د. ذياب بن سالم العبري. علاقاتنا تحت أوامر الشاشات الكفية

د. ذياب بن سالم العبري

في مساءٍ واحد تتكرّر الصورة في بيوت كثيرة عندنا: الأب مشغول بهاتفه «يتابع الأخبار»، الأم تردّ على رسائل المجموعة، الأبناء بين لعبة إلكترونية ومقطع قصير، التلفاز يعمل في الخلفية، والمجلس ممتلئ بالكراسي وفارغ من الحديث!

هنا يبرز سؤال هادئ لكنه عميق: هل تحوّلت علاقاتُنا فعلًا إلى علاقات «رقمية» محصورة خلف الشاشات الكفّية؟ وإلى أين يمكن أن نتّجه- كأسرٍ وأحياءٍ وأسواقٍ وسبلٍ ومزارع- إذا استمرّ هذا النمط من العيش؟

قبل سنوات ليست بعيدة، كان برنامج يومنا الاجتماعي واضحًا وبسيطًا: السبلة بيت اللقاء، والسوق ساحة السلام والأخبار، والمزرعة ميدان العمل المشترك والتعاون الجماعي بين الرجال والشباب.

في السبلة يجلس الكبار، يتحدّثون ويتشاورون، ويلتحق بهم الصغار ليتعلّموا أدب الجلوس ووزن الكلمة.

في السوق يمرّ الرجل صباحًا أو مساءً، يشتري ويبيع، يسلّم على هذا، ويسأل عن ذاك، فيعود إلى بيته وفي قلبه شعور بأنَّه رأى الناس واطمأن عليهم.

وفي المزارع، عند الفلج وبين النخيل، يجتمع الأقارب والجيران لإنجاز الأعمال الزراعية: تنظيف السواقي، وقطع السعف، وجني الرطب، فيتقاسمون التعب، وتزداد بينهم الألفة، وتُروى في الطريق حكايات لا تُنسى.

اليوم تغيّر المشهد كثيرًا؛ كثير من تلك الأدوار انتقل إلى شاشة الهاتف الكفّي.

نهنّئ في العيد برسالة جاهزة، نواسي في المصاب بتسجيل صوتي، نرتّب أعمالنا في «مجموعة» على تطبيق، نتابع أخبار السوق من خلال صورة، وأحوال المزارع من خلال مقطع قصير.

لم نعد نطرق الباب كما كنّا نفعل، ولم نعد نمرّ على دكان في السوق لمجرّد السلام، ولم نعد نخرج مع الأبناء إلى المزارع إلا على استحياء، وربما فقط لالتقاط صورة للذكرى.

أنا هنا لا أدعو للعودة إلى الماضي بحذافيره، ولا لإنكار نعمة هذه الوسائل الحديثة؛ فالهواتف الكفّية قرّبت المسافات، وفتحت باب العلم والمعرفة، وربطت الأسر الموزّعة بين المدن والدول. لكنها في المقابل، حين لا ننتبه، تسحب جزءًا من رصيد اللقاءات الحقيقية: مصافحة اليد، وابتسامة الوجه، وجلوس الناس جنبًا إلى جنب على الحصير أو تحت ظل نخلة أو عند دكان في السوق.

نلمس هذا التغيّر في تفاصيل يومية بسيطة: سائق يتفحّص هاتفه عند كل إشارة، ومعه أسرته في السيارة.

أبٌ يمرّر الشاشة يمينًا ويسارًا، وابنه إلى جواره يحاول أن يفتح حديثًا فلا يجد أذنًا صافية.

أمٌ تحاول أن توازن بين مسؤوليات البيت ورسائل المجموعات التي لا تنتهي.

شبابٌ يجلسون في المجلس أو على طرف المزرعة أو في مقهى، كل واحد منهم منحنٍ على شاشة صغيرة،.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من صحيفة الرؤية العمانية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من صحيفة الرؤية العمانية

منذ 43 دقيقة
منذ 45 دقيقة
منذ 39 دقيقة
منذ 36 دقيقة
منذ 12 ساعة
منذ 49 دقيقة
صحيفة الرؤية العمانية منذ 12 ساعة
صحيفة أثير الإلكترونية منذ 17 ساعة
صحيفة الشبيبة منذ 10 ساعات
إذاعة الوصال منذ 13 ساعة
هلا أف أم منذ 22 ساعة
صحيفة الرؤية العمانية منذ 12 ساعة
شؤون عُمانية منذ 17 ساعة
إذاعة الوصال منذ 14 ساعة