السردية الغائبة وصناعة رأي الجماهير

مادة إعلانيـــة لعل من أكثر القضايا تعقيدا في معرفة المجتمعات الحديثة هي محاولة تفكيك المزاج العام للجماهير، وفهم الكيفية التي يتشكل بها الرأي العام ويتحول إلى قوة ضاغطة ومؤثرة. فالجماهير ليست كيانا واحدا متجانسا، ولا تتحرك بدافع واحد أو وعي موحد، ومع ذلك نراها في لحظات معينة تتجه نحو موقف واحد، وكأنها تنطق بصوت جماعي واحد. هذا المشهد يفتح بابا واسعا للتساؤل حول ما إذا كان هذا التوحد ناتجا عن وعي جماعي طبيعي، أم نتيجة عملية إدارة وتوجيه غير مرئية. هذا التعقيد دفع العديد من المفكرين إلى التعامل مع الرأي العام بوصفه نتاجا لعمليات منظمة، لا مجرد انعكاس مباشر للواقع. فالإنسان لا يتعامل مع الأحداث كما هي، بل مع صور ذهنية مبسطة تتشكل في وعيه عبر الإعلام والخطاب السائد. هذه الصور لا تنشأ بالضرورة من الكذب، بل غالبا من إعادة ترتيب الحقيقة، واختيار زوايا محددة للعرض، وتكرار سرديات بعينها حتى تصبح بديهية وغير قابلة للنقاش. من هنا نفهم أن الانفجارات المفاجئة للغضب الجماهيري نادرا ما تكون وليدة لحظة واحدة. في كل مرة نشهد فيها موجة غضب عامة، نميل إلى تفسيرها كرد فعل طبيعي على حدث معين، وكأن الجماهير استيقظت فجأة على شعور واحد. هذا التفسير، رغم شيوعه، هو أخطر أشكال التبسيط، لأنه يعفي الفاعلين الحقيقيين من المساءلة، ويغيب السؤال الأهم: كيف تهيأ هذا الغضب؟ ومن الذي اختار توقيته وحدوده؟ الغضب العام لا يولد من فراغ، بل غالبا ما يكون نتيجة تراكم طويل من الرسائل، والتلميحات، والتضخيم، وعزل الأحداث عن سياقها الحقيقي. يتم تحضير الأرضية النفسية تدريجيا، حتى يصبح الجمهور مهيأ لتلقي حدث ما باعتباره دليلا على خلل شامل، لا مجرد واقعة جزئية. عندها يبدو الانفجار عفويا، بينما يكون في حقيقته لحظة محسوبة بعناية. هذا الأمر نجده جليا في السياق السوري، حيث تبدو هذه الظاهرة أكثر وضوحا. فرغم السعي نحو الاستقرار وإعادة ترميم الدولة والمجتمع، تظهر بين الحين والآخر محاولات لإعادة إنتاج الغضب والتوتر داخل الشارع. لا يتم ذلك دائما عبر أكاذيب صريحة، بل عبر تضخيم حوادث فردية، أو استدعاء ملفات قديمة في توقيتات حساسة، أو تقديم الواقع بلغة سوداء لا ترى إلا الفشل والانهيار. الهدف ليس المعالجة أو الإصلاح، بل إبقاء المجتمع في حالة استنزاف نفسي دائم. المشكلة الأكبر أن هذا الغضب.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من صحيفة الوطن السعودية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من صحيفة الوطن السعودية

منذ 8 ساعات
منذ 3 ساعات
منذ 8 ساعات
منذ 5 ساعات
منذ ساعتين
منذ 6 ساعات
صحيفة الشرق الأوسط منذ 5 ساعات
صحيفة سبق منذ 11 ساعة
صحيفة الشرق الأوسط منذ 14 ساعة
صحيفة عاجل منذ ساعة
صحيفة سبق منذ 10 ساعات
صحيفة الوطن السعودية منذ 4 ساعات
صحيفة الشرق الأوسط منذ 10 ساعات
صحيفة عاجل منذ ساعة