لطالما بدت (Smart) تلك العلامة الصغيرة التي تعلّمت كيف تلتف حول الازدحام كما لو كانت راقصة باليه في شارع ضيق، رمزاً لعالمٍ يبحث عن البساطة.

لكن ما يحدث اليوم يشبه انقلاباً ناعماً في هوية الشركة، انقلاباً لا يصرخ، بل يهمس بلهجة واثقة: لقد كبرنا، لكننا لم نفقد روحنا.

من هنا تبدأ الحكاية.. بين سيدان جديدة تحمل رقم 6#، وبين سيارة مدينة تعود بروح جديدة تحمل اسم 2#. خطّان متعاكسان يلتقيان في منتصف الطريق.. طموح نحو منافسة العمالقة، ووفاءٌ للجذور.

صورة لطراز Smart #6 الجديد، أول سيدان في تاريخ العلامة، بتصميم انسيابي وجريء يعلن انتقال Smart إلى فئة السيارات الأكبر ومنافسة BMW وتيسلا.

#6 أول سيدان في تاريخ Smart.. خطوة نحو مصارعة BMW وتسلا

حين كشفت (Smart) عن أكبر طراز في تاريخها، بدت المفاجأة أشبه بمن يرى طفله الصغير يرتدي لأول مرة بذلة رجل ناضج. السيارة الجديدة 6# ليست مجرد موديل آخر، إنها إعلان رسمي بأن الشركة قررت التوقف عن لعب دور «الطفل الذكي» في مدينة مكتظة، والانطلاق إلى حلبةٍ تقف فيها (BMW) الفئة الثالثة و (Tesla Model 3) كحكمين لا يرحمان.

تأتي 6# أولاً بنسخة هجينة قابلة للشحن، ثم ستتبعها النسخة الكهربائية كاملةً العام المقبل. وتشير التسريبات إلى شاشة 13 بوصة، وأخرى بقياس 10.25 بوصة للسائق، في توليفة تبدو مألوفة لمن شاهد شقيقة السيارة، طراز 5#.

وما يثير الفضول أن ملامح 6# تقارب إلى حدّ لافت خطوط سيارات أخرى من إمبراطورية جيلي، مثل (Zeekr 07)، لكنها أيضاً تدخل ساحة مكتظة بمنافسين أشداء مثل (BYD Seal DM-i) و(Xiaomi SU7)، وكلها أسماء صارت تتحرك بخفة داخل المشهد العالمي كما لو كانت موجات صينية تندفع نحو شواطئ أوروبا.

لكن الذروة لا تكمن في المظهر فقط، فهناك نسخة (Brabus) بقوة 646 حصاناً، تمثل الوجه المتوحش لهذا الطراز الذي لم تكن Smart يوماً معروفة به.

صورة مموّهة لطراز Smart #2 الجديد، خليفة Fortwo، خلال اختبارات الطريق، حيث تظهر الأبعاد الصغيرة والهوية الحضرية التي ترتكز عليها استراتيجية Smart في أوروبا.

#2 حين تُبعث Fortwo بروح جديدة

على الطرف الآخر من عالم (Smart)، تولد قصة مختلفة، صغيرة، رشيقة. ذات مقعدين فقط. إنها 2#، خليفة Fortwo الأيقونية، والتي بدأت بالفعل اختبارات الطريق قبل وصولها في 2026. لكن الجديد هنا لا يكمن في مجرد سيارة صغيرة، بل في منصة ECA الجديدة، المطوّرة، وللمرة الأولى، بتعاون هندسي بين جيلي ومرسيدس-بنز.

وكأن العلامة تقول: «حتى الطفل يحتاج إلى عائلة قوية كي يعود إلى المدينة بثقة أكبر». الصور الأولى لا تكشف شكلاً نهائياً، لكنها تؤكد أن الأبعاد ستبقى قريبة جداً من (Fortwo) السابقة. وهو قرار يعكس إيمان (Smart) بأن هوية السيارة لا تُمسّ: عجلات عند الأطراف. مقعدان فقط. ودفع خلفي يعطي السائق إحساساً بأن السيارة تلتف حول رغباته لا حول الشارع فقط.

لكن وراء الكواليس، يتحدث الرئيس التنفيذي للشركة، ديرك أدلمان، بصراحة نادرة في هذا القطاع: «تطوير منصة بهذا الحجم مكلف جداً نحتاج لاقتصاديات الحجم». وبمعنى آخر 2# لن تكون وحيدة، وربما نرى شقيقة أكبر، وربما عودة Forfour. وما يضيف بعض الإثارة أن المنصة تدعم إمكانية الدفع ثنائي المحركات، ما يعني أن (Smart)، تلك الصبية الصغيرة، قد تمتلك يوماً عضلات غير متوقعة.

نظام TPMS.. الحارس الصامت لإطارات سيارتك ومتى يستحق الاستبدال

مقارنة بين خطّين وتحليل اقتصادي للسياق العالمي

حين ننظر إلى 6# و2#، تبدو (Smart) وكأنها تتحرك في اتجاهين متعاكسين، لكن الحقيقة أعمق من ذلك. إنها تتحرك حيث يتحرك السوق. لماذا سيدان كبيرة الآن؟ تشير أرقام المبيعات في الصين إلى أن فئة السيدان الكهربائية أصبحت ساحة المنافسة الأهم بين صانعي السيارات الجدد والصاعدين. أسماء مثل (BYD) و(Xiaomi) و(Zeekr) أصبحت تضغط على الشركات الأوروبية، فيما تبحث مرسيدس وجيلي عن موطئ قدم قوي داخل أكبر سوق سيارات في العالم.

#6 ليست مجرد سيارة، إنها استثمار في إعادة تموضع العلامة داخل سوق صيني يميل إلى السيدان الديناميكية التي توازن بين السعر، والكهرباء، والقوة.

ولماذا سيارة مدينة صغيرة في أوروبا؟ المدن الأوروبية تتحول بسرعة نحو تشديد قوانين الانبعاثات، وتقليص المساحات، وفرض رسوم على السيارات الكبيرة. وهنا، تصبح 2# ورقة رابحة، سيارة صغيرة، كهربائية بالكامل، بدورة التفاف ضيقة، قادرة على شقّ طريقها داخل الأزقة كما لو كانت «سمكة فضية تسبح بين الشعب المرجانية».

باختصار:

#6 تستهدف الصين والعالم الواسع.

#2 تستهدف أوروبا والمدن المزدحمة.

إنه توزيع ذكي للمخاطر واستثمار طويل الأمد في تنويع الهوية.

كورفيت ZR1X النادرة من شيفروليه.. تحفة أميركية في عيد الـ250

Smart بين الماضي والمستقبل

تبدو (Smart) اليوم كمن يمشي بخطى ثابتة فوق حبل ممتد بين ناطحتين. من جهة، تحافظ على جوهرها: السيارات الصغيرة، البسيطة، الرشيقة. ومن جهة أخرى، تجرب أجنحة جديدة، تطمح من خلالها إلى الوقوف على نفس المنصة التي تقف عليها الشركات العملاقة. النتيجة ليست مجرد طرازين جديدين. النتيجة هي إعادة تعريف للعلامة نفسها، بمنطق اقتصادي، وبحسٍّ عاطفي، وبأسلوب يجمع بين تراث «مرسيدس» ورؤية جيلي للمستقبل.

هذا المحتوى مقدم من إرم بزنس