تطول المسافات أحياناً بين الأصدقاء، كما يطول الظلّ في آخر النهار، ليس لعداوةٍ او ضغينة، بل لأنّ الحياة، حين تشتدّ وتيرتها، تُصيب القلوب بما يشبه "داء الجفوة" التي تحبس الشوق في أقفاص الصدَّة.
كنت أتابع عن بُعدٍ صديقين قديمين جمعتهما الصحبة منذ الصبا. سنواتٌ، بل عقود من الودّ والعمل والمواقف الصادقة، ثم فجأة، انقطع بينهما الخيط، كما تنقطع أغصان النخل حين تثقلها الزوابع.
مرّت الأيام فالأسابيع، بل الشهور، وكلّما طال الانقطاع بدا وكأنه دهور.
لم تبلغ القطيعة حدَّ السنين، لكنها بلغت ما يكفي لأن يبهت القلب وتيبس الذاكرة. كنت أقول في نفسي: هل تعود المياه إلى مجاريها؟ أم أنّ ما انكسر بين القلوب لا يُصلح بالعتاب؟
ثم جاءني اليومَ نبأٌ مفاجئ، أن أحدهما، وهو حسين، اتصل بصاحبه بعد طول غياب. اتصالٌ واحد، لكنه بدا لي كأذان فجر بعد ليلٍ طويل.
ربما يكون بادرةَ صفاءٍ جديدة، أو بابا لعودة الأحباب إلى حديقةٍ ظنّوا أنها جفّت. حين سمعت الخبر، تساقطت في صدري كلماتٌ قديمةٌ من الحكمة والحنين، فولدت هذه الأبيات:
"العفو يا حْسَيْنْ ترى العفـو زينْ
يجمّلك لا صرتْ وسط الخصيمه
العفو ما هو ضعفْ لا يا حْسَيْنْ
هو تاجْ من يملكْ قلوبٍ سليمه
افهمْ ولا تبرّرْ، وخلّكْ متيـنْ
ترى العطا يبقى ونفسٍ كريمه
مو كـلّ من زلّتْ خطاهِـه لعيـنْ
ولا كـلّ.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة السياسة
