فُتح تحقيق رسمي في واقعة تعنيف مهاجر دخل إلى سبتة سباحةً، بعد شكاية وُصفت بالحاسمة وضعت حدًا للتشكيك الذي رافق انتشار فيديو يوثّق الاعتداء، وأجبرت السلطات الأمنية الإسبانية على الانتقال من نفي الوقائع واعتبارها خبراً زائفاً إلى مباشرة مسطرة داخلية وقضائية لكشف ملابسات ما جرى وتحديد المسؤوليات، وذلك وفق ما أوردته صحيفة إل فارو .
وجاء تحريك التحقيق، يؤكد المصدر ذاته، عقب تقدّم شاب، مساء الأحد، بشكاية رسمية لدى مقرّات الحرس المدني في سبتة المحتلة، أكد فيها أن التسجيل المتداول صُوّر داخل المدينة، وبالضبط بمنطقة بنزو القريبة من الحاجز الصخري، ويتعلّق بتدخل عنيف لعناصر من الحرس المدني في حق مهاجر وصل حديثًا سباحةً، وهو في وضعية إنهاك كامل وممدّد على الرمال.
وتُظهر مشاهد الفيديو، الذي انتشر على نطاق واسع عبر شبكات التواصل الاجتماعي، عنصرين من الحرس المدني برفقة المهاجر، إذ يبدو أحدهما وهو ينهال عليه بالضرب بواسطة عصا، قبل أن يوجه له ركلة على مستوى الرأس، بينما كان الشاب ملقى على الأرض دون قدرة على المقاومة.
كما يَظهر أحد العنصرين وهو يضع مصباحًا مثبتًا على رأسه، وهي تفصيلة غير مألوفة بين عناصر المعهد المسلح، وكانت من بين المؤشرات التي أثارت الشكوك حول مكان وزمان تصوير المقطع.
ولفتت صحيفة إل فارو إلى أنه وفي الساعات الأولى التي تلت انتشار التسجيل، نفت قيادة الحرس المدني رسميًا توفرها على أي معطيات تؤكد وقوع الحادث داخل سبتة المحتلة، معتبرة أن خصائص الفيديو لا تسمح بالجزم بأنه صُوّر في المدينة، وهو ما دفع إلى تصنيفه حينها ضمن الأخبار الزائفة ، خاصة في ظل غياب هوية المصوّر وعدم تسجيل أي شكاية رسمية في الموضوع.
غير أن هذا الموقف تبدّل جذريًا بعد تسجيل الشكاية، التي تضمنت معطيات دقيقة حول مكان التصوير وتوقيته، وأكدت أن الوقائع حدثت يوم الأحد نفسه. وبناءً على ذلك، قررت قيادة الحرس المدني فتح تحقيق داخلي فوري، مع إحالة الملف على المسار القضائي، قصد تحديد ما إذا كان ما وقع يشكّل اعتداءً غير مشروع، والكشف عن هوية العناصر المتورطة.
ووفق المعطيات المتوفرة للصحيفة، لم يقتصر الأمر على شهادة الشخص الذي قام بتصوير الفيديو، إذ حضر معه أشخاص آخرون كانوا متواجدين بعين المكان، وأدلوا بإفاداتهم كشهود، ما عزّز مصداقية الرواية المقدّمة، ودفع الشرطة القضائية التابعة لقيادة الحرس المدني إلى الشروع، خلال ساعات الفجر، في جمع التصريحات وتوثيق الشهادات.
وفي السياق ذاته، باشرت السلطات الأمنية تحرّيات لتحديد مكان المهاجر الذي يظهر في التسجيل، إذ جرى العثور عليه داخل مرافق تاراخال، وتمت برمجة الاستماع إلى أقواله لدى الشرطة القضائية، في إطار استكمال عناصر البحث وربط الوقائع بسياقها الزمني والمكاني.
وتشير المعطيات إلى أن التسجيل يتضمن معلومات تقنية دقيقة، من بينها تاريخ ووقت ومكان التصوير، مع الإشارة الصريحة إلى منطقة بنزو، وهو ما اعتُبر عنصرًا أساسيًا في الانتقال من فرضية الفيديو المضلل إلى فتح تحقيق رسمي في واقعة يُشتبه في أنها تنطوي على استعمال مفرط للقوة.
وأثار الفيديو، منذ تداوله، موجة استياء واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ عبّر نشطاء ومعلقون عن صدمتهم من المشاهد المصوّرة، مطالبين بفتح تحقيق شفاف وعدم الاكتفاء بتبريرات أولية أو نفي دون تدقيق. وتمحورت غالبية التفاعلات حول ضرورة مساءلة أي عنصر يثبت تورطه في تجاوزات، واحترام حقوق الأشخاص، بغضّ النظر عن وضعهم القانوني.
ويأتي هذا التطور، بحسب إل فارو في سياق حساس تشهده سبتة المحتلة، التي تعرف بين الفينة والأخرى محاولات دخول سباحةً عبر السواحل، وسط نقاش متجدد حول أساليب التدخل الأمني وحدود استخدام القوة في التعامل مع المهاجرين غير النظاميين.
هذا المحتوى مقدم من مدار 21
