دعا صندوق النقد الدولي، يوم الأربعاء، الصين إلى اتخاذ الاختيار الجريء وتسريع الإصلاحات الهيكلية، وسط تزايد الضغوط على ثاني أكبر اقتصاد في العالم للانتقال نحو نموذج نمو قائم على الاستهلاك وتقليل الاعتماد على الصادرات المدفوعة بالديون. وقالت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا في مؤتمر صحفي ختام مراجعة الصندوق للاقتصاد البالغ 19 تريليون دولار، إن الصين كبيرة جداً بحيث لا يمكن أن تولد مزيداً من النمو من الصادرات، والاستمرار في الاعتماد على النمو القائم على الصادرات قد يزيد التوترات التجارية العالمية. وأضافت غورغييفا أن الأمر يتطلب خيارات شجاعة وإجراءات سياسية حاسمة، داعية صانعي السياسات في بكين إلى اعتماد حزمة شاملة من السياسات الاقتصادية تشمل حوافز مالية إضافية وتيسيراً نقدياً أكبر، إلى جانب خطوات محددة للحد من ديون الحكومات المحلية، وحل أزمة العقارات الممتدة، وتحسين تقديم الخدمات الاجتماعية. تكلفة إنهاء أزمة العقارات وتعزيز الاستهلاك أوضحت غورغييفا أن زيادة الإنفاق الاجتماعي وتسريع إصلاح نظام الهوكو الداخلي الذي يربط المواطنين بمكان ولادتهم منذ خمسينيات القرن الماضي يمكن أن يعزّز الاستهلاك بما يصل إلى 3 نقاط مئوية من الناتج المحلي الإجمالي. كما توقعت أن إنهاء أزمة العقارات خلال السنوات الثلاث المقبلة، والتي تمثل 70% من ثروة الأسر الصينية، سيستلزم إنفاق الصين نحو 5% من الناتج المحلي الإجمالي.
التوترات التجارية وحذّرت غورغييفا من أن استفزاز الشركاء التجاريين قد يؤدي إلى فرض قيود على الصادرات الصينية، وهو ما لن يصب في مصلحة بكين. وأشار الصندوق إلى أن صافي الصادرات شكل 1.1% فقط من نمو الصين البالغ 5% هذا العام، بينما من المتوقع أن تسهم الصين بنسبة 30% من النمو العالمي.
وسجّلت الصين فائضاً تجارياً قياسياً بلغ 1 تريليون دولار للمرة الأولى، ما أثار انتقادات بأن الاقتصاد البطيء يعتمد بشكل مفرط على السيطرة على القيمة الصناعية العالمية وتدفق السلع الرخيصة إلى الأسواق الناشئة. توقعات النمو وتقديرات الصندوق رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الصين في 2025 إلى 5% مقارنة بـ4.8%، مع رفع توقعات 2026 إلى 4.5% مقارنة بـ4.2%، مستفيداً من قوة صادراتها. ورغم الانتقادات، لم يوصِ الصندوق بخطوات محددة لتقدير قيمة اليوان، مكتفياً بالقول إنه يفضل مرونة أكبر في سعر الصرف صعوداً وهبوطاً. تخفيف الإنفاق الصناعي وتعزيز القطاع الخاص أشارت غورغييفا إلى استعداد الصين لمواجهة التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي، لكنها دعت إلى إعطاء الشركات الخاصة دوراً أكبر في توجيه تطوير هذه التقنيات، وتقليص الاستثمار العام وسياسات الدعم الصناعي الموجهة لبعض الشركات، وهو ما يحقق وفورات مالية يمكن إعادة توجيهها لزيادة الإنفاق الاجتماعي وحل مشكلات قطاع العقارات. وحسب تقديرات صندوق النقد، فإن التوجه الصناعي المبالغ فيه يشكل عائقاً بنسبة 1.2% على الإنتاجية، إلا أن تقليص دوره لن يكون سهلاً على صانعي السياسات في الاقتصاد المخطط للصين. (رويترز)
هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية
