الإخوان و"بيزنس الحلال".. محفظة التنظيم المالية التي لا تنضب

يمثل سوق الحلال العالمي إمبراطورية مالية وتجارية ضخمة، تتجاوز قيمتها سبعة تريليونات دولار وتستمر في النمو بوتيرة متسارعة، وهو ما فتح لجماعة الإخوان المسلمين، المصنفة على قوائم الإرهاب في عدة دول، نافذة للاستفادة من هذا القطاع الضخم.

فعلى مدى عقود، وظفت الجماعة استثمارات ضخمة في مشروعات تجارية واستراتيجيات مالية في دول متعددة، مع إخفاء أي صلة رسمية بها.

ويكشف هذا النهج عن أسلوب الإخوان التقليدي، القائم على استخدام واجهات مستقلة وهياكل معقدة، تضمن استمرار تدفق الأموال بعيدًا عن الرقابة القانونية.

وتشير التقارير والتحليلات إلى أن جماعة الإخوان لم تكتفِ بالاستثمار المالي فحسب، بل وظفت هذه الأموال أيضًا لبناء نفوذ اجتماعي وسياسي داخل المجتمعات الإسلامية في الغرب والدول غير الناطقة بالعربية، مستغلة الطلب المتزايد على المنتجات والخدمات الحلال، بما في ذلك الأغذية، المستحضرات، والخدمات المالية، لتوسيع شبكتها العالمية الخفية.

تجارة اللحوم مدخلا للإخوان

وفي كثير من الأحيان، كان بيزنس الحلال مقدمة لنشاط الجماعة في دول محظورة فيها من الناحية الرسمية كروسيا، على سبيل المثال، التي بدأ الإخوان فيها نشاطهم بالاستثمار في تجارة اللحوم الحلال ثم أنشأوا فرعًا للجماعة باسم اتحاد المنظمات الإسلامية في روسيا، والذي عمل كفرع لمنظمة الإخوان المظلية في أوروبا "اتحاد المنظمات الإسلامية"، الذي غير اسمه لاحقًا إلى "اتحاد مسلمي أوروبا"، وذلك بحسب ما أقر به رئيس الاتحاد في روسيا وسام البردويل في مقال سابق نشره عبر الموقع الرسمي للاتحاد، قبل أن يُحذف تمامًا بعد انكشاف صلاته بالإخوان، المحظورة في روسيا، قبل سنوات معدودة.

وعملت الكيانات المرتبطة بالجماعة المنخرطة في تجارة الحلال في عدد من الدول، دون أن تكشف ارتباطها، بيد أنها قامت في مناسبات مختلفة برعاية أنشطة لمنظمات مرتبطة بها أو تمويل كيانات محسوبة عليها، مما أدى إلى انكشاف جزء يسير من شبكة الحلال. ومع ذلك، فإن عدم وجود روابط مباشرة من الناحية القانونية الرسمية حال دون اتخاذ إجراءات ضد هذه الكيانات.

سوق كبير وشبكات متداخلة

تزامن نمو سوق الحلال مع الصعود الكبير للجماعات الإسلامية في الغرب. وقد رصدت عالمة الأنثروبولوجيا الفرنسية فلورنس بيرجود بلاكلر، الباحثة في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي، ورئيسة المركز الأوروبي للأبحاث والمعلومات في كتابها "سوق الحلال أو اختراع تقليد" المنشور عام 2017، تطور السوق ليشمل الأدوية ومستحضرات التجميل والخدمات المالية والسياحة.

وهو ما أكده تقرير السوق العالمي للأغذية الحلال الصادر في يناير/ كانون الثاني 2025، عن شركة "ريسرش آند ماركتس" العالمية، الذي يُظهر أن حجم سوق الأغذية الحلال، يتوقع أن يصبح نحو 2 تريليون دولار نهاية عام 2025، بمعدل نمو سنوي قدره 14.4%.

وبطبيعة الحال، فرض هذا التطور على الهيئات العاملة في مجالات إصدار شهادات الحلال التعاون فيما بينها، كما بدأت تلك الهيئات استخدام تقنيات البلوك تشين للتحقق من تجارة الحلال، وتوظيف المنصات الرقمية في إصدار الشهادات.

ونظرًا لتعدد الهيئات العاملة في إصدار شهادات الحلال في مختلف الدول، وجدت جماعة الإخوان، المدرجة على قوائم الإرهاب، فرصة للدخول إلى هذا السوق واستثمار أموالها فيه، لأنه لا توجد هيئة واحدة معنية بتنظيم سوق الحلال أو إصدار الشهادات الخاصة به، فمعيار الحلال هو نتاج مشترك لمعايير متعددة، أي أنه معيار ناتج عن مفاوضات بين أطراف اقتصادية، ودينية، وتنظيمية، وفقًا لما ذكرته: "عالمة الأنثروبولوجيا الفرنسية فلورنس بيرجود بلاكلر".

ولعل دخول الإخوان إلى بيزنس الحلال أمرًا طبيعيًا لأن الجماعة تفضل الاستثمار في هذا النوع من الأنشطة التجارية لتوزع رأس مالها النقدي الذي تجمعه من مصادر متعددة على أنشطة وبضائع متنوعة باعتبار أن ذلك هو الخيار الآمن لها، لأنها تخشى دائمًا الملاحقة والحظر.

كيف تتغلغل الإخوان في بيزنس الحلال؟

وعملت أفرع الإخوان في الدول غير الإسلامية، بتوجيه من التنظيم الدولي، على التغلغل في بيزنس الحلال مستفيدةً من وجودها في المجتمعات الإسلامية المحلية في الدول الأوروبية والآسيوية ودول أمريكا الشمالية والجنوبية، من أجل إصدار شهادات الحلال.

وبتحليل أسلوب عمل الكيانات المرتبطة بالإخوان والعاملة في إصدار شهادات الحلال يتضح أن الأفرع الإخوانية الرسمية لا تُصدر الاعتماد بشكل مباشر وإنما تنشئ منظمات أو غرف تجارية معنية بإصدار الشهادات، وتكون هذه الكيانات مرتبطة بالمراكز الإسلامية والجمعيات التي تديرها الإخوان، فتقوم هذه الكيانات بالقول إنها حصلت على اعتماد من المراكز الإسلامية (المرتبطة بالإخوان)، وتخصص جزءًا من عوائدها لرعاية أنشطة هذه المراكز التي تنشر أيديولوجيا الإخوان وتقوم بالعمل التنظيمي لصالح الجماعة.

وتجني المنظمات العاملة على إصدار رسوم الحلال أموالا طائلة، بصورة بسيطة، إذ يُفرض على كل مطعم أو شركة أو مؤسسة تجارية أو مجزر للحوم أو غيره أن تدفع رسومًا أو أمولا محددة مقابل الحصول على شهادة الحلال أو تجديدها بشكل دوري (سنوي عادة)، سواء كانت هذه الشهادة للسوق المحلي أو للتصدير، وهذا يضمن استمرار تدفق الأموال لخزينة الإخوان بصورة دائمة، لأنه كلما اشترى شخص سلعة من السلع الحاصلة على اعتماد "الحلال" ضمنت جماعة الإخوان دخول أموالا إلى محفظتها المالية.

ولا يكون أي من هذه الكيانات العاملة في إصدار شهادات الحلال مرتبط بالجماعة من حيث الرابطة القانونية أو الشكلية وإنما تكتفي بالقول بأنها كيان إسلامي عامل في تجارة الحلال العالمية، وهذا يتيح للجماعة التخفي وسط الإمبراطورية الضخمة لشبكات الحلال العاملة في مختلف القارات والدول.

ويتيح هذا التحفي لهذه الكيانات المرتبطة بالجماعة من الأساس أن تنفي صلتها بها حال واجهت أي تدقيق في أنشطتها، وتستغل الإخوان القوانين الأوروبية والأمريكية وغيرها في هذا الصدد، فهي تنشئ شركات خاصة مرتبطة بأفراد قد يبدو من الظاهر أنهم ليسوا على صلة بالإخوان غير أنهم في الواقع مجرد واجهات تابعة للإخوان، وهذا يظهر عند متابعة أنشطتهم.

وبهذه الطريقة، تمكنت الكيانات المرتبطة بالإخوان في أستراليا والعاملة في صناعة.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من سكاي نيوز عربية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من سكاي نيوز عربية

منذ 4 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ 9 ساعات
منذ 9 ساعات
منذ 7 ساعات
منذ 9 ساعات
سي ان ان بالعربية منذ 4 ساعات
قناة العربية منذ 20 ساعة
سي ان ان بالعربية منذ 5 ساعات
قناة العربية منذ 21 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 6 ساعات
سي ان ان بالعربية منذ 13 ساعة
قناة العربية منذ 10 ساعات
قناة روسيا اليوم منذ 7 ساعات