فورين أفيرز: رغم التوتر، لم يتخلّ الحلفاء عن واشنطن؛ لكنهم باتوا أكثر قلقاً، ويعلمون أن دعم أميركا لهم لم يعد مضموناً في الأزمات المستقبلية

ملخص تزايدت نزعة ترمب العدوانية في ولايته الثانية، فبدأت التحالفات التقليدية تعيد حساباتها وتتحوط لاحتمال تراجع الضمانات الأميركية، رغم تمسكها المرحلي بواشنطن. ومع تصاعد الشكوك في موثوقية الولايات المتحدة، بدأت دول أوروبا وشرق آسيا بتطوير قدراتها الدفاعية وبناء شبكات بديلة، تحسّباً لعالم لا تعود فيه واشنطن الضامن الأمني الذي كان.

كان من المفترض أن يقلب صعود دونالد ترمب النظام الدولي الليبرالي رأساً على عقب. ففي ولايته الأولى، انتقد ترمب علناً حلفاءه الأوروبيين القدامى، وانسحب من معاهدات دولية مثل اتفاقية باريس للمناخ، وانتقد ما اعتبره قيام الولايات المتحدة بتمويل حلفائها عبر دعمهم عسكرياً وتحملها للعجوزات التجارية في علاقاتها معهم. ومع ذلك، كما أوضحنا في مقالٍ لنا في مجلة "فورين أفيرز" عام 2022، فإن سياسات ترمب العدوانية الأحادية لم تؤد إلى تفكيك التحالفات الأميركية. فعلى رغم شعور الحلفاء بالصدمة والانزعاج من تنمّر واشنطن، لم يبتعدوا عن القوة العظمى الأولى في العالم. ولم تشهد مبادئ العلاقات الخارجية ومستويات الإنفاق الدفاعي والاصطفافات الجيوسياسية لدى شركاء الولايات المتحدة الأساسيين، مثل فرنسا وألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية، أي تغير ملحوظ خلال إدارة ترمب الأولى. بل على النقيض من ذلك، تكيفت هذه الدول مع ترمب لأنها رأت أن تخفيف الروابط مع الولايات المتحدة سيكون أكثر خطورة على مصالحها الاقتصادية والأمنية من محاولة الوقوف في وجه تعسفه.

LIVE An error occurred. Please try again later

Tap to unmute Learn more وقد وضعت ولاية ترمب الثانية هذه الديناميكية أمام اختبار أشد صعوبة. فازدراء الرئيس لحلفاء الولايات المتحدة وشركائها أصبح أكبر بكثير هذه المرة، إذ تحدث عن ضم كندا وغرينلاند، وقصف المكسيك، واستعادة قناة بنما، والتخلي عن أوكرانيا وتايوان، على سبيل المثال لا الحصر. ويدّعي ترمب أن الحلفاء يستغلون الولايات المتحدة، مطالباً باستثمارات ضخمة وغير واضحة المعالم في الولايات المتحدة، تبدو إلى حد كبير أشبه بالرشاوى. فعلى سبيل المثال، يريد ضماناً استثمارياً ضخماً بقيمة 600 مليار دولار من الاتحاد الأوروبي ليُستخدم وفق تقديره الشخصي. ويبدو أنه يميل إلى تبنّي فكرة أن التحالفات ليست ركائز لشبكة ذات منفعة متبادلة، بل هي عناصر ضمن نظام حماية قائم على ابتزاز الحلفاء، وأن الوقت قد حان لأن تجني الولايات المتحدة ثماره.

وإذا كان الحلفاء قد عقدوا الأمل على أن انتخاب جو بايدن عام 2020 سيعيد الليبرالية الدولية الأميركية التقليدية، فقد جاءت إعادة انتخاب ترمب لتثبت أن النزعة العدوانية في السياسة الخارجية والاعتماد على مبدأ المقايضة مقابل الالتزامات الأميركية في ولايته الأولى لم يكونا استثناءً، بل من المرجح أن يكونا جزءاً أساسياً من السياسة الخارجية الأميركية في المرحلة المقبلة، كما يظهر في استراتيجية الأمن القومي التي أصدرتها الإدارة أخيراً. ومن المحتمل أن يستمر القادة الجمهوريون المستقبليون في تبني الاتجاه العام لسياسات ترمب. وحتى لو استعاد الديمقراطيون السيطرة، فإن قدرة الجمهوريين الموالين لترمب على ممارسة النفوذ ضمن نظام الحزبين ستقوض موثوقية الولايات المتحدة كحليف.

حتى الآن، لم يتخلَّ حلفاء الولايات المتحدة عنها في ولاية ترمب الثانية. ففي أكتوبر (تشرين الأول)، زار ترمب اليابان وكوريا الجنوبية، وأشار القادة في كلا البلدين إلى رغبتهم في البقاء على وفاق مع الرئيس. وكما خلصنا عام 2022، يبدو أن الحلفاء ما زالوا محافظين على التزامهم لكنهم باتوا أكثر قلقاً من ذي قبل. فخلافاً لما كان عليه الوضع قبل ثمانية أعوام، لم تعد الدول قادرة على تجاهل تداعيات احتمال غياب دعم واشنطن لها في الأزمات. وبدلاً من ذلك، من المرجح أنه خلال العقد المقبل ستبدأ الدول الحليفة للولايات المتحدة بالابتعاد تدريجاً. قد يبقى لديهم أمل في الحصول على الدعم الأميركي، لكنهم بدأوا أيضاً في التحوط تحسباً لاحتمال غياب الولايات المتحدة عند ظهور المشكلات، من خلال بناء هياكل تحالف بديلة، والتفكير في امتلاك أسلحة نووية، بل وحتى إبرام اتفاقات سلام منفصلة مع الخصوم الإقليميين عوضاً عن مواجهتهم. ومن دون القدرة على التنبؤ كيف سيستجيب ترمب لطلبات المساعدة في حرب كبرى أو أزمة نووية مع الصين أو روسيا أو كوريا الشمالية، ليس أمام حلفاء الولايات المتحدة خيار سوى تغيير استراتيجياتهم الطويلة المدى لتقليل اعتمادهم على واشنطن.

ارتباط حذر وقلق في العام الأول من ولاية ترمب الثانية، بقي حلفاء الولايات المتحدة متمسكين بها. وكما في ولايته الأولى، يبدو أن عدداً كبيراً من قادة الدول الحليفة يعتقدون أن بالإمكان دفع ترمب إلى قبول التزامات وصفقات مُلزمة تضمن استمرار التزام الولايات المتحدة بتلبية حاجاتهم الأمنية. وتُظهر الجهود الأوروبية المستمرة لحثّ واشنطن على دعم أوكرانيا في حربها مع روسيا حجم اعتماد الحلفاء على الولايات المتحدة. ومع أن ترمب لا يبدو راغباً في مساعدة أوكرانيا، وقد عبّر مراراً عن إعجابه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ومع ذلك، فإن معظم الدول الأوروبية لا تزال عاجزة عن رفع إنفاقها الدفاعي الصناعي بالسرعة المطلوبة لتلبية الحاجات العسكرية لأوكرانيا من دون الاعتماد على الدعم المالي والتسليحي الأميركي. كذلك هي لم تُنشئ بعد بدائل محلية للقدرات اللوجستية الأميركية أو لمنظومات جمع المعلومات الاستخباراتية التي توفرها واشنطن. وبعد مرور ثلاث سنوات ونصف على اندلاع الصراع، لا يزال القادة الأوروبيون يتوافدون إلى البيت الأبيض لاسترضاء ترمب، بدلاً من اتخاذ خطوات جدية تُقلّل من اعتمادهم على الولايات المتحدة.

أما حلفاء الولايات المتحدة في شرق آسيا، فقد اختاروا استرضاء ترمب بدلاً من الصدام معه، فاستسلمت كل من اليابان وكوريا الجنوبية لمطالبه الاستثمارية. وكجزء من اتفاقية التجارة التي أبرمتها طوكيو مع واشنطن في يوليو (تموز)، على سبيل المثال، وافقت اليابان على استثمار 500 مليار دولار في الولايات المتحدة، مع أن مدى التزام اليابان فعلياً بهذا الهدف، والتفاصيل المتعلقة بمن يتحكم بهذه الأموال، لا تزال موضع جدل. وعلى رغم قربهما من الصين وكوريا الشمالية وروسيا، لم تكثف اليابان ولا كوريا الجنوبية إنفاقهما الدفاعي بما يكفي لتتحررا من الاعتماد على الولايات المتحدة. ولا تزال القوات الأميركية المتمركزة في اليابان وكوريا الجنوبية متشابكة بعمق مع جيوش هذين البلدين، فيما تستمر التدريبات المشتركة بوتيرة منتظمة. وفي الواقع، تمارس الولايات المتحدة ضغوطاً على البلدين للسماح باستخدام الأصول العسكرية الأميركية الموجودة على أراضيهما في عمليات هجومية تستهدف ردع الصين، لا مجرد حماية الدول المضيفة. وإدراكاً منهما أنهما لا تستطيعان مواجهة التهديدات الإقليمية بمفردهما، تواصل الحليفتان في شرق آسيا الاستجابة لمطالب ترمب، حتى مع تصاعد حدة خطابه واتساع نطاق سلوكه العدواني.

بوادر التغيير ذكرنا في مقالنا الصادر عام 2022 أن أحد الأسباب التي تدفع كثيراً من الدول في أوروبا وآسيا إلى التحالف مع الولايات المتحدة هو بعدها الجغرافي، الذي يجعل من غير المرجح أن تمثل تهديداً عسكرياً مباشراً.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من اندبندنت عربية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من اندبندنت عربية

منذ ساعتين
منذ 4 ساعات
منذ ساعة
منذ 4 ساعات
منذ ساعة
منذ 4 ساعات
قناة CNBC عربية منذ ساعتين
قناة العربية منذ 8 ساعات
أخبار الأمم المتحدة منذ 14 ساعة
قناة روسيا اليوم منذ 7 ساعات