فوز يُدار بالعقل كيف حسم الرديف المغربي معركة نصف النهائي قبل صافرة النهاية

في كرة القدم، لا تُحسم المباريات الكبرى فقط بجودة الأسماء أو بريق المهارات، بل بقدرة الفريق على التفكير تحت الضغط. ما قدمه المنتخب المغربي الرديف أمام الإمارات في نصف نهائي كأس العرب يؤكد هذه القاعدة بوضوح: الانتصار كان ثمرة عقل جماعي يدير التفاصيل قبل أن يكون نتاج أقدام تُجيد التسجيل.

من السهل اختزال الفوز بثلاثة أهداف دون رد في تفوق بدني أو فني، لكن القراءة المتأنية للمباراة تكشف أن الحسم الحقيقي كان ذهنيًا. المنتخب المغربي دخل المواجهة وهو يدرك أن الإمارات ستراهن على الاندفاع ومحاولة خلط الأوراق، لذلك اختار طريق الصبر وضبط الإيقاع. لم يكن الهدف التسجيل المبكر بأي ثمن، بل التحكم في المساحات وإجبار الخصم على اللعب خارج منطقته المفضلة.

ما يُحسب لطارق السكتيوي ليس فقط اختياره للتشكيلة، بل إيمانه بأن المباراة تُربح على مراحل. حين ضغط المنتخب الإماراتي بكل ثقله، لم ينجرف المغاربة إلى مجاراة النسق العالي، بل تعاملوا مع اللحظة ببرودة أعصاب، قبل أن يوجهوا ضرباتهم في الوقت المناسب. هنا بالضبط يظهر الفارق بين فريق يبحث عن الفوز، وفريق يعرف كيف يصنعه.

الحديث عن التغييرات ليس تفصيلاً ثانويًا. ففي المباريات الإقصائية، يكون المدرب مطالبًا بأن يكون لاعبًا إضافيًا على دكة البدلاء. تدخلات السكتيوي عززت التوازن، ومنحت الفريق نفسًا جديدًا، وأغلقت الباب نهائيًا أمام أي أمل في العودة. وكأن المنتخب المغربي كان يقول لمنافسه: نمنحك الاستحواذ أحيانًا، لكننا نحتفظ بالمباراة دائمًا.

تصريحات اللاعبين بعد اللقاء تعكس بدورها نضجًا لافتًا. الإقرار بصعوبة المباراة رغم النتيجة الكبيرة يدل على فريق لا يعيش وهم التفوق المطلق، بل يعي أن كرة القدم تُخفي دائمًا مفاجآت لمن يستهين بها. هذا الوعي هو ما يجعل الانتصار خطوة في مسار، لا محطة نهائية للاحتفال.

الأهم في هذا التأهل أنه يعيد طرح سؤال أعمق: هل نحن أمام جيل رديف قادر على حمل فلسفة المنتخب الأول نفسها؟ المؤشرات إيجابية.

تنظيم، انضباط، وروح جماعية تجعل القميص الوطني فوق كل اعتبار. وإذا كان الوصول إلى النهائي إنجازًا في حد ذاته، فإن الرهان الحقيقي يبقى في القدرة على تحويل هذا النضج إلى لقب، دون التفريط في الهدوء الذي صنع الفارق حتى الآن.

في النهاية، ما فعله الرديف المغربي أمام الإمارات ليس مجرد عبور إلى النهائي، بل رسالة واضحة: في كرة القدم الحديثة، الذكاء لا يقل قيمة عن الموهبة، وأحيانًا يكون هو السلاح الحاسم.


هذا المحتوى مقدم من أشطاري 24

إقرأ على الموقع الرسمي


المزيد من أشطاري 24

منذ 3 ساعات
منذ ساعتين
منذ 3 ساعات
منذ 4 ساعات
منذ 3 ساعات
منذ 5 ساعات
أشطاري 24 منذ 5 ساعات
2M.ma منذ ساعتين
هسبريس منذ 3 ساعات
هسبريس منذ 4 ساعات
Le12.ma منذ 4 ساعات
هسبريس منذ 10 ساعات
هسبريس منذ ساعة
Le12.ma منذ 5 ساعات