تحت الأضواء | إدريس هاني.. الفيلسوف المغربي الذي يعرفه العالم ولا يعرفه المغاربة

لم يسبق أن تعرض مفكر مغربي للظلم أكثر من الظلم الذي تعرض، ويتعرض له الفيلسوف المغربي، المفكر الكبير إدريس هاني، بعد أن تواطأت عدة جهات، وعلى رأسها المحسوبون على التيارات الدينية، لتغييب هذا الصوت من الواجهة الإعلامية والأحداث السياسية، وقد بلغ التناقض ذروته عندما تخصص مختلف القنوات الأجنبية حيزا مهما لتسليط الضوء على أفكار هذا المفكر المغربي، بينما لا يظهر في وسائل الإعلام المغربية، بل إن القنوات العربية غالبا ما تتسابق على تصريحاته في المطارات(..).

المفكر والفيلسوف إدريس هاني، غالبا ما يحشر اسمه ضمن زاوية ضيقة، لغاية في نفس يعقوب(..)، لكنه يحقق نجاحات كبيرة خارج الوطن، وقد اجتمع عشرات المفكرين، في سابقة من نوعها داخل العالم العربي، منهم أدباء عالميون وكتاب، لتقديم قراءة جماعية في أعماله الفلسفية ومشروعه الفكري، بينما لم تخصص له قنوات التلفزيون والصحافة الوطنية أي حيز يذكر.

يقول منسقو هذا العمل الضخم: لسنوات، مورس نوع من الإقصاء بدواع رخوة للأسف الشديد، سببها الأول والأخير ليس الاختلاف الإيديولوجي، ولكن قلة الشجاعة، التي تركت البعض يتمترس بشكل قبلي وساذج داخل الحقل الثقافي، مركزا فقط على ثلاثة مشاريع كبرى ومن يدور في فلكها، بينما المشروع الذي ساد نقده وتفكيكه ومطارحاته حول هذه المشاريع، استبعد بشكل مقصود، لكن التاريخ أكبر من الجميع، كما طارحنا في ذلك هيغل، وقد يختار البعض اللحظة المناسبة لإعادة الاعتبار له، واليوم، نحرر هذا العمل ليعرف الجيل الجديد أن المشاريع الفكرية لم تكن كلها تقليدا، أو ارتماءً في أحضان الآخر، أو بحثا عن توفيق وترتيق، بل كان بعضها، ونخص بالذكر مشروع إدريس هاني، ينظر من زاوية أخرى، طارحا مشروع النقد الجذري والتبني الحضاري المبني على الاستيعاب العميق للأسس، وهو مشروع يعيد للذات أصالتها، ويحافظ على مركزيتها، أمام قوة الفكر الغربي الجارف، وحداثة مركز يحدد الهوامش داخل الحداثة لهوامشه (عن الكتاب: مصطفى الزاهيد، وطارق بكريم، وحسن الحريري).

الرجل المتواضع، المفكر والفيلسوف المتخصص في فنون القتال والحرب، و الساموراي (..)، هو نفسه الرجل الذي كتب عنه باولو كابوزو، الباحث والخبير الدولي ومهندس الطاقة الإيطالي، ما يلي: من المزايا الفكرية الاسثنائية للباحث إدريس هاني، والتي تجعله يتميز عن كثير من المفكرين الآخرين من معاصريه، أنه على الرغم من قوة تجذره في أصوله الخاصة، وهي جذور عربية إسلامية واضحة، إلا أنه لا يقتصر عليها، بل إنه في تطويره لفكره، يجعل من الثقافة الكلاسيكية والأوروبية ثقافته الخاصة أيضا، حيث يتداخل في تطوير تفكيره فكر أرسطو وأفلاطون مع فكر كبار المتصوفة مثل ابن عربي والرومي والغزالي، ثم يواصل مع القديس أوغسطين وصولا إلى هايدغر.. .

إدريس هاني غريبا في عصر الإنحطاط .. هكذا وصفه عالم الدين والمفكر حسين شحاذة، و كمثل النابت وحده في الصحراء .. هكذا وصفه المفكر اللبناني محمود حيدر، وقال عنه: التعرف في تفكير إدريس هاني، دربة فضلى وميثاق شرف، وقد ألفيته في دربته يكلم الحدس ويقول: لن نفلح بميثاق القربى لو داومنا على الانشغال بما افترضه علينا منطق العقل الأدنى، فهذا الأخير حد موصوف أضناه التكرار والشرح.. العقل الأدنى ماكر وذكي يثقن المخادعة، بل إنه عقل زئبقي يتوارى إلى الظل ويأنس العتمة، عرفه من عرفه، وجهله من جهله من الأقدمين والمحدثين، إلا أنه يوجب الحذر من الفتنة.. .

وأكثر الكلمات تأثيرا هي الكلمة التي قالها المفكر العراقي عبد الجبار الرفاعي، الذي وصف المفكر إدريس هاني بـ الغريب في وطنه ، فـ ذلك هو مصير من يفكرون بعمق في مجتمعاتنا، ويستأنفون النظر في عقائدهم الموروثة، ويجازفون في طرح أسئلة محظورة أو غائبة أو مشاغبة .

عناوين كثيرة كتبها مفكرون عالميون وأدباء مشهورون في الوطن العربي، وهي شهادات موثقة ومصادق عليها في كتاب جامع، كلها تحاول مقاربة موضوع المفكر إدريس هاني منها: إدريس هاني وإتقان السير بين الأدنى والأدنى ، إدريس هاني الفيلسوف الحر المقاوم ، الناقد ومهندس الفكر الحضاري ، المفكر في فلك الفلسفة ، ساموراي الكلمة والفكر.. محارب من الطراز الرفيع ، و الفيلسوف الذي يقيم في تخوم الوعي ..

ولا يقف المفكرون عند حدود نشر انطباعات عن هذا المفكر، بل إنهم يغرقون في عناوين أكثر عمقا، عندما يتحدثون عن تفكيك الإيديولوجيا المقاصدية عند إدريس هاني ، و قاعدة الوحدة في الكثرة ، و الإسلام والحداثة ، وكذلك عندما يتحدثون عن المشروع الكبير لهذا الرجل، الذي تحدث عن الانتقال من السلفية الوطنية إلى السلفية التكفيرية، والتراجع الدراماتيكي لزمن النبوغ المغربي(..).


هذا المحتوى مقدم من صحيفة الأسبوع الصحفي

إقرأ على الموقع الرسمي


هسبريس منذ 20 ساعة
Le12.ma منذ ساعة
هسبريس منذ 16 ساعة
هسبريس منذ 16 ساعة
هسبريس منذ 13 ساعة
هسبريس منذ 3 ساعات
Le12.ma منذ 5 ساعات
هسبريس منذ 4 ساعات