تسارع التضخم السنوي للمستهلكين في الصين إلى أعلى مستوى له في 21 شهراً في نوفمبر، مدفوعاً بشكل رئيسي بأسعار المواد الغذائية، في حين تعمق الانكماش بأسعار المصانع، في إشارة إلى استمرار ضعف الاستهلاك المحلي، بحسب البيانات الصادرة صباح اليوم الأربعاء.

إلا أن الاختلالات الاقتصادية تفاقمت هذا العام، إذ أدت الحرب التجارية العالمية التي شنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى تفاقم ضعف الطلب الاستهلاكي، وركود في القطاع الصناعي، ما يضع على عاتق صناع السياسات مسؤولية تكثيف إجراءات التحفيز.

ورغم أن الاقتصاد الصيني، البالغ حجمه 19 تريليون دولار، يسير على الطريق الصحيح لتحقيق هدف بكين للنمو بنحو 5% للعام الجاري، مدعوماً بالسياسات الحكومية وقوة صادرات السلع، إلا البيانات الأخيرة كشفت عمق الأزمة وأنه من غير المرجح أن يتعافى على المدى القريب.

الدولار يراهن على صبر باول.. هل يقلب «الفيدرالي» الطاولة؟

مزيد من الارتفاع

أظهرت بيانات المكتب الوطني للإحصاء، ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 0.7% مقارنة بالعام الماضي، متفقاً مع توقعات، وكان المؤشر قد ارتفع بنسبة 0.2% في أكتوبر.

كان الارتفاع في معدل التضخم الاستهلاكي مدفوعا بشكل رئيسي بارتفاع أسعار المواد الغذائية، والتي زادت بنسبة 0.2% على أساس سنوي بعد انخفاضها بنسبة 2.9% في أكتوبر.

لكن التضخم الأساسي السنوي، الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والوقود المتقلبة، ظل ثابتاً عند 1.2% الشهر الماضي، بحسب بيانات المكتب الوطني للإحصاء.

وكشفت البيانات التي صدرت اليوم، انخفاض مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 0.1% على أساس شهري مقابل ارتفاع بنسبة 0.2% في أكتوبر، وتوقعات بارتفاع مماثل.

خط تجميع سيارة الدفع الرباعي الكهربائية C11 في مصنع شركة Leapmotor الصينية في مقاطعة تشجيانغ الصينية.

انكماش متواصل

استمر الانكماش الناتج عن ارتفاع أسعار المصانع في الصين لثلاث سنوات، ما أعاق ثاني أكبر اقتصاد في العالم، على الرغم من تكثيف الحكومة حملتها للحد من فائض الطاقة الإنتاجية الصناعية.

وأظهرت أحدث البيانات مؤشرات ضئيلة على تعافي زخم الانكماش، حتى مع توجيه السلطات القطاعات الرئيسية إلى تقليص حدة المنافسة الشرسة.

كما انخفض مؤشر أسعار المنتجين بنسبة 2.2% على أساس سنوي في نوفمبر، مقارنةً بانخفاض قدره 2.1% في أكتوبر، وهو أسوأ من التوقعات التي أشارت إلى انخفاض بنسبة 2.0%، وكان المؤشر قد ارتفع بنسبة 0.1% عن أكتوبر.

توقف مؤقت للنزيف.. أرقام أميركية تُهدئ من «رَوْعِ» النفط

ضغوط أكبر

كتب محلل السوق في شركة الاستثمار «إيتورو» زافيير وونغ: «تشير أحدث أرقام التضخم في الصين إلى اقتصاد يشهد انتعاشاً ظاهرياً ولكنه لا يزال يكافح ضغوطاً انكماشية عميقة في الداخل».

قال محلل «إيتورو» في مذكرة تعليقاً على البيانات: «لا يزال المصنعون يخفضون الأسعار لتصريف فائض العرض، وهذا الانخفاض المستمر يسلط الضوء على مدى ضعف ظروف الطلب».

أضاف وونغ: «من المتوقع أن تؤدي موجة الدعم السياسي إلى زيادة الطلب، لكن من المتوقع أيضاً أن تستمر الضغوط الانكماشية في العام المقبل».

عاملات صينيات للتطريز اليدوي وشهدت الصين المراجعة الأكبر في تقدير الثروة عالمياً

خصومات أكثر

يبرز انخفاض أسعار السلع اليومية التحدي الذي تواجهه السلطات، حيث تحاول الشركات، التي تعاني من انخفاض الطلب، جذب المشترين من خلال الخصومات.

ارتفع إجمالي الإنفاق على السلع الاستهلاكية سريعة التداول مثل الأطعمة والمشروبات المعلبة وورق التواليت ومعجون الأسنان في الصين بنسبة 1.3% منذ بداية العام، مدعوماً بانخفاض بنسبة 2.4% في متوسط سعر البيع، وفقاً لتقرير صادر عن شركة «باين».

في ليلة «الفيدرالي».. صعود كبير أم هبوط حاد أمام الذهب؟

مزيد من الدعم

كتبت كبيرة الاقتصاديين لمنطقة الصين الكبرى في بنك «آي إن جي» لين سونغ، في مذكرة: «على المدى القريب، هناك حاجة إلى مزيد من الدعم السياسي لبث الثقة».

قالت سونغ: «الحكومة بحاجة إلى تثبيت قطاع العقارات المتعثر، وخفض معدل بطالة الشباب، وبناء شبكة أمان اجتماعي أفضل لتشجيع الإنفاق من أجل تعزيز النمو المستدام على المدى الطويل».

وأضافت: «مع التركيز أخيراً على بدء عام 2026، وهو العام الأول من فترة الخطة الخمسية المقبلة، بداية جيدة، فمن المرجح أن يستلزم ذلك موجة أخرى من الدعم السياسي في الأشهر الأولى من العام المقبل».

كما تعهد المكتب السياسي، وهو أعلى هيئة لصنع القرار في الحزب الشيوعي الحاكم، يوم الاثنين بمواصلة توسيع الطلب المحلي ودعم الاقتصاد الأوسع بسياسات أكثر استباقية في عام 2026.

هذا المحتوى مقدم من إرم بزنس