العالم الأكثر ملوحة.. أعلى الدول استهلاكاً للملح

يعد الملح عنصراً أساسياً في مطابخ العالم، ليس فقط لنكهته، بل لدوره في حفظ الأغذية، لكن الإفراط في تناوله يشكل عبئاً صحياً، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، التي تحذر من أن المعدل العالمي لاستهلاك الصوديوم يفوق التوصية المقررة بأكثر من الضعف. إذ يستهلك البالغون عالمياً نحو 4.31 غرام يومياً، بينما يوصى بأقل من 2 غرام. وفي بعض الدول، يتجاوز الاستهلاك حاجز 17 غراماً يومياً، أي نحو تسعة أضعاف الحد الموصى به.

يمثل الملح، رغم بساطته، اليوم سلعة استراتيجية على المستوى العالمي. الاستهلاك الكبير والتصدير المستمر يجعله مؤشراً على النشاط الاقتصادي والتجارة الدولية، وهو ما سنكشف عنه من خلال بيانات المستوردين والمصدرين وتحليل تأثيراتها الاقتصادية.

آسيا تتصدر المشهد تتصدر الصين القائمة بمتوسط استهلاك يبلغ 17.7 غرام يومياً لكل شخص بالغ، ويعود ذلك إلى كثافة الأطعمة المالحة في النظام الغذائي، مثل البط البكيني ووجبات مطهية بالصلصات الثقيلة.

تعد هونغ كونغ، وكوريا الجنوبية، وكوريا الشمالية من بين الدول الأكثر استهلاكاً، إذ يتراوح متوسط الملح اليومي بين 12.3 و12.7 غرام، ما يوضح تأثير التقاليد الغذائية المحلية على الصحة العامة.

أوروبا: العادات القديمة تصنع الفارق في أوروبا الشرقية والوسطى، تحتل دول مثل المجر والتشيك وسلوفينيا مواقع متقدمة، مع استهلاك يومي يصل إلى 13 و14.3 غرام للفرد. ترفع الوجبات التقليدية الغنية باللحوم والمخللات، مثل الجولاش المجري والسارمالي الرومانية المعدل بشكل ملموس، ما يطرح تساؤلات حول التوازن بين التراث الغذائي والوقاية الصحية.

في دول البلقان وأوروبا الصغرى، مثل ألبانيا والبوسنة وسلوفاكيا وكرواتيا وصربيا وبلغاريا والجبل الأسود يستهلك البالغون نحو 12.8 إلى 13 غراماً من الملح يومياً.

آسيا الجنوبية وجنوب شرقها: وجبات بحرية ومأكولات تقليدية تستمر دول مثل تا يلاند وماليزيا وكمبوديا وميانمار في استهلاك بين 10 و11 غراماً يومياً، إذ تشكل التوابل، الصلصات البحرية، وأطباق الكاري جزءاً من الهوية الغذائية، بينما ترتفع المخاطر الصحية على المدى الطويل إذا لم يتم مراقبة الاستهلاك. تسجل الدول الآسيوية الصغرى مثل بروناي، سنغافورة، وسريلانكا استهلاكاً يومياً يتراوح بين 10.7 و11.5 غراماً للبالغ، إذ تلعب الصلصات البحرية، التوابل المركزة، والأطباق التقليدية مثل الأمك، باد تاي، والكاري الحار دوراً محورياً في رفع مستوى استهلاك الصوديوم.

أميركا اللاتينية والكاريبي: مدخول صحي منخفض مع ملح مرتفع سجلت الهندوراس وكولومبيا معدلات تتراوح بين 10.3 و12 غراماً يومياً، ما يوضح تأثير الأطعمة التقليدية المحضرة باللحوم والأجبان والبهارات على الاستهلاك، إضافة إلى تأثير العولمة على زيادة الملوحة في الأطعمة السريعة والمعلبة. أسواق الملح العالمية: المستوردون والمصدرون والاتجاهات الحديثة بالنظر إلى التجارة، تواصل الأسواق العالمية للملح تسجيل تحركات ديناميكية واضحة خلال السنوات الأخيرة، سواء من ناحية الاستيراد أو التصدير. وفقاً للبيانات العالمية من مركز التجارة الدولي، بلغ إجمالي قيمة استيراد الملح نحو 5.23 مليار دولار في عام 2024، بزيادة طفيفة عن عام 2023 الذي سجل 5.19 مليار دولار.

بينما بلغ إجمالي قيمة صادرات الملح نحو 3.51 مليار دولار في العام نفسه، ما يدل على استمرار الفجوة العالمية بين الاستيراد والتصدير.

من حيث المستوردون، تحتل الصين المرتبة الأولى من حيث الاستيراد، إذ ارتفعت قيمة وارداتها من الملح إلى 600.7 مليون دولار في 2024، بعد تقلبات ملحوظة خلال السنوات السابقة. بينما تراجعت واردات الولايات المتحدة الأميركية من 687.7 مليون دولار في 2023 إلى 597.6 مليون دولار في 2024.

حافظت اليابان وكوريا الجنوبية وبلجيكا وألمانيا على مستويات مرتفعة من الواردات، ما يدل على الاعتماد الكبير على الملح في الصناعات الغذائية والصناعات التحويلية.

أما على صعيد التصدير فقد تصدرت الهند المشهد بقيمة صادرات بلغت 438.2 مليون دولار في 2024، مستفيدة من إنتاج الملح البحري والمعادن المعدنية. بينما حافظت ألمانيا وهولندا على مراكزها القوية في الأسواق العالمية بقيمة صادرات تصل إلى 386.2 و330.9 مليون دولار على التوالي.

تجدر الإشارة إلى أن الدول الأوروبية، مثل بلجيكا وفرنسا، حافظت على استقرار نسبي في صادرات الملح، في حين شهدت بعض الدول الأفريقية والآسيوية مثل تونس وباكستان ومصر زيادات ملحوظة، ما يدل على توسعها في الأسواق الإقليمية والعالمية.

توضح هذه الأرقام أن التوازن بين الإنتاج المحلي، والاستيراد، والتصدير يمثل عنصراً اقتصادياً أساسياً لدول مثل الصين والهند، بينما تعتمد دول أخرى على الواردات لتلبية الاستهلاك المحلي، مثل الولايات المتحدة واليابان.

كما أن النمو في صادرات الملح من بعض الدول النامية يشير إلى فرص اقتصادية جديدة وتوسيع نطاق الاستفادة من الموارد الطبيعية.

تدعم التجارة العالمية للملح وتفسر الاتجاهات الاستهلاكية، إذ إن الدول الأعلى استهلاكاً تظهر نشاطاً تجارياً مرتفعاً في الاستيراد.

دروس اقتصادية وصحية ارتفاع استهلاك الملح يضع عبئاً مزدوجاً على الحكومات، أولاً تكلفة الرعاية الصحية المرتبطة بأمراض ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب، وثانياً تأثيرات على إنتاج الغذاء المحلي وتصدير الأغذية الصحية. قد تواجه الدول ذات التقاليد الغذائية المالحة مستقبلاً ضرورة الاستثمار في حملات توعية وبرامج تشجيع بدائل صحية للملح، وهو ما يفتح فرصاً اقتصادية لشركات الأغذية والصناعات الصحية.

في الختام، يظهر من هذه البيانات والمعلومات أن سوق الملح ليس مجرد سلعة غذائية يومية، بل عنصراً أساسياً في سلاسل القيمة الصناعية والتجارية حول العالم، وأنه مرتبط بشكل مباشر بالأنماط الاستهلاكية لكل دولة.

سيظل الحفاظ على هذا التوازن بين الاستهلاك والإنتاج والتصدير محورياً لدول العالم خلال السنوات القادمة، خصوصاً في ظل التحولات الاقتصادية العالمية وتغير أنماط الاستهلاك.


هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من منصة CNN الاقتصادية

منذ 4 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 3 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 5 ساعات
قناة العربية - الأسواق منذ 12 ساعة
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 6 ساعات
قناة CNBC عربية منذ 8 ساعات
قناة العربية - الأسواق منذ 4 ساعات
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 18 ساعة
قناة CNBC عربية منذ 8 ساعات
صحيفة الاقتصادية منذ 13 ساعة
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 8 ساعات