تونس والبنك الدولي.. كيف يعزز الاتفاق مستقبل الطاقة في البلاد؟

في خطوة نوعية نحو تعزيز أمن الطاقة وتحفيز النمو الاقتصادي، وقّعت تونس والبنك الدولي اتفاقاً ممولاً بقيمة 430 مليون دولار يهدف إلى دعم برنامج إصلاح قطاع الطاقة وتمويل مشاريع البنية التحتية الخضراء.

ويسهم هذا الاتفاق وفقاً لخبراء اقتصاد في تونس تحدثوا لـ«إرم بزنس» في خفض فاتورة الدعم، والاستفادة من الطاقات المتجددة، وتقليل العجز الطاقي وتقليل تكلفة الطاقة على المواطن والمؤسسات، لافتين إلى أن هناك تحديات حال لم تتم الإصلاحات بدقة وحذر قد يتفاقم التضخم ويحد من الاستثمارات.

وشهد ميزان الطاقة التونسي عجزاً على أساس سنوي بنسبة 13%، ليبلغ قرابة 4.1 مليون طن مكافئ نفط، فيما بلغ إنتاج تونس من الكهرباء نحو 15270 غيغاواط في الساعة ليسجل انخفاضاً 1% عن المماثلة ذاتها في العام 2023، وفق ما ذكر تقرير سابق للمرصد الوطني للطاقة» في تونس عام 2024.

وتستهدف تونس إنتاج 35% من إنتاجها الوطني من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول 2030.

البرلمان التونسي يوافق على زيادة أجور القطاعين العام والخاص

فرصة جديدة

وقال أستاذ اقتصاد في تونس رضا الشكندالي في حديث لـ«إرم بزنس»، إن البرنامج الذي أعلن عنه البنك الدولي قبل نحو شهر، يكمل سلسلة مبادرة دولية قائمة مثل مشروع الربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا (ElMed)، ومشروعات تحسين كفاءة الطاقة، إلى جانب الدعم الفني والاستشاري الذي تقدمه مؤسسة التمويل الدولية (IFC) والوكالة الدولية لضمان الاستثمار (MIGA).

ويعتقد أن هذا التمويل يسهم في تعبئة استثمارات جيدة تصل 2.8 مليار دولار ويهدف اضافة الخاصة لإضافة 2.8 غيغاواط من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وذلك بحلول 2028، بخلاف ذلك يقلص كلفة الدعم للطاقة في الميزانية.

هذا البرنامج، بحسب الشكندالي، إن كتب له أن يدخل حيز التنفيذ سيقلل التكلفة على المواطن مما يحسن من قدراته الشرائية ويدعم المؤسسات الاقتصادية ويقلص كلفتها الطاقية ويسهم في خفض الأسعار بتونس.

ويشير الخبير الاقتصادي التونسي إلى أن هذا الاتفاق بين تونس والبنك الدولي سيسهم في تقليل العجز الطاقي، ويعزز من الاحتياطي الأجنبي في خزينة البنك المركزي، مما يعزز من التوجه الحكومي للاستثمار في البنية التحتية، وتعزيز التنمية.

وسيلقى هذا المشروع بظلال جيدة بحسب الشكندالي، تعزز استثمارات مستقبلية في قطاع الطاقة، وهذا مرتبط بثقة المستثمرين في الاستقرار في البلاد.

أبراج الكهرباء في بلدة المرناقية في تونس العاصمة يوم 4 فبراير 2017.

تحديات محتملة

من جانبها، قالت الخبيرة الاقتصادية التونسية، خلود التومي، في حديثها لـ«إرم بزنس»، إن هذا التمويل بين تونس والبنك الدولي له أبعاد اقتصادية عميقة، باعتباره يوفر برنامجاً إصلاحياً هكيلياً لقطاع القطاع التونسي الهام، خاصة وأنه تسبب في ارتفاع عجز الميزان التجاري، فضلا عن أنه يعيد التوازن للميزانية العمومية وتعزيز السيادة الطاقية.

ولفتت التومي إلى أن هذا التمويل له أبعاد أخرى متعلقة بإصلاح منظومة الدعم وحوكمة المؤسسات وتسريع إدماج الطاقة المتجددة، مشيرا إلى أن هذه الأبعاد ستخفف الضغط على الميزانية في تقليص الدعم الطاقي وكذلك تقليص فاتورة الواردات مما يقلل من العجز التجاري والتبعية للخارج.

وترى الخبيرة الاقتصادية التونسية أن نتائج ذلك التمويل تحمل مسارا إيجابيا وآخر سلبيا، على الرغم من أنها تحمل إجمالي هذه التمويل تخفيض النفقات العمومية للدولية وتخفيض الدعم الطاقة، ومن الممكن أيضا أن تكون نتائجها سلبية وعكسية إذا لم تتم إدارتها بحذر في ظل مديونية مرتفعة.

وأوضحت أن أول هذه المخاطر عدم القدرة على إصلاح القطاع الطاقي الحيوي، وكذلك يتم الرفع التدريجي للدعم مع عدم وجود بدائل، فهذا يؤدي لكلفة المعيشية للمواطن خاصة الطبقتين المتوسطة والهشة وارتفاع كلفة الإنتاج والتضخم.

ونبهت إلى أنه قد تنعكس تلك الإصلاحات على القدرة التنافسية للمؤسسات بسبب ارتفاع كلفة الإنتاج خاصة القطاعين الصناعي والفلاحي اللذين يمثلان المحرك الرئيسي للاقتصاد وكذلك من الممكن أن يحد من الاستثمار مع كلفة الإنتاج وارتفاع نسبة البطالة.

وخلصت الخبيرة الاقتصادية التونسية، خلود التومي، إلى أن «هذه الاتفاقية في مجملها إيجابية حال تمت تلك الإصلاحات بكل دقة وحذر خاصة في وضع اقتصادي هش».

طاقة المستقبل من الصحراء.. هل تصبح تونس مورد أوروبا الأول؟

اتفاق جديد

ووقّعت الحكومة التونسية مع البنك الدولي اتفاق تمويل بقيمة 430 مليون دولار لدعم برنامج تحسين الاعتماد على الطاقة وكفاءتها وحوكمتها (TEREG)، الذي يمتد على مدى خمس سنوات، ويهدف إلى تحديث قطاع الكهرباء وتوسيع استخدام الطاقات المتجددة في البلاد.

وبحسب بيان البنك الدولي، في نوفمبر الماضي، يشمل التمويل 30 مليون دولار كقرض ميسّر، ويأتي في إطار دعم جهود الحكومة التونسية لتوفير خدمات كهرباء مستدامة ومنتظمة وبأسعار مناسبة، من خلال تعزيز أداء الشركة التونسية للكهرباء والغاز (STEG)، وتسريع تنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة، وتحسين حوكمة القطاع الطاقي بما يضمن استدامة الخدمات وجودتها.

ومن المتوقع أن يسهم البرنامج في حشد نحو 2.8 مليار دولار من الاستثمارات الخاصة لإضافة 2.8 غيغاواط من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بحلول عام 2028، ما يجعل تونس إحدى الدول الرائدة إقليمياً في إنتاج الطاقة النظيفة.

كما يُنتظر أن يخلق البرنامج أكثر من 30 ألف فرصة عمل جديدة، معظمها في مرحلة تنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة، إضافة إلى تحقيق تخفيض في تكاليف إنتاج الكهرباء بنسبة 23%.

ويتوقع أيضاً أن يساعد البرنامج على رفع معدل استرداد التكاليف لدى الشركة التونسية للكهرباء والغاز من 60% إلى 80%، ما يخفف الأعباء المالية على الموازنة العامة، ويسهم في خفض الدعم الحكومي للطاقة بنحو 2.045 مليار دينار تونسي.

ووقتها، قال مدير مكتب البنك الدولي في تونس، ألكسندر أروبيو، إن البرنامج سيعزز موقع تونس في مجال الطاقة النظيفة ويفتح آفاقاً اقتصادية جديدة، ويسهم في ضمان الأمن الطاقي على المدى الطويل.

وبدأت تونس في دخول عصر الطاقة النظيفة في 28 يونيو 2022، عبر إطلاق مشروعها الذي حمل عنوان «الهيدروجين الأخضر في خدمة التنمية المستدامة والاقتصاد الخالي من الكربون». والذي يستهدف إنتاج 500 ألف طن سنوياً للتصدير إلى الأسواق الأوروبية.

المشروع الذي يستثمر فيه تحالف «ألماني-هولندي» بقيمة 2.5 مليار دولار، يتضمن بناء 4 محطات إنتاج في مناطق صحراوية، وتشييد محطات تحليل كهربائي تعمل بالطاقة الشمسية، وإنشاء شبكة أنابيب لنقل الهيدروجين إلى الموانئ.

ويشمل المشروع أيضاً بناء محطة تخزين وتسييل في ميناء صفاقس، وتطوير أسطول ناقلات متخصص، وإنشاء مركز أبحاث للطاقات المتجددة.

وتمتد خريطة الاستثمارات على مدى السنوات القادمة، حيث تُوجه 4 مليارات دولار للدراسات والتمهيد حتى 2026، تليها 8 مليارات دولار للبناء والتجهيز حتى 2030، ثم 3 مليارات دولار للتوسع والتطوير.

وتتطلع تونس إلى تحقيق إيرادات سنوية تتراوح بين 10 و12 مليار دولار بحلول 2040، مع توفير 430 ألف فرصة عمل، مع الحفاظ على توازن دقيق بين التصدير 80% والاستهلاك المحلي 20%.


هذا المحتوى مقدم من إرم بزنس

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من إرم بزنس

منذ ساعتين
منذ ساعة
منذ ساعة
منذ ساعتين
منذ 47 دقيقة
منذ ساعتين
قناة CNBC عربية منذ 10 ساعات
قناة العربية - الأسواق منذ ساعة
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 17 ساعة
قناة CNBC عربية منذ 20 ساعة
قناة العربية - الأسواق منذ 13 ساعة
قناة العربية - الأسواق منذ 21 ساعة
صحيفة الاقتصادية منذ 12 ساعة
قناة CNBC عربية منذ ساعة