استيقظت الكويت في السادس عشر من ديسمبر 2023 مفجوعة حزينة على خبر وفاة أميرها الراحل المغفور له بإذن الله الشيخ نواف الأحمد، بعد مسيرة حافلة بالإنجازات في خدمة الكويت ومحيطها العربي.
عرفه الكويتيون أبا وأخا وقائدا، حيث نكست الأعلام وعم الحزن أرجاء البلاد بعد إعلان وفاته عن عمر ناهز 86 عاماً، وتبادل أهل الكويت، مواطنين ومقيمين، عبارات التعازي والأسى لفراق الراحل الكبير.
وقد استكمل الراحل مسيرة سلفه السابق الشيخ صباح الأحمد، طيب الله ثراهما، بعدما عمل في كنفه 14 عاما وليا للعهد، فحرص على إكمال مسيرة الوساطة الكويتية وتحقيق المصالحة الخليجية، كما جهد سموه، طيب الله ثراه، في الحفاظ على الوحدة الوطنية ورفعة الكويت وعزتها وحماية أمنها واستقرارها وضمان كرامة شعبها ورفاهيته.
وبرحيله فقدت الكويت أحد كبار قادتها وصانعي أمجادها، كما فقد الوطن العربي قائداً حكيماً لطالما كان حريصاً على توحيد كلمته وتمتين صفوفه ووأد الخلاف بين دوله، بينما فقد العالم أميراً للتواضع وقائداً للمحبة والسلام بين شعوبه.
لقد عمل - رحمه الله - على حفظ أمانة الكويت وأهلها، فهو الرمز الذي تجتمع عنده محبة أهل الكويت كلهم، ويعد سموه أحد كبار رموز الكويت الذين عملوا بكل حب وإخلاص وتفانٍ للارتقاء بالوطن في كل المجالات.
14 عاماً في ولاية العهد عضداً لصباح الأحمد قبل توليه أمانة الحكم في سبتمبر 2020
سيرة ومسيرة
ولد سموه في 25 يونيو 1937 في مدينة الكويت بفريج الشيوخ، وهو الابن السادس لحاكم الكويت العاشر الشيخ أحمد الجابر الذي حكم البلاد في الفترة بين عامي 1921 و1950، وتلقى تعليمه في مدارس حمادة وشرق والنقرة، ثم في المدرسة الشرقية، فالمدرسة المباركية، وواصل دراساته في أماكن مختلفة من الكويت، تزوج سموه من الشيخة شريفة الجاسم، وله من الأبناء أربعة أولاد وبنت، وهم: الشيخة شيخة والشيوخ فيصل وأحمد وعبدالله وسالم.
وتميّز سموه منذ شبابه بشخصية هادئة وحازمة ومتزنة محبة للعمل والإنجاز، وأسهم في تحقيق النجاح في جميع المناصب التي تولاها خلال مسيرته التي امتدت نحو 6 عقود، بذل خلالها جهوداً جبارة في تطوير العمل بها، إضافة إلى تعزيز مكانة الكويت إقليمياً ودولياً.
وعلى مستوى العلاقات الإنسانية حظي سموه باحترام ومحبة الجميع، إذ تعايش دائماً مع المواطنين بكل بساطة وتواضع ومحبة، مشاركاً إياهم أفراحهم ومعزياً لهم في فواجعهم ومصائبهم، ومتلمساً لحاجاتهم ومتطلباتهم.
وتزخر مسيرة عطاء الأمير الراحل بالعديد من المناصب، استهلها في 21 فبراير 1961 حين تولى أول منصب له محافظاً لحولي في عهد الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم، واستمر فيه حتى 19 مارس عام 1978، فعمل، يرحمه الله، على تغيير معالم منطقة حولي بتحويلها من قرية صغيرة إلى مدينة حضارية كبيرة مليئة بالعمران، ومركز يتوهج في أرجائها وبقية مناطق المحافظة النشاط التجاري والاستثماري، كما تمكن سموه، يرحمه الله، من فرض الأمن والأمان من خلال تسيير الدوريات الأمنية في الشوارع والمناطق، بهدف بث الطمأنينة والأمن لدى سكان المحافظة، واستمر يحمل على كاهله مسؤولية المحافظة طوال ستة عشر عاماً.
«الداخلية» و«الدفاع»
وتبوأ سموه بعدها منصباً أكبر حين ولاه الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد وزارة الداخلية، التي استمر فيها على مدى فترتين، الأولى من مارس 1978 إلى يناير 1988، والثانية من 2003 إلى فبراير 2006، ونجح خلالها في التغلب على كل مظاهر الإرهاب التي عصفت بالمنطقة آنذاك، كما استقطب الشباب للانخراط في سلك الشرطة، مخرّجاً دفعات من الضباط المنوط بهم حماية الأمن والأمان في البلاد.
ومثلما حقق سموه نقلة نوعية في أداء «الداخلية»، قام سموه، يرحمه الله، بعد توليه حقيبة الدفاع عام 1988 بتطوير العمل بشقيه العسكري والمدني، وعمل على تحديث وتطوير معسكرات الوزارة ومدّها بالأسلحة والآليات الحديثة لتقوم بواجبها الوطني في الدفاع عن الكويت وحمايتها من المخاطر الخارجية.
واهتم سموه بإيفاد البعثات إلى الدول الصناعية العسكرية للتدرب على قيادة الطائرات العسكرية والحربية وكل أنواع الأسلحة والمدرعات والمدافع التي يستخدمها الجيش الكويتي، وفي الغزو العراقي لدولة الكويت في الثاني من أغسطس 1990، والذي استمر نحو 7 أشهر، تجلّى الدور الكبير لسموه، إذ عمل على تجنيد كل الطاقات العسكرية والمدنية من أجل تحرير البلاد، وأدى دوراً بارزاً في قيادة المقاومة وتأمين وصول القيادة الكويتية الشرعية إلى المملكة العربية السعودية الشقيقة إلى جانب قيادته للجيش، وقد أصدر إبان فترة الغزو بياناً دعا فيه الشباب الكويتيين إلى التطوع وحمل السلاح لتحرير الكويت والدفاع عنها.
وعند تشكيل أول حكومة بعد حرب تحرير الكويت من الاحتلال العراقي الآثم في 26 فبراير 1991 تولى حينها سموه حقيبة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في 20 أبريل 1991، واستمر فيها حتى 17 أكتوبر 1992، وفي هذا الإطار كان لسموه تلك الكلمات الخالدة: «أنا جندي أقبل العمل في أي مكان يضعني فيه سمو أمير البلاد».
«الحرس الوطني» ومواجهة الإرهاب
وفي 16 أكتوبر 1994 تولى سموه منصب نائب رئيس الحرس الوطني، وقضى فيه 9 أعوام متتالية حتى 13 يوليو 2003، أسهم خلالها في تطوير أداء فرق الحرس الوطني من خلال تدريبها على أحدث أساليب الأمن والوقاية وتعزيز الأمن والأمان في البلاد، ليترك سموه بصمات واضحة في إعادة ترتيب الحرس وتنظيمه، وتحقيق التوافق والتوازن بين الجندي والإنسان، وقد بذل سموه جهوداً مضنية على مدى 9 سنوات لتحقيق هدفه الأسمى، وهو الوصول إلى أرقى المستويات والمعدلات بالمؤسسات الأمنية المماثلة في أكثر دول العالم تطوراً، وعمل سموه على تطوير المنظومة العسكرية للحرس وجعله الذراع اليمنى للقوات المسلحة.
وتعامل، يرحمه الله، بشكل حازم مع الحوادث الإرهابية التي حدثت في أماكن متفرقة من.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من صحيفة الجريدة
