"حزب الله" يتوجه نحو تركيا لفك عزلته

كان لافتا شيوع خبر زيارة قام بها وفد من "حزب الله" إلى إسطنبول السبب المعلن المشاركة في مؤتمر حول فلسطين. والحقيقة أن الخبر ليس عاديا في مرحلة التحولات الكبيرة التي تشهدها المنطقة، خصوصا لبنان حيث يطرح موضوع نزع سلاح الحزب المذكور وتحوله من العمل العسكري والأمني في إطار محور إقليمي تقوده طهران. فالتغيير العميق الذي أصاب الساحة السورية، وعلى الرغم من عدم استقرار الحكم السوري الجديد بشكل كاف، فإن عودة إيران إلى سوريا مستحيلة في الوقت الراهن نظرا للأحقاد الكبيرة التي تولدت في سوريا من جراء الحرب الدموية التي شاركت فيها طهران وفصيلها الرئيسي، أي "حزب الله" ونتجت عنها كارثة إنسانية كبرى سوريا. وعلى الرغم من أن الرئيس اح الشرع كرر مرات عدة بأن سوريا الجديدة لا تستغل الصفحات المظلمة من الحرب الإيرانية وتدخل "حزب الله" في سوريا، فإن منسوب الحقد كبير ومتجذر، وهو بحجم المآسي التي خلفها هذا التدخل الدموي أيًا يكن الشعار الذي رُفع آنذاك."حزب الله" وتركيافي العمق فإن زيارة وفد الحزب المذكور إلى تركيا، لا تتعلق بمؤتمر من أجل فلسطين بمقدار ما تتعلق برفع مستوى الاتصالات مع الجانب التركي الذي يمتلك ورقة ثمينة بالنسبة إلى "حزب الله" الذي يعاني من عزلة إقليمية خانقة مع انقطاع العلاقة مع سوريا بعد سقوط النظام السابق. والحال أن العلاقة ليست مقطوعة فحسب، بل أنها تنتابها مخاوف من قيادة الحزب ومن خلفه إيران مصدرها تمركز قوات مسلحة تابعة للحكم السوري على الحدود، معظم أفرادها من المقاتلين الأجانب الذين يعرفون بأنهم ذوي بأس كبير في القتال، ويناصبون "حزب الله" العداء الواقعي والأيديولوجي العميق.

وتركيا التي تتمتع بعلاقات مميزة مع دمشق الجديدة، وتمتلك فيها نفوذا كبيرا قادرة إذا أرادت أن تمنح "حزب الله" مظلة تقيه أخطارا محتملة مستقبلا مصدرها سوريا الجديدة. ويعرف الإيرانيون و"حزب الله" على حد سواء أن قدرة الحزب محدودة إذا ما حصلت مواجهة جدية لسبب من الأسباب. واحتمالات اختراق الحدود نحو الداخل في منطقة البقاع الشمالي التي تعتبر أهم المناطق الحاضنة للحزب محتمل جدا حتى بوجود الجيش اللبناني. وإذا ما أخذت الأحداث منحى دراماتيكيا على الحدود بين لبنان وسوريا لناحية البقاع الشمالي، فإن التداعيات يمكن أن تكون أكثر خطورة على "حزب الله" ومعه بيئته الحاضنة من الحرب التي خاضها ضد إسرائيل عامي 2023 و2024. فالخطورة تكمن في نشوب حرب برية طاحنة قد تدمر بيئة لبنانية بآسرها.في مطلق الأحوال ثمة معلومات تشير إلى أن "حزب الله" يتطلع إلى فتح علاقات مباشرة مع الحكم في سوريا عبر تركيا تحت عنوان خلق توازن جديد بمواجهة الغلبة العسكرية الإسرائيلية. أما تركيا فتتطلع ربما إلى وراثة جزء من النفوذ الإيراني حتى داخل البيئة الشيعية اللبنانية. فحكم الرئيس رجب طيب اردوغان ينظر إلى سوريا ولبنان على أنهما جزء من تركة السلطنة العثمانية، حيث كانت مجموعة من الولايات العثمانية ولم تتحول إلى دول إلا بعد الحرب العالمية الأولى وسقوط السلطنة. فهل إيران في مسعى لإنقاذ فصيلها اللبناني من كارثة آتية إما من الجنوب أو من الشرق أو منهما معا، تتوق إلى لعب ورقة الحنين التركي إلى زمن السلطنة العثمانية؟۔


هذا المحتوى مقدم من قناة المشهد

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من قناة المشهد

منذ 10 ساعات
منذ 3 ساعات
منذ 8 ساعات
منذ 10 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 4 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 16 ساعة
قناة العربية منذ 11 ساعة
قناة العربية منذ 9 ساعات
قناة العربية منذ 3 ساعات
قناة CNBC عربية منذ 56 دقيقة
قناة العربية منذ 15 ساعة
قناة العربية منذ 14 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 10 ساعات