يواجه سوق العمل العالمي نقطة تحول تاريخية، فالتقنيات الحديثة، والتحولات المناخية، والتوترات الجيوسياسية، وغيرها تعيد رسم خريطة التوظيف بشكل جذري، وبالتأكيد هي ليست مجرد موجة عابرة، بل هي عبارة عن إعادة هيكلة شاملة لطبيعة العمل نفسها، وهذا ما جاء في تقرير الوظائف الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي.
لماذا الآن.. وبعد عام من صدور التقرير تقريباً، حيث تتزايد التساؤلات على منصة لينكدإن حول الوظائف وإلى أين سيصير بنا الحال بعد سنوات، فقد وجدت أن التقرير استند إلى استطلاع شمل أكثر من ألف شركة عالمية تعمل في 22 صناعة عبر 55 دولة، وتمثل قوة عاملة تتجاوز 14 مليون موظف، والنتائج تؤكد حقيقة أكيدة وهي اننا أمام إعادة تعريف كاملة للمهارات والوظائف ومفهوم العمل ذاته.
والنقطة المحورية هنا هي ليس السؤال حول "ما هي الوظائف المتاحة؟" بل أصبح "كيف نعيد تأهيل أنفسنا لنكون جزءاً من هذا المستقبل؟"
الثورة التقنية والتحول الرقمي الرهيب
تضع الشركات العالمية حالياً التقنيات الذكية والبيانات الضخمة على رأس أولوياتها، حيث إن 86 % من أصحاب الأعمال يتوقعون أن تكون هذه التقنيات هي المحرك الأساسي للتحول في مؤسساتهم بحلول 2030، وتعد هذه النسبة المرتفعة تعكس حقيقة أن الأتمتة لم تعد خياراً، بل ضرورة استراتيجية للبقاء في المنافسة.
لكن الأتمتة والتقنية ليست هي العامل الوحيد، فالتغير المناخي يفرض نفسه كقوة دافعة رئيسية، حيث يتوقع 47 % من الشركات أن تؤثر استراتيجيات التخفيف من آثار المناخ على خططها الوظيفية، والتحول نحو الاقتصاد الأخضر سيخلق موجة جديدة من الوظائف في الطاقة المتجددة، والاستدامة، والاستشارات البيئية.
إلى جانب ذلك، تلقي التوترات الجيوسياسية ستؤثر على سوق العمل، فما يزيد على 34 % من الشركات تشير إلى أن التجزئة الجيوسياسية والقيود التجارية ستدفعها لإعادة هيكلة قواها العاملة، بينما يرى 23 % منها أن الدعم الحكومي والسياسات الصناعية ستكون عاملاً حاسماً في قراراتها.
أما التحولات الديموغرافية، فتضيف بعداً آخر للمعادلة، حيث إن شيخوخة السكان في الدول ذات الدخل المرتفع تزيد الطلب على الوظائف المتخصصة في الرعاية الصحية، بينما النمو السكاني في الدول النامية يزيد من الطلب على وظائف التعليم والتدريب.
التقنيات الذكية والتعلم الآلي
في هذا المشهد المتغير، تبرز وظائف جديدة كنجوم صاعدة في سماء سوق العمل، على رأس القائمة يأتي متخصصو التقنيات الذكية والتعلم الآلي، يليهم خبراء البيانات الضخمة والتحليلات، فهذه الوظائف لم تعد رفاهية تقنية، بل أصبحت محورية في عمليات صنع القرار داخل المؤسسات.
فمهندسو الطاقة المتجددة ومتخصصو الأمن السيبراني يشهدون نمواً متسارعاً أيضاً، الأول بسبب التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة، والثاني نتيجة تزايد التهديدات الرقمية، كما أن هنالك طلبا على المتخصصين في تقنيات المركبات الكهربائية والذاتية القيادة يمثلون موجة جديدة من الخبرات المطلوبة.
وهنالك توجه كبير نحو الاستدامة والحوكمة البيئية والاجتماعية، ضرورية لضمان مستقبل مزدهر من خلال تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي، وحماية الكوكب، ورعاية المجتمع، حيث تساعد الشركات على إدارة المخاطر، وتحسين الأداء، وزيادة الأرباح على المدى الطويل، وتحسين السمعة، وتلبية متطلبات المستثمرين والعملاء والمجتمع بتحقيق أهداف التنمية المستدامة والحفاظ على الموارد للأجيال القادمة.
كما أن متخصصي إنترنت الأشياء، ومهندسو الروبوتات والأتمتة، وخبراء الحوسبة السحابية يكملون قائمة الوظائف الأسرع نمواً، حتى قطاع التعليم يشهد طلباً متزايداً، خاصة لمعلمي المرحلة الثانوية والجامعية، استجابة للتحولات الديموغرافية والحاجة المتزايدة للتعليم المتخصص.
هنالك العديد من الوظائف المهددة
على.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الغد الأردنية
