مغالطات تاريخية في رواية " مسرى الغرانيق"

قبل حديثنا عن رواية «مسرى الغرانيق في مدن العقيق» لأميمة الخميس، أجدها فرصة لتقديم «ابن سينا» مثالا على تأثير خطاب الاستشراق الطاغي في وعينا الثقافي والأدبي، ومثل هذا التأثير وقع في هيمنته على أدباء ومثقفين عرب كبار. فكثير من أطروحاتنا الأدبية والفكرية والنقدية تتأثر بشكل غير واعٍ بسرديات الاستشراق القائمة على ثنائيات من نوع (عقل/نص، شرق/غرب، كنيسة/ فيلسوف). ابن سينا متهم حقيقة بفتح الباب على مصراعيه للغيب والخرافة وتكريس حالة من الجمود في العقل الإسلامي، ومع ذلك يقدم في خطاب الاستشراق بوصفه فيلسوفا تنويريا وطبيبا عبقريا لا يشق له غبار، وحالة ابن سينا تعكس مدى تغلغل الاستشراق في وعينا ومثل هذا الصور النمطية المتخيلة التي يخلقها الاستشراق أشار لها إدوارد سعيد في كتابه «الاستشراق» وكشف الستار عما تضمره من تحيزات بعيدة عن الواقع التاريخي.

يمكن القول إن رواية الخميس كانت ضحية لسردية الاستشراق وثنائياته (غرب/شرق، فقه/فلسفة) ومقالنا اليوم لا يخرج كثيرا عما قلناه في المقال السابق، ولكن لأن الكاتبة طرحت فكرة رمزية وظفتها من خلال جماعة متشددة أطلقت عليها مسمى «راجلة الحنابلة»، وفي ظني أن هذا التوظيف الرمزي يحتاج مقالة مستقلة للحديث عن هذه الجماعة. وهي ــ حسب الرواية ــ جماعة غوغائية يتصفون بالحماسة الدينية والتدخل في الشأن العام ومقاومة الفلسفة والاعتزال، والاثنان ــ كما أشرنا في المقالة السابقة ــ رمز للتنوير والعقلانية.

وبما أن حديثنا اليوم يمس ثنائية (فقه/فلسفة) فلا بأس من الاستشهاد بمقولة شهيرة لمحمد عابد الجابري طرحها في كتابه «تكوين العقل العربي» وفيها يقول: «إذا جاز لنا أن نسمي الحضارة الإسلامية بأحد منتجاتها فإنه سيكون علينا أن نقول عنها إنها حضارة فقه، وذلك بنفس المعنى الذي ينطبق على الحضارة اليونانية حينما نقول عنها إنها حضارة فلسفة». ويمكن القول إن وجود الفلسفة في المجتمع العربي القديم يمكن تحديده بدقة في عقيدة محورية وهي عقيدة أزلية العالم أو قدم العالم، أي العالم الأبدي الحركة والذي لا نهاية له ولا بداية، لا يتغير ولا يتبدل ولا يحتاج إلى خالق، وهذا التصور الأرسطي لا يمكن أن يتفق أبدا مع التصور الإسلامي للألوهية، ومن هنا بدأ الصراع السياسي الفكري بين الفقه والفلسفة في المجتمع الإسلامي القديم.

ولأن الفلسفة في المجتمع الإسلامي تمثل معتقدات وأساطير شعوب دخلت الإسلام ولكنها بقت على وثنيتها القديمة، فكثير من المسائل الكلامية الشائكة والمناظرات العقدية كمسائل القدر وحرية الإرادة وصفات الخالق وأزلية الكون وعقائد الفيض الإلهي ووحدة الوجود، استمر تأثيرها في المجتمع الناشئ وفي المناظرات بين المسلمين والمسيحيين وبين أهل الحديث وأهل الفلسفة، وبسبب تمكن النص القرآني وقدرته.....

لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر "إقرأ على الموقع الرسمي" أدناه


هذا المحتوى مقدم من صحيفة الوطن السعودية

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من صحيفة الوطن السعودية

منذ 11 ساعة
منذ 7 ساعات
منذ 10 ساعات
منذ 10 ساعات
منذ 11 ساعة
منذ 11 ساعة
صحيفة سبق منذ 20 ساعة
صحيفة الشرق الأوسط منذ 14 ساعة
اليوم - السعودية منذ 8 ساعات
صحيفة عاجل منذ 4 ساعات
صحيفة سبق منذ 19 ساعة
صحيفة الوئام منذ 10 ساعات
صحيفة الشرق الأوسط منذ يوم
صحيفة عاجل منذ 10 ساعات