول في روسيا، لكنه خسر الفوز بسبب قرار خاطئ بعدم التوقف للتبديل إلى الإطارات المطرية.ورغم اهتمام "ريد بول" بالتعاقد معه، فضّل نوريس البقاء في مكلارين، لأن الفريق كان "عائلته منذ اليوم الأول"، بحسب براون.وبداية 2024 كانت صعبة، لكن التطوير الكبير الذي حصلت عليه سيارة "مكلارين" في سباق ميامي غيّر كل شيء.فاز نوريس بسباقه الأول هناك، وتوالت الانتصارات، لكنه لم يتمكن من ملاحقة ماكس فيرستابن في البطولة بسبب الانطلاقة القوية للسائق الهولندي.عودة قوية في 2025.. وطور ذهني يصنع الفارقفي 2025، تحوّل نوريس إلى نسخة أكثر نضجاً.ورغم بدايته القوية بالفوز في أستراليا، واجه صعوبات في الشعور بجبهة السيارة، بينما كان زميله أوسكار بياستري يتقدم بسرعة.وبعد تطوير صغير لنظام التعليق الأمامي في كندا، بدأ منحنى أداء نوريس يتصاعد.ومع أنه كان متأخراً بفارق 34 نقطة خلف بياستري في أغسطس، إلا أنه حسم اللقب بعد 9 سباقات فقط.يقول نوريس عن هذا التحول:"لدي مجموعة رائعة من الناس حولي.. يساعدونني في الأيام الصعبة، ويدفعونني للثقة بقدرتي على قلب الأمور".ويضيف:"كنت أكثر إيجابية، وأقل قسوة على نفسي. تعلمت كيف أحوّل الأيام السيئة إلى دافع".مدير الفريق أندريا ستيلّا يصف هذا التطور بعبارة: "الاعتراف بالفجوة نحو الكمال"، أي العمل المستمر على معالجة أوجه الضعف بدلاً من إخفائها.وتفسر كارلين ذلك بقولها:"انفتاحه على نقاط ضعفه ليس ضعفاً.. بل نقطة قوته. ما إن حصل على سيارة قادرة على المنافسة على اللقب، حتى تسارعت وتيرة تطوره بشكل مذهل".اللقب العالمي.. بداية لمرحلة جديدةربما لم يصل نوريس إلى نهاية الرحلة، بل إلى بدايتها الحقيقية.فالسائق الذي نشأ على الدعم العائلي، وصقل موهبته بالصبر، وتطور مع فريقه خطوة بخطوة، يمتلك الكثير ليقدمه في السنوات المقبلة.لقد أصبح اليوم بطلاً للعالم، لكن كل المؤشرات تقول إن القادم قد يكون أكثر لمعاناً.(ترجمات)۔۔


هذا المحتوى مقدم من قناة المشهد

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من قناة المشهد

منذ 19 دقيقة
منذ 3 ساعات
منذ ساعة
منذ ساعتين
منذ 3 ساعات
منذ ساعتين
سكاي نيوز عربية منذ 3 ساعات
سي ان ان بالعربية منذ 15 ساعة
قناة العربية منذ 8 ساعات
قناة العربية منذ 18 ساعة
سي ان ان بالعربية منذ 14 ساعة
صحيفة الشرق الأوسط منذ 15 ساعة
قناة العربية منذ 3 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 10 ساعات