ملخص بعد روايتها الأولى "ميثاق النساء" (دار الآداب، 2023) التي بلغت القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية في العام الماضي، تقدم حنين الصايغ روايتها الثانية "ثمرة النار" (دار الآداب، 2025) لتكون الجزء الثاني من القصة نفسها.
أخذ البعض على حنين الصايغ هذا البقاء السردي ضمن الفضاء الدرزي والمرأة الدرزية، لكن لا يمكن القول إن هذا المأخذ مصيب تماماً، فلا يمكن إيجاز أجيال من النساء الدرزيات وقصص الجبل اللبناني في رواية واحدة وقصة امرأة واحدة. إن رواية واحدة لا يمكن أن تكفي لتنقل نضال أجيال من النساء المكافحات. إلى ذلك لا بد من القول إن روائيين كثراً قدموا في تاريخ الأدب أجزاء عدة للقصة الواحدة فجاءت رواياتهم في ثلاثيات ما زالت تقرأ وتدرس، منهم طبعاً ثلاثية نجيب محفوظ أو ثلاثية يوسف حبشي الأشقر وطبعاً ثلاثية الياس الخوري.
LIVE An error occurred. Please try again later
Tap to unmute Learn more إن الفضاء الذي تستلهم منه حنين الصايغ سردها منهل هائل الحجم بالكمية والنوعية، فالقصص كثيرة وكثيفة وفي حاجة إلى من ينقلها ويتحدث بها ويحرر أهلها. تختار الصايغ في روايتها "ثمرة النار" أن تتنقل تاريخياً وجغرافيا، فهي تتأرجح بين 1960 و1970 و1975 و2022 و2023 وصولاً إلى الـ2024، وتنتقل من قرية عينصورة إلى ضيعة تل الخروب فبيروت فدبي فجونيه، بقفزات مشوقة تبني السرد وتبني معه طبائع الشخصيات وقصصها.
الرواية الجديدة (دار الآداب) ويمكن اعتبار تركيز حنين الصايغ على الفضاء الدرزي كإطار للسرد، نقطة إيجابية لصالحها تثبتها كاتبة من الصف الأول لهذه الطائفة ولهذا المجتمع. فالقضايا التي تطرقها لا تنحصر في المجتمع الدرزي وحده، بل على العكس، هي مشكلات المجتمع اللبناني المحافظ بأسره. تتطرق الصايغ في سردها ومن خلال شخصياتها إلى العلاقة الشائكة بالوالدين، والمشكلات التي يعانيها المرء مع الدين والحب والتابوات، موضوعات موجودة في المجتمع الدرازي، لكنها تتعداه إلى مختلف الفئات والطوائف. فتكتب الصايغ مثلاً وجع مجتمع بكامله يرفض الزواج بين طائفتين مختلفتين، عندما تقول: "كلنا منعرف شو مصير الحب بهالبلاد".
حرب واحدة باستراتيجيات مختلفة
"تلك القرى البعيدة وسط الجبال التي يصفها سكان المدن بأنها هادئة ومطمئنة، لا تظهر قسوتها إلا لساكنيها". تختار حنين الصايغ أن تنقل حروب نساء الجبل مع رجال حياتهن ومع الدين ومع الأنظام الثابتة المعلبة ومع التقاليد والأعراف في سرد سلس ممتع فيه من الشاعرية مما يخلق تشويقاً لدى القارئ. اختارت الصايغ أن تنقل في روايتها الأولى قصة نضال أمل لتتحرر من قبضة زوجها ومن قبله والدها، ثم نراها تختار في روايتها الثانية أن تنقل قصة حروب نبيلة، أم أمل، التي هي بدورها عانت الكثير في حياتها وخاضت معارك لا يمكن القول إنها خرجت منها سليمة.
يعشش الخوف في نفوس نساء حنين الصايغ منذ طفولتهن، مهما كان عمرهن أو وضعهن الاجتماعي. الابنة كشقيقتها كأمها كخالتها كجدتها كالنساء كلهن المحيطات بها، عشن حيوات مليئة بالخوف من الدين والرجل وأحكام الآخرين ونظرتهم، فتكتب الصايغ بصراحة موجعة وبعامية تعزز وقع الكلمات: "خلينا نعترف إنو ربينا عالرعب!".
الروائية حنين الصايغ (صفحة فيسبوك)
وبينما تختار أمل في الرواية الأولى الرحيل لتنال ما تريده فتتحرر من طريق العلم والسفر والمواجهة الذكية مع والدها علي وأهل الدين، تأتي نبيلة الوالدة في الرواية الثانية بطرقها الخاصة في النضال والتحرر إنما هذه المرة من داخل المجتمع. تجد نبيلة سبلها لتنال مآربها من زوجها ودينها ومجتمعها من دون أن تستفز ولا أن تقلق ولا أن ترحل، فتكتب الصايغ عن بطلتها: "تفادت نبيلة الصدامات مع الأعراف.....
لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه
هذا المحتوى مقدم من اندبندنت عربية
