ارتفع التمويل الخاص الموجَّه لشركات الدفاع بالذكاء الاصطناعي الناشئة في أوروبا إلى نحو 4.3 مليار دولار منذ بداية 2022، وفقاً لبيانات دييل رووم، وهو ما يعادل أربعة أضعاف ما جُمِع خلال السنوات الأربع السابقة مجتمعة. يرتبط هذا الارتفاع بزيادة ميزانيات الدفاع استجابةً للحرب الروسية الأوكرانية وضغوط إدارة ترامب لرفع الإنفاق العسكري داخل حلف الناتو.
ورغم أن القارّة بأكملها تشهد طفرة في قطاع الدفاع بالذكاء الاصطناعي، فإن بريطانيا وألمانيا تستأثران بالنصيب الأكبر من جولات التمويل الضخمة، وتتحولان إلى بوابتين رئيسيتين لدخول أسواق جديدة وإجراء تدريبات ميدانية على خطوط القتال. ويرى ديفيد أوردونيز من صندوق الابتكار التابع للناتو، لشبكة سي أن بي سي، أن تفوّق البلدين يعود إلى قاعدة علمية قوية، والتزام وطني بالتعامل مع قطاع الدفاع كقوة دافعة للنمو الاقتصادي، إضافة إلى بنية تصنيع تُسهم في توسيع نطاق الابتكار بسرعة. شهد رأس المال الاستثماري للشركات الناشئة الأوروبية في مجال الدفاع ارتفاعاً كبيراً، إذ وافق أعضاء حلف الناتو العسكري على زيادة الإنفاق الأمني إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي.
وأبدت وزارتا الدفاع في لندن وبرلين استعداداً متزايداً لتبني التكنولوجيا الجديدة التي طورتها الشركات الناشئة في السوق. ضخّ المستثمرون، مدفوعين بوعود الصفقات التجارية، مبلغاً قياسياً قدره 4.3 مليار دولار في هذا القطاع منذ بداية عام 2022، وفقاً لـ«ديل روم»، أي ما يقارب أربعة أضعاف الأموال التي تم استثمارها في السنوات الأربع السابقة.
قفزات ضخمة في التقييمات.. ولادة «يونيكورن» دفاعية جديدة شهدت ألمانيا بروز شركات مثل «هلسينغ» و«كوانتوم سيستمز» بتقييمات وصلت إلى 12 و3 مليارات يورو على التوالي بعد جولات تمويل بمئات الملايين. وفي بريطانيا، جمعت فيزيكس إكس نحو 155 مليون دولار، وقفزت كمبريدج إيروسبيس بجولة قاربت 100 مليون دولار.
كما تحوّلت تيكفير البرتغالية البريطانية إلى يونيكورن هذا العام، بعد توقيع عقد كبير لإمداد سلاح الجو الملكي البريطاني بطائرات من دون طيار.
بريطانيا تغيّر قواعد اللعبة وألمانيا تكسر البيروقراطية تضمنت المراجعة الدفاعية الاستراتيجية للحكومة البريطانية هذا العام استثماراً تقنياً بقيمة 5 مليارات جنيه إسترليني وتعهداً بتبسيط منظومة المشتريات العسكرية. أما برلين، فأعلنت رفع ميزانية الدفاع إلى أكثر من 100 مليار يورو ابتداء من 2026، إضافة إلى تعديل قواعد التوريد لفتح الباب أمام الشركات الناشئة.
وبحسب محللين، تُعد ألمانيا من الدول القليلة التي توفر مساراً واضحاً للشركات من مرحلة النماذج الأولية إلى العقود الكبرى، وهو ما لا يتوافر في العديد من الأسواق الأوروبية الأخرى. يقول كارل برو، رئيس قسم الدفاع في شركة «برتغالية بريطانية» «نرى نظاماً أكثر انفتاحاً على الشركات غير التقليدية. وذلك بدعم من استثمارات أوسع في المهارات والتكنولوجيا». صرحت شركة «تيكيفر» الناشئة المتخصصة في الطائرات المسيّرة لشبكة سي أن بي سي.
وأعلنت «تيكيفر»، التي أصبحت شركة يونيكورن هذا العام، عن عقد ضخم لتزويد سلاح الجو الملكي البريطاني بأنظمة جوية بدون طيار في مايو أيار. ولدى شركة «هيلسينغ» عدة عقود مع الحكومة البريطانية، كما وقّعت شركة «أندوريل» الأميركية عقداً بقيمة 30 مليون جنيه إسترليني لتوريد طائراتها الهجومية المسيّرة في مارس آذار.
إرث صناعي ثقيل.. وتحالفات توسّع النفوذ ترى شركات مثل ستارك أن الإرث الصناعي الألماني، من هندسة متقدمة وسلاسل إمداد صناعية قوية، يوفر بيئة مثالية لتطوير جيل جديد من تقنيات الدفاع. وعلى الجانب الآخر، تستفيد بريطانيا من منظومة جامعات ومراكز بحث وشبكات تصنيع عالية التطور.
كما تُعد لندن نقطة انطلاق مفضلة للشركات الأميركية نحو أوروبا، بدعم من شراكة «أكواس» الدفاعية بين بريطانيا وأميركا وأستراليا، والتي سهّلت حركة التكنولوجيا وفتحت الباب أمام عقود حساسة. منح الدور الألماني كأحد أكبر داعمي أوكرانيا عسكرياً شركات التكنولوجيا الدفاعية فرصة نادرة للحصول على تعليقات مباشرة من ساحة المعركة. فقد نشرت كوانتوم سيستمز تقنياتها الاستطلاعية في الميدان، بينما أعلنت هيلسينغ خططاً لإنتاج آلاف الطائرات الهجومية لصالح كييف.
هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية
