كيف تعيد الصين تشكيل تدفقات تجارة البتروكيماويات عالمياً؟

تتخذ الصين خطوات متتالية من شأنها أن تُحدث تغيراً جذرياً في سوق البتروكيماويات العالمي خلال العقد المقبل، إذ تُظهر البيانات أن الصين أصبحت مكتفية ذاتياً من بعض المنتجات التي كانت تستوردها سابقاً، بينما زادت صادراتها من المنتجات الأخرى بشدة. وفي الوقت ذاته تسارعت الاستثمارات الأجنبية الجديدة إلى بكين لاكتساب حصة من هيمنة

الصين على هذه المنتجات، في وقت ظهر تأثير هذه التطورات على كبار المصدرين للصين.

ويقول داريل شو، محلل رئيسي لقطاع الكيماويات الأساسية في ICIS Analytics، لـCNN الاقتصادية، إن اكتفاء الصين الذاتي ودفعها للتصدير يعيدان تشكيل تدفقات التجارة البتروكيماوية عالمياً.

وأضاف: «منذ أوائل العقد 2010، بدأت الصين استثمارات سريعة في سلسلة المواد الخام الخاصة بالبولستر، وركزت هذه الاستثمارات في البداية على حمض التيريفثاليك المُنقى، وهو مكون رئيسي في إنتاج ألياف البوليستر، وانتقلت بسرعة من استيراد 6.6 مليون طن منه في 2010 إلى تصدير نحو 3.5 مليون طن في عام 2024».

الصين تغير سوق الكيماويات وبحسب تقرير لشركة أبحاث ICIS فإن قطاعي الكيماويات والطاقة يمران بمرحلة إعادة هيكلة أساسية بدلاً من التباطؤ الدوري، مدفوعين بدفعة الاكتفاء الذاتي التي تبذلها الصين، والعيوب البنيوية التي تعاني منها أوروبا في مجال الطاقة، وتعزيز الولايات المتحدة لقوتها.

تتجه الصين تدريجياً نحو الصناعات التحويلية، ومن المتوقع أن تعيد نتائج هذا التحول تشكيل الأسواق العالمية خلال العقد القادم.

ويقول تقرير ICIS إن الصين تكاد تحقق الاكتفاء الذاتي في إنتاج البولي بروبيلين، إذ انخفضت الواردات من 6.1 مليون طن في عام 2020 إلى نحو 200 ألف طن في عام 2025، بينما ارتفعت الصادرات إلى مستويات قياسية.

وتشير التوقعات إلى أن الصين قد تبلغ صادراتها من البولي بروبيلين نهاية 2025 نحو 5.7 مليون طن مقابل 2.4 مليون طن في 2024.

والبولي بروبيلين هو نوع من اللدائن الحرارية المتعددة الاستخدامات ويدخل في صناعات مثل قطع غيار السيارات والمنسوجات والأدوات المنزلية والمكونات الطبية وقابل للتدوير واقتصادي.

وفي 2015 اتجهت الصين إلى تقنية تحويل الفحم إلى أوليفينات كوسيلة للاستفادة من إنتاج الفحم المحلي، وهو ما أسهم في زيادة الاكتفاء الذاتي من الإيثيلين والبروبلين، حسب ما يقول محلل قطاع الكيماويات الأساسية في ICIS Analytics.

كما يتسارع الاستثمار الأجنبي إلى بكين مع سعي الشركات متعددة الجنسيات إلى اكتساب حصة من هيمنة الصين على السوق، وستأتي نحو 20% من الطاقة الإنتاجية الجديدة للإيثيلين بين عامي 2023 و2028 من شركات أجنبية تستثمر بكثافة هناك.

فائض كبير في الطاقة الإنتاجية في الصين يظل الفائض الكبير في الطاقة الإنتاجية عبر معظم فئات

الكيماويات في الصين بما في ذلك الأوليفينات مثل الإيثيلين والبروبيلين، تحدياً رئيسياً للأسواق العالمية.

ويتوقع تقرير ICIS أن يستمر هذا الاختلال حتى عام 2030، إذ ستستمر معدلات التشغيل المنخفضة وتباطؤ نمو الطلب في الضغط على الأسواق.

وستكون أسواق البروبلين والإيثيلين من بين الأكثر تأثراً، مع دخول وحدات إنتاج البروبلين الجديدة القائمة على تقنية PDH في الصين حيز التشغيل، ومن المتوقع استمرار انخفاض معدلات التشغيل حتى عام 2027 على الأقل.

من المتوقع أن يبلغ فائض الطاقة الإنتاجية العالمية في المكونات الأساسية الأربعة الإيثيلين والبروبيلين والستايرين والبارازيلين ذروته عند نحو 162 مليون طن في عام 2028، ثم يتراجع تدريجياً إلى نحو 143 مليون طن بحلول عام 2035، ولا يزال هذا الرقم أعلى بكثير من المستوى الحالي البالغ 131 مليون طن، وأعلى بكثير من 84 مليون طن المسجلة في عام 2021، عندما سرّعت الصين دورة استثماراتها في البتروكيماويات.

وخلال 10 سنوات الماضية بنت الصين 7 مجمعات بتروكيماوية لتصبح أكبر منتج للإيثيلين والبولي إيثيلين، رغبة في الاكتفاء الذاتي، لكن الطاقة الإنتاجية الكبرى لهذه المجمعات تسببت في زيادة الطاقة الإنتاجية.

تأثير تفوق الصين على السوق العالمي لطالما كانت الصين مركزاً رئيسياً لمصدرين كبار للبتروكيماويات، بما في ذلك قوى صناعية مثل كوريا الجنوبية واليابان، لكن المنتجات التي كانت موجهة سابقاً لتزويد «مصنع العالم» أصبحت تكافح الآن لتصريف منتجاتها في سوق يعاني تخمة المعروض، حسب ما يقول داريل شو.

ويضيف: «لا توجد أي سوق أخرى قادرة على امتصاص فائض الطاقة الإنتاجية في كثير من البتروكيماويات الأساسية، لقد انتهى عصر النمو السريع للطلب، إذ تؤدي زيادة الاكتفاء الذاتي في الصين والتراجع في أوروبا إلى نمو ضعيف للطلب مستقبلاً».

وظهر تأثير خروج الصين من السوق جلياً على دولتي اليابان وكوريا، إذ تتجهان للدمج وتقليص الطاقات.

كما تعرض المنتجون في جنوب شرق آسيا لضغوط خلال السنوات الخمس الماضية، إذ شهدت بعض الوحدات الصناعية إغلاقات اقتصادية بسبب ضعف هوامش الربح، أو حتى إغلاقاً دائماً كما حدث مع إكسون موبيل في سنغافورة لوحدة الإيثيلين البالغة طاقتها 900 ألف طن سنوياً.

كما اتجه المصدّرون المنافسون في الشرق الأوسط لإعادة التفكير في توجيه منتجاتهم نحو أوروبا للحصول على عوائد أفضل بدلاً من آسيا، ما يضيف مزيداً من الضغط على صناعة بتروكيماويات الأوروبية التي تعاني بالفعل من اضطرابات كبيرة، حسب ما يقول محلل قطاع الكيماويات الأساسية في ICIS Analytics.


هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من منصة CNN الاقتصادية

منذ ساعتين
منذ 23 دقيقة
منذ 5 ساعات
منذ 3 ساعات
منذ 3 ساعات
منذ 57 دقيقة
قناة CNBC عربية منذ 4 ساعات
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 5 ساعات
قناة CNBC عربية منذ 18 ساعة
قناة CNBC عربية منذ 6 ساعات
قناة CNBC عربية منذ 3 ساعات
صحيفة الاقتصادية منذ 19 ساعة
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 14 ساعة
منصة CNN الاقتصادية منذ 7 ساعات