لماذا تنخفض قدرتنا على التركيز مع المحتوى السريع؟

في عالمنا الرقمي، يبدو الهاتف المحمول وكأنه نافذة سحرية إلى عالم لا ينتهي من المشاهد القصيرة، كل واحدة منها تتسلل إلى أعصابنا في ثوان معدودة، تأسرنا ضحكة، أو دمعة، أو شعور بالاشمئزاز، قبل أن نتمكن من فهم السبب الحقيقي لعمق تأثرنا بها. كل مقطع يمر بسرعة البرق، لكنه يترك أثره العميق، كأن الدماغ يستسلم لإيقاع لا ينتهي، ويبدأ في إعادة تنظيم انتباهه وفق هذا الإيقاع السريع. ومع كل تمريرة إصبع، يشعر المرء وكأن عقله يفقد القدرة على الثبات، وكأن التركيز يصبح مشتتا، وكأن القدرة على استيعاب فكرة واحدة أو متابعة نص طويل أصبحت أصعب من متابعة عشرات المقاطع التي لا تتجاوز ثواني معدودة.

إن المتعة الفورية التي تمنحها هذه المقاطع ليست مجرد إحساس عابر، بل عملية كيميائية دقيقة. في لحظة الضحك المفاجئ أو المشهد المؤثر، يفرز الدماغ مادة الدوبامين، هرمون المكافأة، في موجة قصيرة ولكن متكررة. هذه الموجات الصغيرة، التي تبدو غير ضارة، تتراكم تدريجيا وتدفع الدماغ للاعتياد على المكافآت السريعة، ليبدأ العقل في طلبها باستمرار، ويصبح أقل قدرة على الصبر، وأقل استعدادا لمواجهة أي نشاط يتطلب تركيزا عميقا. القراءة، التفكير، وحتى مجرد الاستماع إلى شخص يتحدث، تبدأ فجأة بالشعور بثقل ذهني، كما لو أن الدماغ لم يعد يمتلك القدرة على الانغماس في شيء واحد لفترة ممتدة.

لكن الأمر لا يتوقف عند التركيز فقط، بل يتعداه إلى المشاعر. المشاهد القصيرة تنقلك بسرعة بين حالات متناقضة: ثانية تشعر فيها بالضحك على موقف كوميدي، والثانية التالية يغمر قلبك الحزن على قصة مؤثرة، وفي اللحظة التالية قد تشعر بالاشمئزاز من تحد غريب أو مشهد صادم. هذه القفزات السريعة بين المشاعر، التي تعرف في علم النفس باسم «التبديل العاطفي»، لا تمنح الدماغ الوقت الكافي لمعالجة كل إحساس، ومع مرور الوقت، تصبح ردود الأفعال اليومية أكثر تقلبا. نصبح أكثر ميلا للملل، أسرع انفعالا، أقل قدرة على التحكم في الانفعالات، وأقل قدرة على التركيز على مهمة واحدة دون تشتيت.

هذا التنقل العاطفي المتكرر له أثره أيضا على الذاكرة. المعلومات التي نتلقاها في هذا الإيقاع السريع تمر أمام أعيننا دون أن تثبت في أدمغتنا. نحن نشاهد وننسى، نتابع ونفقد التفاصيل المهمة، ونجد أنفسنا مضطرين للعودة إلى المقطع نفسه مرات عديدة حتى نتذكره. هذا يحدث لأن الدماغ - كما تشير الدراسات الحديثة - يحتاج إلى وقت لمعالجة المعلومات ونقلها من الذاكرة قصيرة المدى إلى طويلة المدى، ووسط هذه الدوامة السريعة، لا يحصل على هذا الوقت. والنتيجة أننا نشعر كما لو أن حياتنا اليومية تمر بسرعة، وأن القدرة على التركيز على أي شيء طويل المدى أصبحت تحديا صعبا.

مع كل تمرير إصبع، يبدأ الدماغ في إعادة ترتيب أولوياته. الإشارات العصبية التي كانت تدعم الانتباه العميق والذاكرة المنتظمة تتحول تدريجيا نحو نمط يعتمد على المكافآت الفورية والانتباه المتقطع. هذا النمط الجديد ليس ضارا فقط من الناحية العقلية، بل يؤثر أيضا على سلوكنا اليومي. نشعر.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من صحيفة مكة

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من صحيفة مكة

منذ 10 ساعات
منذ 9 ساعات
منذ 9 ساعات
منذ 10 ساعات
منذ 12 ساعة
منذ 10 ساعات
صحيفة سبق منذ 19 ساعة
قناة الإخبارية السعودية منذ 11 ساعة
صحيفة الشرق الأوسط منذ 12 ساعة
صحيفة عكاظ منذ 21 ساعة
صحيفة الوطن السعودية منذ 20 ساعة
صحيفة الشرق الأوسط منذ 11 ساعة
صحيفة سبق منذ 6 ساعات
صحيفة الشرق الأوسط منذ 13 ساعة