بعد سخريته من بوتين.. ما مصير بشار الأسد في موسكو؟

أثار مقطع الفيديو المسرب الذي ظهر فيه الرئيس السوري السابق بشار الأسد إلى جانب مستشارته الإعلامية لونا الشبل وهما يسخران من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، جدلا واسعا حول موقف الكرملين وإمكان أن يدفع هذا التسريب موسكو للتضييق على الأسد.المقطع الذي وُثّق عام 2018 من هاتف لونا الشبل وتم نشره اليوم، كشف حوارا تهكميا حول خضوع بوتين لعمليات تجميل:لونا: شفت بوتين كيف نافخ؟الأسد: كله هذا عمليات.لونا: بوتين كله عمليات عمره 65 سنة… الفيلم فاضحه كثير.وحول هذه التسريبات، قال الدكتور نزار بوش، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأكاديمية للعلوم الإنسانية، في حديث مع منصة "المشهد" إن "هذه التسريبات لا تتجاوز كونها أقوالا لا يمكن التوقف عندها، وروسيا لا تتعامل معها بجدية، فهناك ملفات دولية أكبر وأهم، ولدى الكرملين عمل واسع في الشرق الأوسط وأوكرانيا".هل تتأثر علاقة موسكو بالأسد؟وشهدت العلاقة بين موسكو وبشار الأسد منذ فراره إلى العاصمة الروسية في 8 ديسمبر 2024 حالة من الترقب، خصوصا بعد رفض بوتين المتكرر لطلبات تسليمه، أبرزها طلب قدمه الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع خلال زيارته لموسكو.لكن التصريحات الروسية الرسمية كانت واضحة:روسيا تدعم الواقع السياسي الجديد في سوريا.صفحة بشار الأسد طويت بالكامل.دور الأسد والمقربين منه انتهى نهائيا.ورغم مرور عام على سقوط النظام، فإن العلاقة بين دمشق وموسكو بدت أقل توترا مما توقعه كثيرون، إذ حافظ الطرفان على حد أدنى من الاستقرار دون قطيعة مباشرة.

وعن تأثر استضافة الأسد في موسكو بعد التسريبات، أشار بوش إلى أنه لا يعتقد أن الكرملين سيولي هذه التصريحات أي اهتمام أو يأخذها بجدية، موضحا أن "هناك رؤساء حول العالم يتبادلون اتهامات سياسية أشد بكثير من موضوع خضوع بوتين لعمليات تجميل، وقد تصل الخلافات بينهم إلى حد الإهانة، لكن السياسة تتغير تبعاً للظروف، وغالباً ما يعودون للجلوس معاً حول طاولة واحدة".

من جهته، أكد حسام طالب، الكاتب والباحث السياسي، ما ذكره بوش، وقال في حديث لـ"المشهد" إن الروسي منذ سنوات يرى في بشار شخصية غير موثوقة، ولذلك لاحظنا التخلي السريع عنه مع بدء عملية ردع العدوان، ومع ذلك قدم له اللجوء الإنساني رغم معرفته بشخصيته وسلوكه السادي وغير السوي. ولهذا لا يتوقع أن يكون هناك تقييم لجدوى استضافته أو تغيير في المعاملة التي يحصل عليها داخل روسيا".

وأضاف طالب أن بوتين "لا يأخذ بشار ولا تصريحاته على محمل الجدية، لذلك لن تكون هناك أي ردة فعل من الرئيس الروسي أو من المسؤولين الروس، وربما لا يتجاوز الأمر نشر مقال في صحيفة روسية غير رسمية".علاقة دمشق بروسيا

على عكس القطيعة التي أعلنتها السلطات السورية الجديدة مع إيران، اختارت دمشق عدم قطع علاقتها مع موسكو، مكتفية بإجراء مراجعة شاملة للاتفاقيات السابقة دون إلغاء المعاهدات الأساسية.

وبقي الوجود العسكري الروسي مستمرا في:قاعدة حميميم الجوية.قاعدة طرطوس البحرية.كما نقلت وكالة "تاس" سابقا أن التنسيق الأمني لم يتوقف، وأن أول لقاء مباشر بين الرئيس الشرع والقيادة الروسية في أكتوبر 2025 أكد استمرار التعاون في الملفات الأمنية والعسكرية.

واللافت أن روسيا، التي كانت تصنف "هيئة تحرير الشام" و"جبهة النصرة" كتنظيمات إرهابية، أظهرت انفتاحا على طي صفحة الماضي وبدء مرحلة مصالح مشتركة، لاعتبار سوريا دولة محورية في الشرق الأوسط.

وقد قادت "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقا) الهجوم الذي أدى إلى سقوط نظام الأسد في ديسمبر.

ورغم أن موسكو تدخلت في الحرب السورية ودعمت نظام الأسد سياسيا وعسكريا ومنعته من السقوط لسنوات، إلا أن اللحظة الحاسمة جاءت عندما اعتبرت أن الأسد تحول إلى عبء.

فقد أبدت استياء متكررا من مماطلته في مسارات خفض المخاطر التي دفعت إليها، خصوصاً التطبيع مع تركيا.

ومع تركيز موسكو على مواجهة الغرب في أوكرانيا، ووفقا لمراقبين فقد حصلت على ضمانات من المعارضة السورية بأن "خروج الأسد لا يعني خروج روسيا من سوريا"، وهذا ما يفسر التحرك الروسي السريع لإخراج الأسد من المشهد مقابل ضمانات شخصية له، والطلب من القوات النظامية عدم القتال.النفوذ الروسيووفق خبراء، تعمل روسيا اليوم على:تثبيت وجودها العسكري في حميميم وطرطوس.تعزيز حضورها في مطار القامشلي الذي تحول إلى قاعدة ضخمة.إعادة تسيير دوريات في الجنوب للحد من التوغلات الإسرائيلية.لعب دور وساطة بين دمشق وتل أبيب، شبيها بترتيبات ما قبل 2011.تخفيف التوتر بين الجيش السوري و"قسد" في الشمال الشرقي، في تنسيق يرضي تركيا والولايات المتحدة.ومع طلب دمشق المساعدة في إعادة تأهيل الجيش، يبدو أن الطرفين يمضيان نحو صياغة علاقة جديدة تضمن بقاء روسيا لاعبا أساسيا على المتوسط.

وأثارت التسريبات الجديدة صدمة واسعة لأنها كشفت بالصوت والصورة مواقف لم تعرض سابقا، ظهر فيها الأسد مستهينا بآلام السوريين خلال زيارة له في الغوطة، بما اعتبره مراقبون صادما لمؤيديه قبل معارضيه.

وبحسب مصادر إعلامية سعودية، وجدت هذه التسجيلات في القصر الجمهوري داخل مظروف يحمل عبارة "سري للغاية" إلى جانب وثائق شخصية تخص لونا الشبل.هل تسلم موسكو الأسد؟

وفق المعطيات الروسية الحالية، الجواب الأقرب هو: لا.ويؤكد ذلك الدكتور نزار الذي قال: "قد يكون هدف نشر هذه المقاطع القضاء على أي مشاعر ما تزال مؤيدة لبشار الأسد، وصرف الأنظار عما يجري في الساحل السوري والأخطاء التي تحدث بعلم السلطة الانتقالية برئاسة أحمد الشرع".وأضاف: "لا أعتقد أن روسيا قد تفكر بتسليم الأسد لأي جهة، فهو يعيش اليوم داخل روسيا تحت حراسة مشددة، ولا أحد يعرف موقع إقامته. وكل ما يتم تداوله خلاف ذلك مجرد إشاعات لصرف الأنظار عن ملفات داخلية مهمة، مثل استمرار الاغتصابات والجرائم في الساحل، حيث قتل عدد من الأشخاص أخيرا دون أن يثير ذلك أي حديث، إلى جانب أن تسريب الفيديوهات يهدف إلى منع أي مقارنة بين سوريا ما قبل 2011 التي ذهب البعض إلى وصفها بالزمن الجميل، وسوريا اليوم التي تُدار بمعايير طائفية ودينية".ويتفق طالب مع استحالة أن تسلم موسكو الأسد لدمشق، مشيرا إلى أن "بشار الأسد يعيش حياة فارهة في موسكو بأموال الشعب السوري، وروسيا تعتبره بمثابة مستثمر، ولن تتخذ بحقه أي إجراءات عقابية، كما لن تبدي اهتماما بهذا النوع من الجدل".

وأوضح طالب أن "هذا الكلام لا يروق للبعض، لكنه للأسف الواقع في السياسة الروسية؛ فما يهم موسكو هو الأموال التي بحوزة بشار، ولن تقوم بتسليمه لأسباب تتعلق بحماية حلفائها وعدم إثارة مخاوفهم حول مصيرهم في حال سقوط أنظمتهم".

وما بين تضارب التحليلات وغياب تأكيدات رسمية، يبقى مصير الأسد في روسيا وتوجهات موسكو المقبلة ملفا مفتوحا على احتمالات عدة، ورهن تطورات المشهد السوري والإقليمي.(المشهد)۔


هذا المحتوى مقدم من قناة المشهد

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من قناة المشهد

منذ 4 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ 8 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ 4 ساعات
قناة العربية منذ 13 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 13 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 12 ساعة
قناة العربية منذ 8 ساعات
قناة العربية منذ 10 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 3 ساعات
قناة العربية منذ 7 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 14 ساعة