أن يُصنّف العراقُ «حزبَ الله» اللبنانيّ و«أنصار الله» الحوثيّين تنظيمين إرهابيّين، وأن يُدعى إلى مصادرة أموالهما، فهذا تمرين أوّليّ على إنهاء حقبة الميليشيات ذات الهوى الإيرانيّ.
وأن يُصار سريعاً إلى التراجع عن التصنيف بحجّة أنّه من نتاجات «السهو»، فهذا محاولة تكريس، بحجّة غير موفّقة، لتلك الحقبة.
والخطوتان المتعاكستان كبريان ومهمّتان إذ تدلاّن على تنازع داخليّ لم يُحسم بعد في بغداد، وهذا فضلاً عن تمثيل كلٍّ من الخطوتين رغباتٍ داخليّة لا يُستهان بها وبحجمها، وضغوطاً خارجيّة متواصلة وكثيفة.
فالتصنيف، الذي يُرجّح أن تكون الولايات المتّحدة قد ضغطت لتبنّيه، يخاطب قطاعات عراقيّة تسعى إلى الانسحاب من المواجهات الحربيّة الإقليميّة، سيّما وقد انتهت المواجهات عمليّاً في جبهاتها المباشرة، مثلما تسعى إلى إدامة العلاقة الجيّدة بالولايات المتّحدة في ظلّ التهديد الداعشيّ الماثل والضغط الإيرانيّ الخانق.
أمّا سحب التصنيف، الذي يُرجّح أن تكون طهران قد ضغطت لاعتماده، فيخاطب قطاعات عراقيّة أخرى تتمسّك بتحكّم الميليشيات واقتصادها بمفاصل الدولة وبالمضيّ في الانتساب إلى «محور المقاومة» المنهك والمتهافت. وأصحاب هذا الخطّ إنّما يعملون على تثبيت حصريّة العلاقة بإيران التي ترعى النفوذ الميليشيويّ، وتالياً على إنهاء كلّ نفوذ للولايات المتّحدة وكلّ علاقة بها.
ويُرجّح لصراع كهذا، تتكامل فيه العناصر الداخليّة والخارجيّة، أن يستمرّ إلى حين. لكنْ يُرجّح أيضاً أنّ هذا الحين، حتّى لو انطوى على معاناة وشقاء محتملين، لن يكون طويلاً. فلا حصيلة الحقبة الميليشيويّة في العراق باهرة النتائج، ولا حالة إيران المتداعية مصدراً لرهان يصلح التعويل عليه.
كائناً ما كان الأمر، ينمّ القرار العراقيّ وإلغاؤه عن دخول البلد طوراً من الازدواج، ولو سلك الازدواج طريقاً يتخلّلها تعرّج والتباس، وربّما تعثّر. وطورٌ كهذا يعيشه لبنان بدوره وإن بطريقته الخاصّة. فرئيس الجمهوريّة جوزيف عون، بتعيينه السفير السابق سيمون كرم رئيساً للوفد اللبنانيّ في لجنة «الميكانيزم»، أحدث نقلة في مواقفه المتحفّظة استحقّ عليها هجاء «حزب الله»، بعدما درج الأخير على صبّ أهاجيه كلّها على رئيس الحكومة نوّاف سلام. وحتّى رئيس المجلس النيابيّ نبيه برّي، وهو حليف «الحزب» التقليديّ، تزحزح عن مواقف سابقة ليموضع نفسه في مكان أشدّ غموضاً يجمع بين الموافقة والاعتراض، وبين المعرفة بقرار تعيين كرم وإنكار هذه المعرفة.
أكثر من هذا، ثمّة من يضيف إلى اللائحة الزئبقيّة «حزب الله» نفسه، أو على الأقلّ.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الشرق الأوسط
