لماذا يهتز الاقتصاد العالمي في كل مرة يرفع فيها بنك اليابان الفائدة؟

تعرض الاقتصاد العالمي لصدمة نقدية في مارس آذار 2024، عندما قرر بنك اليابان رفع الفائدة من -0.10% إلى نطاق 0% 0.10%، صدى القرار كان بالغ الأثر عالمياً، خصوصاً في وول ستريت التي شهدت عمليات بيع مكثفة للأصول المالية عالية المخاطر، وهذه الصدمة جعلت المستثمرين العالميين يترقبون اجتماع بنك اليابان يوم 19 ديسمبر كانون الأول الجاري، وما سيسفر عنه من قرارات بشأن سعر الفائدة على الين الياباني، وكيف سيتأثر الاقتصاد المحلي والعالمي بشأنها. يصاحب اجتماع بنك اليابان انعقاد آخر اجتماع للبنك المركزي الأوروبي يوم الخميس المقبل، حيث قالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، إن البنك من المرجح أن يرفع توقعاته للنمو مجدداً في ديسمبر، بعد أن رفع توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي إلى 1.2% في سبتمبر أيلول الماضي، وفق تصريح لصحيفة فايننشال تايمز.

صدمة 2024 لأول مرة منذ 17 عاماً يتخلى بنك اليابان عن الفائدة الصفرية ويقرر رفع الفائدة من -0.10% إلى نطاق 0% و0.10%، معلناً تخليه عن الفائدة السلبية لأول مرة في عقدين، الأمر أحدث بلبلة في أسواق المال العالمية وتحديداً وول ستريت، ووفقًا لمحللين، فإن هذا القرار أسهم في زيادة تقلبات السوق وعمليات بيع في الأصول عالية المخاطر عالميًا، بما في ذلك الأسهم الأميركية، بسبب تفكيك (unwinding) صفقات الأموال المحمولة (Carry Trade) وهي استراتيجية مالية تعتمد على اقتراض عملة بفائدة منخفضة مثل الين الياباني واستثمار الأموال المقترضة في عملة أخرى أو أصل يقدم عائداً أعلى مثل السندات والأسهم الأميركية.

وخلال فترات أخرى من عام 2024 شهدت الأسواق الأميركية انخفاضات في نطاق 2 إلى 3% للمؤشرات الكبرى خلال موجات بيع ترافقت مع رفع الفائدة اليابانية وارتفاع عوائد السندات، لكن هذا التراجع كان بنك اليابان أحد أسبابه الرئيسية وليس السبب الأوحد، لأن وول ستريت تأثرت أيضاً بعوامل أخرى مثل قرارات الفيدرالي الأميركي وأخبار التضخم في الولايات المتحدة، والتطورات السياسية مثل التعريفات الجمركية والحروب التجارية، وبيانات الأرباح الفصلية للشركات الكبرى.

لماذا يترقب المستثمرون اجتماع بنك اليابان؟ تشير توقعات المؤسسات المالية العالمية إلى احتمالية قوية لرفع بنك اليابان الفائدة بواقع 25 نقطة أساس لتصل إلى 0.75%، وهي نقطة تحول مصيرية في السياسة النقدية اليابانية حيث تتحول طوكيو من عاصمة التيسير النقدي إلى التشديد النقدي.

وحول تأثير ذلك على الاقتصاد العالمي يقول رئيس الأبحاث وتحليل الأسواق في مجموعة "إكويتي" أحمد عزام، لـCNN Business إن الحكومة اليابانية لجأت مؤخراً للتخلي عن سياسة التيسير النقدي والتحول للتشديد النقدي؛ لكبح معدل التضخم البالغ 3% والهبوط به إلى المعدل المستهدف وهو 2%.

وسيؤثر قرار رفع الفائدة المرتقب على بورصات العالم وآسيا على المدى القريب، وسنشهد هبوطاً في الأسهم الأميركية المرتبطة بالتكنولوجيا (تحديداً أسهم النمو ذات التقييمات المرتفعة)، وأسهم الأسواق الناشئة، والأسهم اليابانية نفسها بسبب ارتفاع العملة وانكماش أرباح المصدرين، والسبب في كل ذلك هو خروج الأموال من الأصول العالمية وعودتها إلى السندات اليابانية التي أصبحت أكثر جاذبية بعد رفع الفائدة.

وسجل عائد السندات اليابانية القياسية لأجل عشر سنوات ارتفاعاً قوياً خلال الشهر الماضي، ليصل إلى أعلى مستوياته في 18 عاماً عند 1.97% في 8 ديسمبر كانون الأول، مواصلاً التحرك قرب هذا المستوى الحساس.

وتجدر الإشارة إلى أن المستثمرين سيعيدون تقييم تكلفة الاقتراض حول العالم بعد خروج اليابان من سياسة التيسير النقدي المتطرف.

ويتطرق تأثير رفع الفائدة اليابانية إلى أسواق السندات العالمية، حيث تعد اليابان ممثلة في بنك اليابان ووزارة المالية اليابانية أكبر مالك أجنبي لسندات الخزانة الأميركية بنحو 1.189 تريليون دولار في سبتمبر أيلول 2025، ومع رفع الفائدة قد تتجه الصناديق اليابانية إلى بيع جزء من سندات الخزانة الأميركية وإعادة تحويل السيولة إلى الداخل، وسيترتب على ذلك رفع تلقائي للعائد على السندات الأميركية والأوروبية، وعليه ترتفع تكلفة خدمة الدين في الولايات المتحدة وأوروبا.

وعن تأثير رفع الفائدة اليابانية على الأسواق الناشئة، يرى خبير أسواق المال أن تفكيك الأموال المحمولة (Carry Trade) سيسفر عن هجرة محتملة للأموال الساخنة من الأسواق الناشئة، وضعف قصير الأجل للدولار أمام الين، لكنه قد يقوى أمام عملات الأسواق الناشئة، وقد تضطر بنوك مركزية في آسيا وتركيا والهند إلى رفع الفائدة لدعم عملائها.

وعلى الصعيد المحلي، سيتسبب القرار في خفض الصادرات اليابانية التي ستصبح أكثر تكلفة، كما سترتفع أحجام الواردات بعدما تزداد القوة الشرائية لليابانيين وتصبح الواردات أرخص، وهو ما قد يهدد الميزان التجاري للبلاد.

ويتوقع عزام ألّا تتعرض الأسواق المالية العالمية لصدمة نقدية قوية عقب رفع الفائدة اليابانية، وبرر ذلك بأن القرار متوقع مسبقاً، وأن رفع الفائدة ربع نقطة مئوية ليس بالحدث الجلل لتضطرب الأسواق المالية العالمية، إنما إذا تمادى بنك اليابان في التشديد النقدي وارتفع الين الياباني فوق مستويات 157 يناً للدولار، هنا يكمن القلق من تفكيك الأموال المحمولة وهجرة الأموال الساخنة من الأسواق الناشئة.


هذا المحتوى مقدم من منصة CNN الاقتصادية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من منصة CNN الاقتصادية

منذ 3 ساعات
منذ ساعة
منذ 3 ساعات
منذ 6 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ ساعتين
قناة CNBC عربية منذ 43 دقيقة
قناة CNBC عربية منذ ساعة
صحيفة الاقتصادية منذ ساعتين
قناة CNBC عربية منذ 7 ساعات
قناة CNBC عربية منذ 10 ساعات
منصة CNN الاقتصادية منذ 10 ساعات
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ ساعة
اقتصاد الشرق مع Bloomberg منذ 5 ساعات